أسدل الستار على الحقبة الأكثر تألقاً في تاريخ المنتخب الإسباني لكرة القدم أمس الأول (الاثنين) على أرضية ملعب «دو فرانس» في العاصمة الفرنسية (باريس)، بعد خسارته صفر/ 2 أمام إيطاليا في دور الستة عشر من بطولة كأس أمم أوروبا «يورو 2016».
وبدأت فصول النهاية قبل عامين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، عندما أقصيت إسبانيا من دور المجموعات في مونديال 2014.
وفي تلك البطولة سقط المنتخب الإسباني بهدفين نظيفين أمام تشيلي، بعد أيام قليلة من اكتساح المنتخب الهولندي له 5/ 1 في المباراة الأولى، والآن جاء الدور على إيطاليا، التي تفوقت على أبناء المدير الفني فيسينتي دل بوسكي وعبرت إلى دور الثمانية من البطولة الأوروبية.
وقال مدافع المنتخب الإسباني جيرارد بيكيه: «أعتقد أن علينا أن نكون واقعيين، لا نتمتع بالمستوى الذي كنا عليه قبل سنوات عندما كنا أبطالاً لأوروبا وللعالم، المستوى مختلف، علينا أن نتقبل هذا الأمر وأن ننتقد أنفسنا حتى نصل في أفضل حال لمونديال روسيا».
ولم يتمكن أي فريق في عالم كرة القدم من الحصول على لقبين في بطولة كأس أمم أوروبا ولقب آخر في المونديال بشكل متتابع، حيث كانت إسبانيا صاحبة أسلوب اللعب الشهير «تيكي تاكا» هي الوحيدة، التي حققت هذا الإنجاز، مع لاعبيها، الذين كانوا يتسمون بقصر القامة مثل زافي هيرنانديز وأندريس انيستا ودافيد سيلفا، والذين نجحوا في بسط سيطرتهم على الكرة العالمية طوال أربع سنوات.
وحافظ دل بوسكي على أسلوب اللعب من لمسة واحدة، الذي بدأه المدرب المخضرم لويس أراغونيس مع المنتخب الإسباني العام 2008، ليحقق الفوز بمونديال 2010 بجنوب إفريقيا ثم بطولة كأس أمم أوروبا 2012.
ولكن هذه الميزة، التي كان يتمتع بها المنتخب الإسباني، والتي ضمنت تفوقه لفترة طويلة، تلاشت في مونديال البرازيل، بعد أن أصبح حامل اللقب هو المنتخب الأول، الذي يودع البطولة بعد مباراتين فقط في دور المجموعات.
وقال تشابي ألونسو عقب إخفاق المنتخب الإسباني في البرازيل: «لم نتمكن من الحفاظ على النهم».
وأعلن نجم وسط ميدان ريال مدريد السابق رحيله عن منتخب بلاده وتبعه في ذلك نجوم آخرون كانوا رمزاً للمنتخب الإسباني في تلك الحقبة المليئة بالانتصارات والإنجازات، مثل زافي هيرنانديز ودافيد فيا.
وقرر دل بوسكي بعد ذلك البقاء في منصبه، واستعاد فريقه عافيته بشكل كبير خلال التصفيات المؤهلة لبطولة كأس أمم أوروبا بفرنسا «يورو 2016»، إذ حقق تسعة انتصارات في عشر مباريات وهو الأمر، الذي لم يفلح أيضاً في إعادة الشغف لنفوس الجماهير، التي كانت لا تزال تنظر إلى منتخبها بعين الشك والارتياب.
وبدأت إسبانيا مشوارها في «يورو 2016» بمباراتين أمام جمهورية التشيك وتركيا لم يشكلا عقبة كبيرة وتمكنت من الفوز خلالهما، بيد أنها تعثرت مع أول مواجهة ضد فريق على مستوى فني أعلى، إذ سقطت في مباراتها الثالثة في دور المجموعات أمام كرواتيا بنتيجة 2/ 1، ثم اصطدمت بإيطاليا، التي تفوقت عليها في جميع النواحي، سواء التكتيكية أو البدنية أو فيما يتعلق بالثقة بالنفس.
وأضاف بيكيه، الذي بدا متأثراً كثيراً بهزيمة أمس الأول: «هناك ظروف كثيرة، ليس مستوى اللاعبين وحسب، لا ننفذ طريقة اللعب الخاصة بنا بشكل فعّال، يجب أن ننتفض بقوة، سواء على المستوى الجماعي أو في طريقة اللعب أو على المستوى الفني، لقد حان وقت النهوض والتفكير فيما هو أنفع للمنتخب في المستقبل».
وربما تطال هذه الصحوة وهذا الانتفاض، الذي يتحدث عنه بيكيه، بعض الثوابت داخل المنتخب الإسباني صاحب الإنجازات، مثل مدربه، الذي ترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام التكهنات حول مستقبله أو إيكر كاسياس الحارس المخضرم صاحب الـ 35 عاماً، الذي لم يعد أساسياً في تشكيلة الفريق أو اندريس انيستا (32 عاماً)، الذي بات يشعر بالرضا عن مسيرته الدولية بعد أن شارك في ثلاث بطولات لكأس العالم وثلاث بطولات لكأس أمم أوروبا.
ومن دون شك، وضعت الهزيمة أمام إيطاليا نهاية لحقبة سيطرة المنتخب الإسباني، وهي الهزيمة، التي جاءت بعد 10 سنين من الخروج الأخير لهذا الفريق من الأدوار الإقصائية لإحدى البطولات الدولية، عندما أزاحته فرنسا في هانوفر من دور الستة عشر بمونديال ألمانيا 2006.
ومرّت عشر سنوات منذ ذلك التاريخ، تُوِّج خلالها المنتخب الإسباني بلقبين في بطولة كأس أمم أوروبا ولقب آخر في بطولة كأس العالم، محافظاً على أسلوب لعب مميز ولكنه لم يعد مجدياً بعد الآن.
العدد 5044 - الثلثاء 28 يونيو 2016م الموافق 23 رمضان 1437هـ