عزيزي المتقاعد ،،،

تجد لديك متسعاً من الوقت وترغب في القيام بما يُملي عليك الوقت بالمنفعة؟ هل فكرت يوماً في توجيه مؤشر بوصلة حياتك بعد التقاعد تحديداً نحو التمتع بأسلوب حياة صحي؟ وهل شرعتَ في مزاولة نشاط بدني يُكسبُكَ اللياقة والخفة؟

إن لم تكن أنت، فلربما قريب أو صديق أو جار..

قصص ما بعد التقاعد.. أو رياضة بعد التقاعد، هي حكايا نسردها هُنا لأشخاص احترموا أجسامهم بكل حب وصاغوا أنماط حياتهم الخضراء فباتوا أمثالاً يُحتذى بها وصوراً لسمو حب الحياة في دواخلهم الذي يزدهر فتزدهر به أيامهم.

قصص بين زوايا المضمار، أو بين أروقة المسبح ومشاهد فوق دراجة نارية وأخرى داخل غواصة مائية.. حكايا سردها أصحابها هاهُنا، أترككم مع جمالها.

البقلاوة: حب الفروسية

حسّن صحتي

رمزي البقلاوة (52 عاماً) يمارس الفروسية وركوب الخيل منذ سن مبكرة وقد زاد نشاطه بعد التقاعد (متقاعد منذ 4 سنوات). ويقول بإن البيئة المحيطة منذ الصغر فتحت عيناه على حب الخيل حيث كانوا يملكون حينها حظيرة كما وإن عمي نفسه كان مولعاً بالفروسية، هذه النشأة خلقت عندي ميلاً واضحاً وقوياً تجاه الخيل. البقلاوة لم يكتفِ بالفروسية كهواية وإنما عززها بالدراسة فهو يمتلك شهادات في هذا المجال من بريطانيا واليابان إضافة إلى البحرين.

الدراسة علقت العلاقة بين البقلاوة والفروسية لمدة 3 سنوات، وكانت عودته بعدها حميدة بافتتاحه إسطبل النسور (1986 – 1994) المتخصص في قفز الحواجز ليغلقه ويصبح بعدها عضواً مكملاً في لجنة المعتمدين في نادي الفروسية.

وحين سؤاله عن أهم إيجابيات ممارسة رياضة الفروسية على الصعيد الصحي، قال البقلاوة: «في سبيل الصحة حبينا هالرياضة لأنها مو بس فروسية لكن يرافقها مشي جري وهرولة، أبسط مثال نمسك الخيل ونمشي وياها ونسووي مسابقات تمنحنا لياقة أكثر ناهيك عن إن الاهتمام بالخيل يعني إنك منذ الصباح تسوي رياضة ليوم كامل وهذا بالطبع يمنحك فوائد كتنشيط الدورة الدموية، التخلص من الدهون وتمرين عضلات الظهر والبطن». البقلاوة يدعو من وصل سن الأربعين بضرورة أن يمارس نشاطاً بدنياً باستمرار للحفاظ على جسمه وصحته.

الفارس البقلاوة يتبع نظاماً غذائياً صحيأً ليعزز الفوائد المكتسبة من رياضة الفروسية، فهو ممتنع نهائياً عن اللحوم الحمراء والدهون مع التركيز أكثر على الخضار والفواكه والسلطات والشوربات كما إنه يفضل صدر الدجاج المسلوق ويعتبرها وجبة لذيذة خصوصاً إذا ما رافقها الحساء أو المرقة. ويشدد أيضا على ضرورة تناوله لوجبة غذاء خفيفة في حوالي الساعة 12:30 يومياً وعلى أن يسبق العشاء وقت نومه بثلاث ساعات على الأقل.

البقلاوة بعد التقاعد سعيد ومستمع بالحياة فهو يقضي وقتاً أطول مع أسرته كما وافتتح مشروعا خاصا مع صديقه ويمارس الفروسية أكثر مما ذي قبل. وختم حديثه بقوله الحياة حلوة تمسك بها لآخر رمق .. تفاءل واستمتع بجمال الطبيعة من حولك.

طارش: يمشي في سفره

صالح طارش يمارس رياضة المشي قبل التقاعد (تقاعد في العام 2010) ومازال مستمراً، فهو يفضل المشي في أماكن مغلقة باردة مثل المجمعات التجارية خصوصاً في الفترة الصباحية وهو يقضي من النصف إلى ثلاثة أرباع الساعة مشياً بمعدل 4 مرات في الأسبوع. لم ينقطع طارش عن المشي ولكن بعض ظروف العمل تضطره للتوقف أحياناً.

ولعل عشقه للأسفار يشبع حاجته في ممارسة المشي بصورة أكبر قاطعاً مسافات طويلة سيراً على الأقدام مكتشفاً مما حوله ومزاولاً لنشاطه البدني الأثير في آن واحد. ويستطرد طارش في تعداد ايجابيات هذه الرياضة فيقول: «المشي يجعلك في صحة دائمة ويفتح الشهية، تحب تاكل وحتى التفكير يتأثر بشكل إيجابي وتصير عندك رحابة صدر وبال ومزاج ويفتح لك علاقات جديدة ويخلي عندك جانب اجتماعي مهم في شخصيتك». ودلل: «مثلاً تتعدد النقاشات وتتبادل الأفكار مع قروب المشي بينما نشرب كوفي أو عصير وهذا من شأنه توطيد الجانب الإجتماعي في تكويناتنا».

أما على الجانب الآخر فيلخص طارش السلبيات المترتبة إثر الانقطاع عن هذه الرياضة بقوله: «تحس شي متغيرعليك وتبدأ تعاني من آلام في المفاصل والظهر». لذا فهو حريص على الإلتزام برياضة المشي والتي يعتقد إنها تطيل متوسط العمر.

طارش يتبع نظاماً غذائياً صحياً يعزز الفوائد المكتسبة من ممارسة المشي، كأن يتجنب العزائم ومحاولة الاعتماد على الأكلات الخفيفة قليلة الدسومة والإنتظام في تناول الغذاء في ميقات يومي محدد. وينصح الناس صغاراً وكباراً بممارسة الرياضة التي تتناسب مع العمر وهو يرى بأن ممارسة المشي هي أفضل الرياضات التي من الممكن أن يعتمدها الكبار لإيجابياتها على مستوى تعزيز الجانب الإجتماعي للفرد وتنشيط الدورة الدموية.

كاظم: الرياضة دفء

العلاقات الاجتماعية

محمد كاظم (46 عاماً) وركوب الدراجة النارية (Motorcycle). بدأ ممارسة هذه الرياضة قبل التقاعد تحديداً منذ العام 2008 وحتى الآن. كاظم تقاعد مبكراً قبل 3 سنوات يحكي قصته الطريفة وراء اختياره واهتمامه برياضة ركوب الدراجة النارية حيث قال: «زوجتي - ولمعرفتها الشديدة بي - قد شجعتني كثيراً على اتخاذ ركوب الدراجة النارية كهواية للتفريج عن النفس. وقد تطلب الموضوع قرابة الــ 10 سنوات لإقناعي بذلك، وافقتُ أخيرا وقمتُ بشراء أول دراجة نارية لي».

يسترسل بعدها كاظم في وصفه لدراجته النارية: «كأن ما في إلا أنت في الشارع في كل مكان تقدر توقف، تمشي بحرية وطلاقة في الشارع، تشوف كل شي قدامك، تتحسس الأصوات من حولك ويضربك الهوا من كل صوب فتنتعش وأحسن شي إنك تقدر توقف عند الاشارة أول واحد».

ما يزيد على الــ 50 % من مشاوير كاظم يتممها على «الموتر سيكل» أغلبها في تخليص المعاملات في الدوائر الحكومية والتي عادة ما تكون مواقفها مكتظة ولا مجال لركن السيارة في مواقفها المخصصة لذلك فهو يفضل الدراجة النارية كوسيلة مواصلات لا تكترث بإزدحام المواقف كما إن هذه الرياضة لا تستخدم أقدامك فقط لكنها تتعدى ذلك حتى كأنك تمرن نفسيتك وتصلحها.

«بالموتر سيكل» تقطع مسافات بين الأحياء السكنية وتصادف المارة من الأولاد في الشارع وهذا يجعلك شخصية مميزة، فهم يتوددون إليك كلما يرونك «خذنا وياك، بنروح هناك» مما يقربك من الناس والمحيطين بك وهذا تعزيز للجانب الإجتماعي في شخصية راكب الدراجة النارية.

بكل حب يحكيها محمد: «الدراجة النارية .. حينما تتحول الهواية إلى رسالة إنسانية، رسالة اجتماعية وطنية توعوية بالسلامة المرورية والأمن في الطريق وسلامة المشاة العابرون». وعند سؤالي إياه عن أهم ايجابيات هذا النوع من الرياضات شدد على أهميتها في تعزيز الجانب الإجتماعي عند ممارسها. واستطرد: «تنتابك حالة اشتياق للعودة حال انقطاعك عنها، تشتاق لها لتخرجك من أجواء مشحونة لتمنحك يوم أفضل. حين تفقدها تفقد شيئاً ممتعاً حتى إن قدرتك على حفظ التوازن واللياقة البدنية قد تتلاشى تدريجياً. لهذه الرياضة مفعول عجيب فهي تهذب أخلاقنا لنتعامل بأسلوب راقي يبتعد عن الأنانية ويعتمد على الإيثار والوفاء والتحمل والصبر». ومن أجل المنفعة القصوى، ينتمي كاظم لنادي رياضي «جيم» ليعزز الفوائد الصحية المكتسبة.

كما تراوده فكرة باقتناء دراجة هوائية بدلاً عن النارية لبذل مجهود رياضي أكبر في قيادتها وبالتالي منفعتها الأكبر على صعيد الصحة العامة.

أحمدي: السباحة تفرغ الطاقة السلبية

سليمة أحمدي (47 عاماً) حينما شُخصت حالتها بألم في فقرات الرقبة (الديسك) نصحها الطبيب بممارسة رياضة السباحة كعلاج وللتخفيف من الضغط الواقع على فقرات الظهر جراء ممارسة رياضة المشي. سليمة المتقاعدة منذ سنتين لم تتخلَ عن رياضتها المفضلة إلا لسبب انشغالاتها الأسرية والحياتية وتتمنى بقوة أن يكون قرار عودتها سريعاً. تتحدث أحمدي واصفةً ايجابيات هذه الرياضة، فتقول: «الماي تفريغ للطاقة السلبية، يخليك تطلع اللي فيك لأن السباحة نفسها استرخاء وراحة».

اضافة إلى ولعها بالسباحة الحرة أدت حركات رياضة الايروبكس المائية عزز من استفادتها على صعيد صحتها وتقدم علاجها.

إلى جانب السباحة، اتبعت أحمدي نظاماً غذائيا اعتمد على الإلتزام والإنضباط، فكانت تفتتح يومها بشرب كأس ماء دافئ تتبعه 3 تمرات فقط ويليه كأس ماء دافئ آخر مُحلى بالعسل الطبيعي والزنجبيل. وجبة الإفطار خفيفة قوامها الخبز الأسمر والبيض المسلوق أو المقلي أحياناً، أما وجبة الغذاء اعتمدت السلطة الخضراء المدعمة ببذور الكتان ووجبة العشاء فكانت ملغية.

اختتمت أحمدي حديثها بلهجة فيها التحدي ودعاء بأمنيات الرجوع لرياضة السباحة وسحرها. كما وجهت بدورها رسالة للموظفين والموظفات على حد سواء بتخصيص وقت لممارسة الرياضة وعدم التعذر بكثرة المسؤوليات والإنشغالات معللة ذلك بإن الإنسان نفسه مسؤول عن صحته وعليه ألا ينتظر ذلك من الآخرين.

أكبري: مواظب على الرياضة

يعتقد عبد النبي أكبري البالغ 50 عاماً أن الأنشطة البدنية تسهم في إطالة العمر مع يقينه الكبير بأن الأعمار بيد الله. ولكنه يؤكد على ضرورة اتباع أنماط صحية لتحسين جودة الحياة.

ويحب أكبري رياضة المشي. وقال: «واظبت على هذه الرياضة منذ حوالي 5 سنوات، ولم أنقطع عنها». وأرجع اختياره للمشي دون غيره من الرياضات الأخرى لأسباب على رأسها ما تنتجه من طاقة تنشط دورة التنفس، والدورة الدموية في الجسم. وفي رده على سؤال هل تسهم الرياضة في إطالة العمر، أجاب: «قطعاً، لكن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى».

وقال أنه إلى جانب انتظامه في النشاط البدني يحرص على اتباع نمط غذائي صحي يبتعد فيه عن الملح والسكر والدقيق. وأشار على من يود الحفاظ على صحته بمزاولة النشاط البدني واتباع نظام غذائي صحي.