تلقب ريودي جانيرو "بالمدينة الساحرة"، ولأنها ينطبق عليها الكثير من صفات هذا اللقب يتعذر على زوارها أن يرفضوه، وسواء نظر إليها الزائر من ناحية شواطئها النابضة بالحياة ذات الشهرة العالمية والممتدة في كوباكابانا وإيبانيما، أو من ناحية تمثال السيد المسيح الهائل الحجم الذي يعلو قمة جبل كوركوفادو البالغ ارتفاعه 700 متر والمطل على المدينة من عل، فإن هذه المدينة البرازيلية وهي تستعد لاستضافة دورة الألعاب الأوليمبية 2016، تعد مكانا يضم بين جنباته كل المعالم المفرطة في الروعة والجمال، على الرغم من وجود بعض الشوائب التي قد تعكر صفو الصورة هنا أو هناك.
وتستكين المدينة التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة وسط أحضان تلال تكسوها غابة مطيرة شبه استوائية من جانب، ومياه المحيط الأطلسي الفيروزية التي تميل للزرقة من جانب آخر، وتفصل التلال الجرانيتية المغطاة بالنباتات الخضراء الوارفة بين مختلف أحياء المدينة، وإلى جانب مجموعة من ناطحات السحاب يمكن بالطبع رؤية جبل بائو دي أكوكار ذي الشهرة العالمية والذي يعني اسمه بالبرتغالية "رغيف السكر" وهو يعلو شامخا على ارتفاع 220 مترا عند مصب خليج جوانابارا.
وإذا عن للزائر أن يتطلع للمنظر الشامل للمنطقة من فوق الجبل، فإن عينيه ستقعان مباشرة على حي الفنانين "سانتا تيريزا" الحافل بقاعات عرض الأعمال الفنية والمقاهي، وهنا يتواجد الفنانون البوهيميون من الرسامين والشعراء والموسيقيين الذين يتوجهون ليلا إلى حي "لابا" القديم للاستمتاع بأنغام السامبا والصلصا المتدفقة بالحيوية التي يعزفها الموسيقيون، وتم الآن إعادة اكتشاف هذه المنطقة مع مركز المدينة التاريخي المجاور بعد أن كانت تمثل مشكلة في السابق مع تزايد الجريمة فيها، وتم استثمار كثير من الأموال لتطويرها وتجديد المباني التي يعود تاريخها للعهد الاستعماري، وصارت المنطقة تتمتع بالأمن.
واستعدادا للأولمبياد يتم الآن ترميم "مجرى العيون المائي" المعروف باسم "أركوس دا لابا" وهو تصميم معماري من العهد الاستعماري عبارة عن مجرى لنقل المياه، ومع ذلك فإن بعض التحسينات التي شهدتها ريودي جانيرو تم تنفيذها استعدادا لاستضافة مباريات كاس العالم لكرة القدم العام 2014، وتم العمل على توسيع شبكة مترو الأنفاق والمطار.
وتم افتتاح خط سريع للحافلات العامة لربط عدد من الأحياء البعيدة مثل بارا دا تيجوكا حيث تقع القرية الأوليمبية على مسافة 56 كيلومترا من منطقة وسط مدينة ريودي جانيرو، وجاء هذا الخط السريع بمثابة إنقاذ إذ أن خط مترو الأنفاق الجديد الذي يتم تنفيذه بتكلفة 5ر2 مليار يورو - وهو مبلغ يعادل تقريبا ضعف التكلفة التي تم تقديرها في البداية - لن يتم الانتهاء من تنفيذه قبل افتتاح الدورة الأوليمبية.
وضخت البرازيل نحو عشرة مليارات يورو (11.3 مليار دولار) في إقامة وتطوير المنشآت الرياضية ومشروعات البنية التحتية في ريودي جانيرو، والهدف من ذلك هو تقديم صورة مثالية لهذه المدينة للعالم، غير أن الاقتصاد الوطني انهار منذ عامين، وتراجع معه حماس سكان المدينة لاستضافة الأولمبياد.
ويقول عمدة ريودي جانيرو إدواردو بايس إن "الأولمبياد يمثل فرصة لتطوير البنية التحتية للمدينة، وقمنا بتجديد كثير من الأحياء التي كانت تعاني من التدهور، وجعلناها جذابة للسياح والسكان على حد سواء".
غير أن البعض مثل الفنان جاو نيلي يرى جانبا سلبيا في عمليات التطوير، إذ يقول: "حقيقة أن كثيرا من الأحياء أصبحت أكثر جمالا وأمنا، ولكننا الآن لا نستطيع أن نتحمل زيادة الإيجارات"، ومع إقامة حدائق ومبان جديدة ظهر أيضا مضاربون على العقارات.