ابتعد تنظيم "داعش" كثيراً عن تكتيكات التجنيد القديمة التي تستخدمها مجموعات مثل تنظيم القاعدة، وصار يستخدم أساليب هوليود ليدفع الشباب الغربيين للاعتقاد بأنهم يتألقون كنجوم في رحلة بطولية، ومجندوه يغلب عليهم الطبع النرجسي وهم مضطربون نفسيا، وأفضل نموذج لهم هو مهاجم أورلاندو عمر متين.
هذا ما قاله كاتبان بصحيفة وول ستريت جورنال، موضحين أن تنظيم "داعش" لا يأبه بتديّن مجنديه، وأن جوهر إستراتيجيته للتجنيد هو مخاطبة إحساس الشاب بذاته وليس إحساسه بواجبه تجاه ربه أو دينه أو مجتمعه، بحسب تقرير لموقع قناة "الجزيرة" اليوم الثلثاء (28 يونيو / حزيران 2016).
أضاف الكاتبان روبرت بيب ووالكر غاننغ في مقال مشترك لهما بالصحيفة أن التنظيم يقول لمجنديه الغربيين إنهم سيحصلون على الاعتراف بأشكال لم يعهدوها من قبل، وإن مواهبهم الخاصة ستجد الاهتمام الذي تستحقه، وإن القتال والموت من أجل تنظيم "داعش" سيجعل منهم أبطالاً.
ضالة التنظيم
وعلق الكاتبان بأن هذا النهج يجتذب الشباب النرجسيين، والناغمين، والمتضخمي الشعور بالذات، ويجعلهم يشعرون بالانتماء لتنظيم "داعش"، وفي نهاية الأمر يوافقون على أخذ "عتاد" التنظيم لتنفيذ أجندتهم الخاصة العنيفة.
وذكرا أن الكيفية التي يعمل بها هذا النهج حتى ينجح في استمالة وتجنيد الشباب الغربيين تكمن في أعمال الفيديو المتطورة، المعقدة والغنية التي ينتجها "مركز الحياة الإعلامي" التابع له. ووصف الكاتبان هذه الأعمال بأنها براقة وتتم كتابة نصوصها وتصميمها بعناية فائقة وبشكل يجتذب الغربيين.
وقالا إن أبرز هذه الفيديوهات هو فيديو "الغرباء... القلائل المختارون من مختلف بقاع الأرض"، وهو يتبع تقنية لكتابة السيناريو من 12 خطوة، وضعها لأول مرة أحد المنفذين بشركة ديزني، وهو أمر عادي بالنسبة لأي مولع بـ"حرب النجوم".
فيلم الغرباء
يحكي فيلم الغرباء عن بطل الفيلم الشاب أندريه بولين الذي يقرر إنهاء حياته السعيدة المترفة في كندا لتلبية نداء المغامرة، ويتعقب الفيلم رحلة بولين لدى وصوله إلى سورية وتغيير اسمه إلى أبو مسلم، ثم الانضمام لتنظيم "داعش" والموت وهو يقاتل في صفوف التنظيم.
وينتهي الفيلم بصوت بولين، وكأنه قادم من وراء القبر. ويعكس ذلك الصوت الهدوء والثقة اللذين يملآن نفس البطل والرضا التام باختياره وهو يحث الآخرين على تلبية النداء.
ووصف الكاتبان هذه الدعاية بأنها بعيدة تماما عن فيديوهات الشهداء للتنظيمات الأخرى المماثلة، وعلى سبيل المثال فيديوهات تنظيم القاعدة التي تصور الراحل أسامة بن لادن أو أيمن الظواهري وهما يقفان أمام خلفية ثابتة ويحدقان مباشرة في الكاميرا، ويستخدمان إطارا إسلاميا مباشرا وواضحا لاجتذاب الشباب.
فشل المواجهة
وقال الكاتبان إن جهود الولايات المتحدة لمكافحة تأثير دعاية تنظيم "داعش" باءت بالفشل. فقد أنتجت وزارة الخارجية الأميركية سلسلة فيديوهات ورسائل لشبكات التواصل الاجتماعي في حملة حصلت على ترويج واسع بعنوان "فكّر ثانية وراجع نفسك".
هذه الحملة التي حاولت تصوير تنظيم "داعش" باعتباره "غير إسلامي" سجلت، كما يقول الكاتبان، فشلا ذريعا وتعرضت للسخرية نظرا إلى أنها منحت التنظيم دون قصد منبرا أكبر. وأضافا أن اعتماد هذه الحملة على منطق رسائل تنظيم القاعدة كان خارج التاريخ.