شهدت العقود الأخيرة تقدّماً كبيراً في الاكتشافات الدوائيّة من المصادر البحريّة، خصوصاً في مجال الأمراض المستعصيّة كالأورام والمسببات المرضيّة المقاومة للأدوية ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الثلثاء (21 يونيو / حزيران 2016).
وفي الآونة الأخيرة أيضاً، ازدادت البحوث عن علاقة الأدوية المتأتيّة من الكائنات البحريّة مع مجالات علميّة متنوّعة تشمل البيولوجيا والكيمياء الحيويّة والعضويّة. وكذلك تستحوذ الكائنات البحريّة كالطحالب والكائنات الإسفنجيّة والشعاب المرجانيّة على كثير من الاهتمام نتيجة لتنوعها الكبير وانتشارها الواسع في المحيطات التي تمثل 70 في المئة من سطح الكرة الأرضيّة.
وبصورة عامة، لاحظت مجموعة من العلماء أن الكائنات البحريّة فيها عدد من النظم الكيماويّة المناعيّة التي تعمل عبر مركبات طبيعيّة فاعلة. ولفتت إلى أنّ تلك المركّبات تحتفظ بامكاناتها المناعيّة على رغم اختلاطها بالماء عند إفرازاها في أجسام الكائنات البحريّة، ما يعني أنها مركبات قوية عالية الفاعلية بيولوجيّاً.
وبدراسة تلك المواد، اكتشف أنّ لها خصائص فريدة تتصل بتميّز الكائنات البحريّة نفسه. فبينما تتواجد تلك المواد لدى الكائنات التي تعيش على اليابسة في غدد مختصة بها، فإنها موجودة لدى الكائنات البحريّة في كل مكان من جسمها عملياً. ويبدو ذلك الانتشار مثيراً للدهشة لأن تلك الكائنات نفسها من المفترض أن تتضرّر في معظم الأحيان من وجود تلك المواد التي تتشابه تركيبتها مع بعض أنواع السموم.
وبالاسترجاع، يعتبر دواء «بريالت» Prialt أول منتج استخدم كدواء لمعالجة الألم، بعد أن أجازه «المكتب (الأميركي) للغذاء والدواء» في 2004. ويستخرج من أصداف بحريّة تسمّى «قونس ماغوس» Conus Magus، تحديداً من مادة تفرزها تلك الأصداف لحمايتها من أحد السموم السمكيّة.
وفي سياق مماثل، ظهر دواء الـ «ترابستدن» Trabectedin المستخدم في علاج السرطان. ويستخرج من أحد أنواع «قنديل البحر» يحمل تسمية «إيكتايناسكيديا توربيناتا» Ecteinascidia Turbinata.
وتشمل القائمة عينها دواء «هالافِن» Halaven الذي هو مرّكب كيماوي مصنوع ليكون موازياً لتركيبة مادة «هالكوندرين بي» Halichondria B المستخرجة من أحد أنواع الأسفنج البحري الذي أعطى اسمه لتلك المادة أيضاً. ومنذ العام 2010، يستخدم دواء «هالافِن» في علاج الورم الخبيث في الثدي. وفي مطلع العام الجاري، أجيز «هالافِن» في أميركا كجزء من علاج أحد السرطانات الشرسة يسمّى «ليبو ساركوما» Lipo Sarcoma.
التجربة المصريّة
ويركز العلماء بحوثهم حول ما يزيد على عشرة مركبات مستخرجة من الكائنات البحريّة اللافقاريّة، تحديداً من الفطريّات المتعايشة مع تلك الكائنات، مع الأمل باستخراج أدوية منها تفيد في علاج الأورام الخبيثة.
وفي مصر، تعمل في ذلك الحقل العلمي مجموعة بحثيّة يترأسها الدكتور أسامة حواس وتضم الدكتورة لمياء طه أبو القاسم، وهي أستاذة مساعدة في علوم العقاقير، والدكتورة إيمان فضل، وهي أستاذة مساعدة في قسم كيمياء الكائنات المجهريّة الدقيقة (مايكروبيولوجي Micro Biology)، والدكتور علي الحلواني، وهو أستاذ مساعد في علوم العقاقير. وتسعى المجموعة لاستخراج مواد جديدة لها خصائص علاجيّة تجعلها تصلح لأن تكون مضادات للجراثيم («أنتي بيوتيكس» Anti Biotics)، وأدوية لعلاج السرطان، وعقارات لعلاج التهاب الكبد الوبائي من النوع «سي» Infectious Hepatitis C.
وتتوقّع المجموعة أن تكون لتلك المواد أهمية كبيرة في الصناعات الدوائيّة في مصر، خصوصاً إذا استطاعت إثبات فاعليتها في علاج أمراض وبائيّة كالتهاب الكبد «سي» المنتشر في مصر، إضافة إلى إمكان استخدامها في صنع أدوية لعلاج الأورام بأسعار رخيصة، ما يقلل من الاعتماد على الأدوية المستوردة.
وفعليّاً، بدأت المجموعة البحثيّة تجميع بعض العيّنات البحريّة من الشواطئ المصريّة كالكائنات الاسفنجيّة والمرجانيّات الرخوة والطحالب البحريّة لعزل الفطريّات المتعايشة معها. ويتوقّع أن يعقب ذلك استنباط مستخلصات من تلك السلالات الفطرية، ثم إجراء بعض المقياسات الحيويّة كقياس التأثيرات المضادة للسرطان والميكروبات المُمْرِضَة وفيروس التهاب الكبد الوبائي من النوع «سي». واستناداً إلى تلك المقياسات الحيويّة، سيُصار إلى إدخال تحسين فيزيولوجي ووراثي للسلالات الفطريّة التي تعطي مواد فاعّلة دوائيّاً، ثم تنميتها على نطاق واسع.
اذا كان الاكتشاف من مصر ما اعتقد يوصلون الى اي حل .. مصر فيها اكثر من 16 مليون مريض كبد بصاب بفيروس السي
نفس سالفة جهاز الكوفتة!!!