ألغت دولة جنوب السودان الاحتفالات بعيد استقلالها الخامس في وقت تسعى لإنهاء حرب أهلية خلفت آلاف القتلى ودمرت الاقتصاد، على ما أعلنت الحكومة أمس الثلثاء (28 يونيو/ حزيران 2016).
وصرح وزير الإعلام مايكل ماكوي للصحافيين «قررنا ألا نحتفل بعيد الاستقلال في 9 يوليو/ تموز؛ لأننا لا نريد هذا القدر من الانفاق»، موضحاً «يجب أن ننفق القليل الذي نملكه على مسائل أخرى». وفي السنوات الأخيرة واظبت الحكومة على إجراء عروض عسكرية واحتفالات أخرى في هذه المناسبة، حتى في ذروة حرب أهلية تخللتها انتهاكات مروعة لحقوق الانسان، منها عمليات اغتصاب جماعي وإحراق قرى برمتها وأكل لحوم البشر.
لكن ماكوي أكد أن الاحتفالات لن تجرى هذا العام. ومن المقرر أن يخاطب الرئيس سالفا كير الامة في 9 يوليو/ تموز، بعد 5 سنوات على احتفال العالم بولادة دولة جنوب السودان مع انفصالها عن اعداء الماضي في السودان بعد عقود من النزاع.
غير أن الدولة الحديثة الولادة تعاني لضبط التضخم الحاد الناجم عن الحرب، والفساد المستشري والانهيار الوشيك لصناعة النفط، التي تعتمد عليها الحكومة إلى حد كبير في عائداتها من العملات الاجنبية.
تحدث صندوق النقد الدولي عن انهيار تام للاقتصاد مع تضخم حاد يناهز 300 في المئة وتدهور العملة بنسبة 90 في المئة هذا العام.
ففي وقت سابق من هذا الشهر، أفاد صندوق النقد أن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية المخصص لتغطية الواردات «نفد في غضون أيام»، فيما يتوقع أن يفوق عجز الحكومة 1.1 مليار دولار هذا العام أي نحو 25 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي. وأفاد دبلوماسيون أن جوبا اقترضت سيولة مقابل إنتاج نفطي مستقبلي، فيما أمر مجلس الأمن الدولي في مايو/ أيار بالتحقيق في دفق الأسلحة إلى البلاد وسط معلومات عن أنفاق مبالغ طائلة على تجهيز الجيش.
غرق جنوب السودان في حرب اهلية في ديسمبر/ كانون الأول 2013، لكن زعيم التمرد رياك مشار عاد في أبريل إلى العاصمة، في إطار اتفاق سلام، عين بموجبه مجدداً نائباً للرئيس لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع سلفاكير.
لكن المعارك متواصلة في عدة مناطق بين ميليشيات تتصارع على مصالح محلية ولا تعتبر نفسها معنية باتفاق السلام.
وقتل أكثر من 40 شخصاً في معارك في الأيام الماضية في غرب البلاد، وفق ما أعلنت الحكومة أمس، في الوقت الذي ندد فيه عاملون انسانيون بالظروف الصحية «الحرجة» لأكثر من 10 آلاف شخص فروا من المعارك.
وبحسب وزير الاعلام مايكل ماكوي فإن 39 مدنياً على الاقل و4 شرطيين قتلوا منذ الجمعة. وقال الوزير: «إنها الجثث التي وجدناها حتى الآن، لكن الحصيلة سترتفع على الارجح». واتهم جميع الاطراف بتنفيذ مجازر اتنية، وتجنيد وقتل الاطفال، وممارسة الاغتصاب والتعذيب وتهجير السكان على نطاق واسع، «لتطهير» مناطق كاملة من أعدائهم.
ومنذ اندلاعها، ادت الحرب الاهلية إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من مليونين، فيما يحتاج نحو 5 ملايين شخص الى مساعدات. في الاجمال تؤوي مخيمات الامم المتحدة في جنوب السودان اكثر من 160 الف مدني مقابل نحو 200 الف في أوج الحرب الأهلية الأخيرة.
في الأسبوع الماضي أكد الرئيس السابق لبوتسوانا فيستوس موغاي، الذي يراس لجنة مراقبة وتقييم اتفاق السلام الموقع في 26 أغسطس/ آب 2015، أن التقدم «المتوقع لم يتحقق»، وأنه «فيما سجل تحرك في مواقف الاطراف فلم يكن ذلك الا ليتباعدوا».
ولا يزال الطرفان مختلفين على مكان تمركز جنود كل من الجيشين، في مواقع معسكرات تخصص لتسليم الجنود الاسلحة، وكذلك على عدد الولايات.
ففي العام الماضي أمر سلفاكير بزيادة عدد الولايات 3 اضعاف ليبلغ 28 ولاية، ما يقوض دعامة رئيسية في اتفاقية تقاسم السلطة. وقال موغاي في 23 يونيو في تقرير لآخر تطورات اتفاق السلام «من الاهمية القصوى أن يتعهد الطرفان بوقف دائم لإطلاق النار، وان يلتزما به بلا أي تأخير».
وأضاف أن مراقبي وقف إطلاق النار منعوا تكراراً من القيام بعملهم، فيما لا يزال عاملو الوكالات الانسانية الذين يكافحون لدعم أكثر من 5 ملايين شخص بحاجة إلى مساعدة يتعرضون لهجوم مسلحين.
العدد 5044 - الثلثاء 28 يونيو 2016م الموافق 23 رمضان 1437هـ