العدد 5048 - السبت 02 يوليو 2016م الموافق 27 رمضان 1437هـ

مدفع الإمساك ينقذ البحرين من الدمار

حكايات رمضان البحرين قبل 75 عاماً...

قنبلة الحرب العالمية الثانية على البحرين
قنبلة الحرب العالمية الثانية على البحرين

أن تعيش في شهر رمضان وعند ما يحين وقت الإفطار، وبدلاً من أن تسمع صوت المدفع عند الإفطار، أو عند السحور لتمسك عن الطعام؛ تسمع أصوات الطائرات الحربية المقاتلة وهي تلقي عليك قنابلها! وأن تطالبك الحكومة بإطفاء جميع الأنوار، أو تخفيفها، في وقت لم تكن فيه المكيفات ولا أنواع المراوح الكهربائية كافة قد دخلت الخدمة في البيوت بعد. بالطبع، لا أحد يتصوَّر ونحن في شهر رمضان هذا العام، على رغم كل الظروف التي نعيشها اليوم، بأن أهل البحرين، أجدادنا وجداتنا، أمهاتنا وآباءنا، قد عاشوا قبل نحو 75 عاماً خلال شهر رمضان في مثل تلك الظروف غير العادية بكل معنى الكلمة، والتي لم تمر في حياتهم قط، ألا وهي الحرب العالمية الثانية. وما نقلته الصحافة حينها أصبح اليوم من زمن الحكايات، ولكن حينها كانت ظروفاً قاسية لا يتصورها بحريني اليوم.

فما هي الحكاية؟

وقت السحور وقبل أن تبزغ شمس يوم السبت ليوم 22 رمضان، من العام 1359هـ، (24-أكتوبر/ تشرين الأول-1940م)، سمع بعض الناس فرقعة في الفضاء ظنوها مدفع الإمساك حينها. ولكن بعض العمال من أهالي القرى القريبة من مصفاة تكرير النفط، كانوا قد شاهدوا وميضاً يلمع في السماء يشبه الانفجار على بعد نصف ميل في البر القريب من المصفاة، فأبلغوا رؤسائهم في الشركة بالأمر. وعلى الفور بدأ التحقيق، واكتشفوا بأن طائرة أو أكثر إيطالية، قد ألقت نحو 40 قنبلة مكونة من أربع وحدات في كل وحدة عشر قنابل، ولحسن الحظ لم تنفجر منها وحدتان، ولم تسبب الأخريات أي ضررٍ يُذكر على المنطقة القريبة جداً من مصفاة النفط. والغريب في الأمر أن أهل البحرين القريبين من تلك النواحي دخلوا في نقاش وجدل عن مدى رؤيتهم للطائرة أو الطائرات، حتى سخر البعض ممن قال إنه رآها بأنه إنما رأي النجوم في كبد السماء!

وأصاب الناس هلع شديد بعد ذاك الحدث، ولم يعد وقت الإفطار أو السحور في رمضان أمراً عادياً ومبهجاً، بل مخيفاً مرعباً، يتسم بالترقب والحذر، وغصة اللقمة، والكدر.

ومع ذلك وكعادة أهل البحرين الظرفاء في أشد حالات الملمات؛ فقد استغربوا وتعجبوا كيف لطائرات تقطع مسافة 4500 كيلومتر، كما ادعت برلين الألمانية، أو 4500 ميل كما قالت إذاعة روما الإيطالية، بمجرد أن تصل لهدفها وهو جزر البحرين وسط الخليج، يستولي عليها الرعب والهلع، فتقذف قنابلها على غير هدى وهي في أعلى كبد السماء، من دون أن تجد أدني مقاومة أرضية، أو من طائرات بريطانية أو غيرها في سماء البحرين.

وعندما اكتشف الناس السر في ذلك، سادت النكتة والتندر بينهم، بل والضحك في الأسواق والمجالس الرمضانية أيضاً.

فمن غرائب الصدف أن وصول الطائرات تلك إلى سماء البحرين صادف وقت انتهاء السحور، وإذا بمدفعي الإمساك في المنامة والمحرق قد انطلقا سوياً من أرض البحرين نحو السماء، فظن من في تلك الطائرات، كما يبدو، بأن هناك مقاومات أرضية من الجيش البريطاني تطلق عليهم مدافعها، فألقوا بحمولتهم كيفما شاء الوضع ولاذوا بالفرار!

وصدر في اليوم التالي لهذه الإغارة الحربية على البحرين في شهر رمضان، أصدرت القيادة الإيطالية بلاغاً حربياً يذكر بأن: «الطائرات الإيطالية المظفرة، هاجمت جزر البحرين التي هي من الممتلكات البريطانية، فأشعلت النار في صهاريج البترول وفجرت أنابيبه فتعالى اللهب إلى عنان السماء، ولم تغادرها حتى تركتها ركاماً من الحطام». وهذا يعطينا نوعاً من الإعلام الحربي المضلل والخادع للناس خارج البحرين الذين لا يعلمون بالحقيقة، ولكن أهل البحرين ضحكوا كثيراً عند سماع هذا الخبر. وزيادة في هذه النكتة، أن إذاعة برلين العربية كررت إذاعة الخبر ذاته أكثر من مرة على اعتبار أنه حقيقة مُسلم بها. وزادت عليه بعض البهارات الرمضانية الشهية حين قالت: «إنه قد ثبت الآن أن الطائرات الإيطالية وهي تحلق في سماء البحرين أبصرت بارجتين بريطانيتين راسيتين في القاعدة البحرية فصبت عليهما قنابلها وأغرقتهما معاً».

وعلى إثر هذه الحادثة صدرت عدة بيانات عن الحكومة، كما كان لها ردود فعل واسعة في الوطن العربي وفي العالم. ومنها أن اللورد (أثلون) وهو أخ الملكة (ماري) البريطانية، سمع بخبر هذه الإغارة الجوية الإيطالية على البحرين، فأرسل برقية مستعجلة إلى البحرين هذا مفادها: «صاحب العظمة الشيخ السر حمد بن عيسى آل خليفة

المنامة - جزيرة العرب

لقد ساءني جداً سماع خبر الغارة الخبيثة على جزيرة البحرين وأسأل الله أن يحفظ سموكم ورعاياكم.

صديقكم

اثلون

أوتاوا 23 أكتوبر 1940م».

ولم تتأخر سلطات الحماية البريطانية عن ردة الفعل على تلك الإغارة الإيطالية من معسكر المحور ضد البحرين، فجرت الاستعدادات لمقاومة الغارات بالمدافع المضادة للطائرات المقاتلة. كما صدر إعلان رسمي لعموم الناس في البحرين في شهر رمضان يقضي بإجراء نظام إطفاء الأنوار وتلوين مصابيح السيارات، وتم نشره في جريدة البحرين. وتم الطلب من الجمهور بالتعاون التام مع الحكومة فيما تتخذه من التدابير لسلامة وصيانة الوطن.

وبقيت هذه الإجراءات والقلق والترقب للغارات الجوية من دول المحور على جزر البحرين، مستمرة للعام 1942م، حيث تم تشكيل هيئة حكومية أُطلق عليها «الهيئة المؤلفة ضد الغارات الجوية»، قامت بإجراء تمرين ضد الغارات الجوية ليلة الثلثاء 10 رمضان للعام 1361هـ، (21 سبتمبر/ أيلول 1942م) في مدينتي المنامة والمحرق. وقد أُنذر الشعب قبل التمرين بواسطة الإذاعة والنشرات، وطُلب منه إطفاء جميع الأنوار وتوقيف حركة مرور السيارات، واللجوء إلى الخنادق والبيوت حين سماع إطلاق صفارات الإنذار. وفعلاً قد خلت الشوارع في ذلك اليوم من المارة والحركة. وقُطعت القوة الكهربائية من ماكينة الكهرباء من جميع المحلات، عدا المستشفيات والتلغراف وبعض المواقع العسكرية البريطانية. وقد اشتركت الشرطة، والنواطير، وموظفو المستشفيات، وفرقة الإطفاء في هذا التمرين، كما تذكر أخبار تلك الليلة الرمضانية.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 9:07 ص

      البحرين الحمد لله الله حفظها

    • زائر 8 | 4:31 م

      يصلح سيناريو حق فلم طفاش القادم .. فكرة حلوة الطفشي وجسوم

    • زائر 6 | 2:38 ص

      فلم اكشن
      اتمنى تمثيله

    • زائر 5 | 4:07 ص

      الله يرحمك يا الوالد كان يشتغل في بابكو ونفس السنة الي هجمت الطائرات كان هو موجود على الزام

    • Ammar | 3:53 ص

      حسيت الخبر من مسلسل سعدون !
      أيام جميلة :)

    • زائر 7 Ammar | 2:48 ص

      ههههه بالضبط واني اقرى اتخيل مقاطع من مسلسل سعدون

    • زائر 1 | 11:36 م

      ولد البلاد

      ولله زمن ايام الطيبين 75سنه كيف كانت البحرين 30سنه كل شيء تغير فكيف كان قبل 75سنه

اقرأ ايضاً