تعتبر ليلة الحادي والعشرين من رمضان من كل عام تتويجاً لثلاثة أيام من الحزن البالغ لاستشهاد الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وكنت إلى جانب الكثير ممن احتفوا في أجواء حزينة بهذه المناسبة الأليمة في تاريخ المسلمين، حيث أباح التكفيري عبدالرحمن بن ملجم المرادي لنفسه اغتيال الإمام وخليفة المسلمين الرابع على بن أبي طالب وهو يصلي في محراب جامع الكوفة في ليلة التاسع عشر من رمضان 40 هـ. وقد سبق أن اغتيل أيضاً الخليفة الثاني عمر بن الخطاب والخليفة الثالث عثمان بن عفان (رضي الله عنهما)، ومن حينها تكرست في الثقافة الإسلامية والممارسة الإسلامية ظاهرة اغتيال المختلفين أو الخصوم.
ولقد كتب الكثير عن هذه الظاهرة. لكن ما أودُّ أن أشير إليه، هو ظاهرة اقتصار الاحتفاء بمناسبات أهل البيت سواء في ذكرى الميلاد أو الوفاة أو الشهادة على المسلمين الشيعة فقط، مع بعض التعاطف من باقي المسلمين أحياناً وفي بعض البلدان والمجتمعات المنفتحة، وغياب ذلك عن الاحتفاء من قبل أتباع باقي الأديان والمجتمعات الإنسانية الأخرى.
ولا جدال في أن أخلاق ومناقب وسير ومعاناة أهل البيت الى جانب الصحابة الأوائل، هي نبراس ليس للشيعة وحدهم ولكن لكل المسلمين، ولكل أتباع الديانات الأخرى ولكل البشرية. ولقد ألف ابن أبي الحديد مثلاً (ولم يكن شيعياً) شرح نهج البلاغة للإمام علي، وكتب جورج جرداق المسيحي اللبناني سيرة الإمام علي «على صوت العدالة الإنسانية»، وكتب الفرنسي العلماني الكاتب جوزيف لوبان بالإعجاب عن الإمام علي، وألف الكاتب المصري عبدالرحمن الشرقاوي مسرحية كربلاء البطولة والمأساة، وكثيرون من المنصفين من مفكرين ومؤلفين وأكاديميين كتبوا عن أهل البيت، لكن ذلك لم ينعكس على المستوى الجماهيري في إحياء ذكرى أهل البيت من قبل الجميع، واقتصاره على الشيعة ويا للأسف، بينما يحيي الشيعة ذكرى استشهاد النبي يحيى مثلاً ووفاة السيدة مريم العذراء، وميلاد السيد المسيح.
وأذكر أثناء دراستي في الجامعة الأميركية في بيروت أنه كان يقام مهرجان خطابي في الكلية العاملية احتفاءً بالعاشر من محرم، ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وأهله وصحبه، حيث تلقى كلمات من قبل رجال دين وأفندية شيعة وسنة ومسيحيين، وذلك في احتفاء إنساني رائع ما أحوجنا إليه. هذه المفارقة مع ما هو سائد اليوم من اقتصار الاحتفاء على الشيعة بل وفتاوى تكفير ذلك أو على الأقل تسقيطه والتضييق عليه يطرح علينا سؤالاً، هو لماذا ذلك؟
ليس عندي جواب شافٍ، ولكن الجميع مخطئ ومسئول. غالبية الشيعة مسئولون في الدرجة الأولى لاعتبارهم أن أهل البيت يخصونهم فقط، وغالبية المسلمين غير الشيعة مسئولون باعتبارهم أهل البيت شأناً لا يخصهم، ويقفون متفرجين في أحسن الأحوال. والنُّخب المثقفة ومن أتباع الديانات الأخرى، والمجتمع البشري الأوسع مسئولون أيضاً، فالإمام علي وأهل البيت منارات للبشرية جمعاء وبعضهم دوَّن ذلك في مؤلفاته.
كما أن الطريقة التي يحتفى بها في المناسبات الحزينة لأهل البيت بالوفاة أم الاستشهاد أو غيرهما يغلب عليها طابع سردها كمأساة مع ما يصاحب الطريقة التقليدية المعروفة، وهذا ينفر بعض الشيعة فكيف بباقي المسلمين وغير المسلمين... ليس مطلوباً منع هذا الطابع المأساوي قسراً، فذلك انتهاك لحرية العقيدة وطقوسها، لكن المطلوب حركة تنوير في أوساط الشيعة أولاً والمسلمين ثانياً والبشرية ثالثاً، بأن الاحتفاء بالإمام علي هو احتفاء بقيم إنسانية بشر بها ومارسها أهل البيت، وأن يكون الاحتفاء بطريقة حضارية تجمع ولا تفرق، تعطي الأمل ولا تغرقنا في اليأس، تشيع الحب الإنساني وليس الكراهية. فهل من مجيب؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 5045 - الأربعاء 29 يونيو 2016م الموافق 24 رمضان 1437هـ
أتفق مع صاحب المقال التغيير في الاحتفاء مطلوب بطريقة حضارية تجعلنا منفتحين على الجميع بأسلوب حضاري بعيداً عن الأسلوب التقليد الذي لا يعطي صاحب الحق حقه في وصول رسالته لجميع المسلمين وغير المسلمين حيث إن أهداف أهل البيت عليهم السلام إنارة الطريق إلى جميع الأمة الإسلامية وغير الإسلامية للوصول إلى طريق الحق
آخر فقره ،،ياريت الناس تفتح عقولها ،،،لان الوضع صدق ينفر،،
أهل البيت
على ذكر أهل البيت ومحبتهم يقولون انهم يحبون أهل البيت وأنهم منهم ولكن إذ ترى مقالتهم تكفير وسب وشتم لكل موالي لأهل البيت كافة فاي حب يكنه ذلك التكفيريون.
مقال رائع ، حب أهل البيت يجمع كل المسلمين ........ ، فما زالوا يكنون العداء لأهل البيت.
اخ لو يطبق عدالة علي عليه السلام شان الدنيا بخير لاكن الاشرار اتخدو الشر ويه المعامله ويه شعوبهم المشتكى لله والسلام عليك ياعلي وعلى اولادك
شكرا للمقال يعني قضيه حب ال البيت لا احد منع الاخرين من الاحتفال بهم وكل على طريقته والشيعه من اول المرحبين بهذه الخطوه ولكن القضيه الكبرى من يدعي حب ال البيت ويكره شيعتهم ويكفرهم
لماذا الاصرار على الاحتفال بالمناسبات الحزينة وكونها الزامية على كافة المسلمين؟ فقد تحولت الرزنامة الجعفرية الى سلسلة طويلة من ايام العزاء التي افقدت الحزن معناه
على فكرة : هناك من يدافع عن قتلة في التاريخ !
لا يصح الا الصحيح
في آخر المطاف سيتحتم على العالم كل العالم العودة الى الامام علي عليه السلام
صدقت لأن الامام علي قسيم الجنة والنار كما قال رسول الله , وخلقت النار لمبغضي علي سلام الله عليه . اللهم صل على محمد وآل محمد .
أين الثرى من الثرياء
نعم اتفق جملة مع معك .. سيدي الكريم
يمكن ذلك اذا ارتقينا الى مرتبة الامام عليه السلام في كلمته السامية ( اما اخ لك في الدين واما نظير لك في الخلق ) . تجسيد هذه الحقيقة في تعاملنا وافعالنا وكلماتنا وفكرنا ... سوف يثمر ، سوف ينتج ويعطي ..