لم يعد الأمر حلما وان تدرج في مراحله، بل بات حقيقة واضحة: منتخب أيسلندا يسطر انجازا كرويا جديدا فيطرد الانجليز من أوروبا ويعبر إلى ربع نهائي النهائيات، ثم يتوعد أصحاب الأرض في موقعة السبت المقبل في باريس.
كانت البداية بالتأهل التاريخي لمنتخب أيسلندا إلى نهائيات كأس أوروبا، على رغم القاعدة الصغيرة للاعبي كرة القدم في البلاد ويقدر عددهم بنحو 20 ألفا، في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 330 ألفا، ويعد الأصغر في تاريخ نهائيات كأس أوروبا.
تدرج الحلم ليصبح حقيقة ساطعة في البطولة، تعادل 1-1 مع برتغال كريستيانو رونالدو، ثم آخر أمام المجر بالنتيجة ذاتها، قبل الفوز التاريخي على النمسا 2-1 والتأهل إلى ثمن النهائي.
اعتبر كثيرون أن المغامرة الأيسلندية وصلت إلى نهايتها لان المنافس هذه المرة هو المنتخب الانجليزي صاحب الأسماء الرنانة والدوري الأشهر في العالم الذي "يتابعه الأيسلنديون منذ صغرهم"، لكن المفاجأة حصلت، بفوز أيسلندا على انجلترا 2-1.
دفعت انجلترا ثمن الإفراط بالثقة ما أدى إلى خسارتها المذلة وخروجها من البطولة، ولم يتأخر مدربها روي هودجسون في تقديم استقالته بعد أن كان يأمل بعبور أيسلندا على الأقل للبقاء حتى مونديال روسيا 2018.
نزهة مكلفة جدا - كان تعليق اللاعب الأيسلندي راغنار سيغوردسون واضحا جدا بقوله "ظنوا أنها ستكون نزهة في حديقة، ولكن كان لدينا ثقة بقدراتنا".
وسجل سيغوردسون هدف التعادل في الدقيقة السادسة، بعد دقيقتين فقط من تقدم انجلترا من ركلة جزاء عبر واين روني.
وتابع سيغوردسون "اعتقد بأنه ثاني أو ثالث هدف يسجل من رمية جانبية طويلة، أنها احد أسلحتنا التي نستعملها كثيرا، ولذلك ليس هناك مفاجأة".
وجاء هدف التعادل من رمية جانية على رأس كاري ارناسون الذي أرسلها باتجاه المرمى انسل لها سيغوردسون وتابعها "طائرة" في شباك جو هارت.
وأضاف كولابين سيغثورسون الهدف الثاني لأيسلندا في الدقيقة 18.
وأضاف سيغوردسون "لم نشعر أنهم خلقوا كثيرا من الفرص. كاين (هاري) حصل على فرصة بكرة رأسية مباشرة نحو حارسنا. كانت هناك كرات رأسية كثيرة بعيدة عن المرمى، وتسديدات من بعيد. لم أكن فعلا متوترا فعلا باستثناء الدقيقة الأخيرة".
وأوضح "بدأ منتخب انكلترا المباراة بقوة وسجل هدفا مبكرا، ولكن اعتقد بأنهم صدموا بهدف التعادل ومن ثم بهدف التقدم بعد ذلك، اعتقد بأنهم توتروا قليلا".
وختم قائلا "اعتقد بان منتخب انكلترا جيد بالتأكيد وحاول جاهدا، ولكن كما تعرفون ليس من السهل التسجيل في مرمى أيسلندا".
وتلعب أيسلندا في ربع النهائي مع فرنسا التي تأهلت على حساب جمهورية ايرلندا 2-1.
احتفال بالنصر الرائع - احتشد عشرات الآلاف خلف شاشة عملاقة في ريكيافيك لمتابعة المباراة حسب ما أورد التلفزيون الرسمي.
فمنذ الاستفتاء على الاستقلال العام 1944، لم يعرف هذا البلد (330 ألف نسمة) إلا نادرا فرصة الاحتفال بالانتصارات الوطنية. الانجاز الرياضي الأكبر قبل كأس أوروبا كان ميدالية فضية لمنتخب كرة اليد في دورة الألعاب الاولمبية في بكين 2008.
وجاء على موقع التلفزيون الرسمي الالكتروني "نصر لا يصدق لأيسلندا"، في حين عنونت صحيفة فريتابلاديد "أولادنا يعيدون انجلترا إلى البيت".
وكتب وزير الشئون الخارجية الأيسلندية على تويتر "لا توجد كلمات، فقط دموع وفرح".
وكتبت النائبة استا هلغادوتير على تويتر أيضا "انه البريكست الحقيقي"، في إشارة إلى تصويت الانجليز لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي قبل أيام، مضيفة "لقد هزمتهم انجلترا، مجددا".
وحضر الرئيس الأيسلندي الحالي اولافور راغنار غريمسون الذي يعرف عنه حبه الكبير لكرة القدم إلى ملعب اليانز ريفييرا في نيس لمتابعة المباراة من ارض الملعب، مع الرئيس المنتخب غودني يوهانيسون (انتخب السبت الماضي، وسيستلم مهامه في الأول من أغسطس/ آب) الشغوف باللعبة.
يوم لن ينسى - هيمير هالغريمسون المدرب المساعد والشريك للسويدي لارس لاغرباك في الوقت ذاته قال "كنت أكثر استرخاء من المباراة أمام النمسا. لو قال لي احد ما قبل أعوام أننا سنصل إلى ربع نهائي كأس أوروبا، فلم أكن لاصدق ذلك. لم يعد هناك أي عقبة اكبر من هذه بالنسبة إلى هؤلاء الرجال الآن".
وأشاد هالغريمسون بلاعبيه معتبرا أنهم عاشوا يوما "سيحدثونهم عنه طوال حياتهم"، وأمل "بحضور عدد اكبر من مشجعي بلاده إلى استاد دو فرانس في باريس (ضد فرنسا)"، ومضيفا بابتسامة "وللمباراة التي تليها أيضا بالتأكيد".
وحضر أكثر من 25 ألف أيسلندي إلى فرنسا لتشجيع منتخب بلادهم، وتابع قرابة 10 آلاف منهم المباريات من داخل الملعب.
ويبلغ عدد سكان أيسلندا نحو 330 ألف نسمة، وهي اصغر دولة من حيث عدد السكان تتأهل إلى نهائيات كأس أوروبا بعد أن أذهلت الجميع في التصفيات بفوزها على هولندا العريقة ذهابا وإيابا وساهمت بإبعادها عن البطولة للمرة الأولى منذ 1984.
وأضاف هالغريمسون "لقد حققنا تقدما من حيث السيطرة على الكرة، لم نحلل المباراة أمام انجلترا بعد ولكن اعتقد بأنها أفضل مباراة لنا، لم نواجه صعوبات كبيرة في الدفاع في حين أننا صنعنا الكثير من الفرص. اعتقد بأننا لم نظهر بعد ما نحن قادرون عليه، وسنقدم الأفضل في المباراة المقبلة".
ورفع المدرب المساعد الذي سيتولى المهمة بمفرده عقب النهائيات سقف التحدي بقوله "كما قلنا قبل البطولة، في حال كانت استعداداتنا جيدة وكان اللاعبون بمستواهم، فانه يمكننا الفوز على أي منتخب"، مضيفا "مباراة انكلترا ستغير حياة لاعبي أيسلندا، انه يوم سيحدثونهم عنه طوال حياتهم، ولدينا أيضا فرصة لإضافة يوم آخر في غضون أسبوع".
وتحدث عن مواجهة فرنسا قائلا "ستكون مباراة كبيرة، ولكن مع صبغة اقل من حبنا للكرة الانكليزية، ولعل مباراة انكلترا تعني الكثير لنا، إننا نتابع الكرة الانكليزية منذ صغرنا. بالنسبة إلى فرنسا، فأعتقد بأن ثقة اللاعبين بأنفسهم ستزداد بعد أن اجتازوا هذه العقبة".
وكان هالغريمسون قال عشية المباراة "نحن أمة صغيرة، لكنهم (الانجليز) لا يعرفون أسماء لاعبينا بينما نحن نعرفهم جميعا وسنهزمهم".
وبواقعية، اعتبر لاغرباك بدوره أن مواجهة فرنسا ستكون "اكبر" من لقاء انكلترا بقوله "بالنسبة لي مواجهة فرنسا هي اكبر بكثير من مواجهة انكلترا، لأنها في ربع النهائي ولأنها الدولة المضيفة، ولان المباراة ستقام في باريس المدينة التي أحبها كثيرا".
واعتبر اللاعب الأيسلندي كاري ارناسون أن منتخب بلاده حافظ على تنظيمه بقوله "حافظنا على تنظيمنا ودافعنا بشكل جيد، كنا نؤمن جميعنا بالفوز، ولكنها لم تكن حال الآخرين. يغمرني الفرح. مدربنا لم يسبق له أن خسر أمام انجلترا وقال لنا بالمواصلة على المنوال ذاته".
واعتبر أنها "من دون اشك اكبر نتيجة في تاريخ كرة القدم الأيسلندية"، مضيفا "لقد صدمنا العالم".