أكد استشاري الطب النفسي عضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة الملك خالد في السعودية موسى آل زعلة أن الغضب يعد من أكثر الانفعالات النفسية الشائعة في شهر رمضان، موضحاً أن البعض يجعل من الصيام حجة لعدم سيطرته على سلوكياته وألفاظه مع الآخرين، مما يسبب له الكثير من المتاعب ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الأحد (26 يونيو / حزيران 2016).
وقال: «أودع الله سبحانه وتعالى فينا الكثير من النعم لتسخيرها في مواجهة مختلف الظروف والتغيرات، ولكننا نملك القرار لتوظيفها بالوقت والظرف الصحيح، ومن هذه النعم نعمة الانفعالات بشكل عام مثل الغضب، والحزن، والحب، والفرح وغيرها».
وأضاف آل زعلة: «التحكم في الغضب مطلوب منا في كل الأوقات والظروف في رمضان وغيره، ولكن تزداد أهمية ذلك في رمضان لما لهذا الشهر من فضل وثواب عند الله سبحانه وتعالى، كما أن رمضان يعد فرصة للسيطرة على الدوافع والانفعالات النفسية ذات الطابع الديني، مثل الكف عن القول البغيض والكلمات النابية وصيام الجوارح كلها، وقد تطول فترات الصيام، وتشتد درجات الحرارة، وزحمة الطرق، وكثرة المتطلبات المنزلية، والزيارات الاجتماعية، وغيرها من الأمور التي تجعل انفعال الغضب يتجلى واضحاً في حياة بعضنا».
وأكد أنه يجب أن نتعرف على الغضب ليسهل علينا مواجهته، وأردف: «تفرز الغدتان الكظريتان هرمون الأدرينالين الذي يؤثر في الكبد، ويجعله يفرز كمية أكبر من السكر، مما يؤدي إلى زيادة الطاقة في الجسم ويجعله أكثر قدرة على المجهود العضلي للدفاع عن النفس الذي بدوره يزيد استعداد الجسم للاعتداء اللفظي وغير اللفظي، ولذلك كان لزاماً علينا أن ندير هذا الانفعال لكي نتزن ونصل للتوافق النفسي والأسري والاجتماعي».
كما بيّن استشاري الطب النفسي عضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة الملك خالد أنه ينبغي إدارة الانفعال للحصول على الاتزان والاتفاق النفسي والأسري والاجتماعي، وذلك لأسباب عدة، منها: أنه حينما يغضب الإنسان يتعطل تفكيره، ويفقد قدرته على إصدار الأحكام الصحيحة، ولكن السيطرة على هذا الغضب تجعلنا أكثر قدرة على التفكير المنطقي وعدم التسرع في اتخاذ القرارات. كما أن السيطرة على الغضب تعني الاتزان البدني والفكري، وبذلك يحمينا من الأعمال العنيفة على الآخرين، كما أن للسيطرة على الغضب فوائد نفسية واجتماعية كثيرة تبث في نفس الخصم الهدوء ومراجعة النفس وكسب الود مما يزيد من الترابط والتوافق الاجتماعي.
وأكد آل زعلة أن هناك العديد من الطرق التي تساعد في السيطرة على الغضب، سواء أكان في رمضان أم غيره من الأشهر، مثل التفكير في عواقب الأمور واستجماع حسنات الخصم ومواقفه الجيدة في الماضي، وربما يساعد في ذلك تغيير المكان ووضعية الشخص أثناء الغضب. وكذلك التفكير قبل اتخاذ أي رد فعل، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، والامتناع عن الكلام أيضاً حتى يعود الشخص لاتزانه والابتعاد عن كل ما يثير الغضب أو التفكير.
ودعا أيضاً إلى التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فهو الذي يوقد جمرة الغضب في القلب، يقول الله تعالى: «وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله»، وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجلين يستبّان، فأحدهما أحمر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لأعلم كلمة، لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان، ذهب عنه ما يجد»، وأخيراً النوم الكافي والاسترخاء والتوازن الغذائي مهم جداً في الاتزان الانفعالي وخصوصاً الغضب.