العدد 5041 - السبت 25 يونيو 2016م الموافق 20 رمضان 1437هـ

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يُحفز اسكتلندا لطلب الاستقلال

الاتحاد الأوروبي يطالب بريطانيا بالتسريع في إجراءات الانفصال - AFP
الاتحاد الأوروبي يطالب بريطانيا بالتسريع في إجراءات الانفصال - AFP

بدت بريطانيا أمس (السبت) أكثر انقساماً من أي وقت مضى بعد صدمة الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث أبدت اسكتلندا استعدادها للدفاع عن مصالحها الخاصة وسط دعوات ملحّة من الأوروبيين لتسريع آليات المغادرة.

وفي اسكتلندا أعلنت رئيسة الوزراء نيكولا سترجن أن حكومتها ستدرس منذ الآن إطاراً تشريعيّاً يسمح بتنظيم استفتاء ثان حول استقلال هذه المنطقة التي تحظى بالحكم الذاتي عن بريطانيا، بعد استفتاء أول قضى بالبقاء داخلها.


مليونا بريطاني يوقعون عريضة للمطالبة باستفتاء جديد بشأن الاتحاد الأوروبي... وأوروبا تريد تسريع خروج بريطانيا

لندن - أ ف ب

بدت بريطانيا أمس السبت (25 يونيو/ حزيران 2016) أكثر انقساماً من أي وقت مضى بعد صدمة الخروج من الاتحاد الأوروبي حيث أبدت اسكتلندا استعدادها للدفاع عن مصالحها الخاصة فيما يشعر الخاسرون بغضب وسط دعوات ملحة من الأوروبيين لتسريع آليات المغادرة.

وتجاوزت عريضة على الأنترنت موجهة إلى البرلمان البريطاني للمطالبة بإجراء استفتاء ثان حول الاتحاد الأوروبي، عتبة المليونين توقيع ظهراً غداة إعلان فوز معسكر مؤيدي الخروج من التكتل بنسبة 51,9 في المئة.

ووقع أكثر من مليوني بريطاني عريضة موجهة إلى البرلمان تدعو إلى تنظيم استفتاء جديد بشأن العضوية في الاتحاد الأوروبي.

وتعطل الموقع الإلكتروني للعريضة البرلمانية لفترة وجيزة بسبب تزايد عدد الأشخاص الذين يضيفون أسماءهم للدعوة إلى استفتاء جديد.

وتقول العريضة «نحن الموقعين أدناه ندعو الحكومة إلى تطبيق قاعدة تقول إنه إذا جاءت نتيجة التصويت لصالح البقاء أو الخروج أقل من 60 في المئة استناداً إلى نسبة مشاركة تقل عن 75 في المئة، فيجب تنظيم استفتاء جديد».

ونال معسكر مؤيدي الخروج 51,9 في المئة من الأصوات مقابل 48,1 في المئة من مؤيدي البقاء فيما بلغت نسبة المشاركة في استفتاء الخميس 72,2 في المئة.

والموقعون على العريضة غالبيتهم من أدنبره ولندن اللتين سجلت فيهما نسبة تصويت كثيفة لصالح البقاء ضمن الاتحاد.

ويتحتم على البرلمان النظر في أي عريضة تجمع أكثر من مئة ألف توقيع، غير أن هذه المناقشات لا تلزم بأي عملية تصويت أو إصدار قرار، ولا يمكن بأي من الأحوال أن تؤدي إلى إعادة النظر في نتيجة الاستفتاء.

وليس هناك أي بند في القانون البريطاني ينص على حد أدنى من التصويت أو نسبة المشاركة في عمليات استفتاء كما هي الحال في دول أخرى.

وتعكس العريضة الانقسامات العميقة التي ظهرت في بريطانيا في ضوء الاستفتاء، ولا سيما بين الشباب والمسنين، وبين اسكتلندا وإيرلندا الشمالية ولندن من جهة، وأطراف المدن والأرياف من جهة أخرى.

لكن بحلول الساعة 17,45 ت غ السبت كان نحو مليونين و540 ألف شخص قد وقعوا العريضة على الموقع الرسمي للحكومة والبرلمان، أي أكثر بمعدل 20 مرة من العدد المطلوب لبحث اقتراح في البرلمان.

وكانت فكرة تنظيم استفتاء ثان أثيرت خلال الحملة لتصويت الخميس.

واعتبر رئيس حزب الاستقلال البريطاني، نايجل فاراج الشهر الماضي أن حصول معسكر البقاء على نتيجة متقاربة مع معسكر مؤيدي الخروج سيزيد من مشاعر الاستياء والانقسام ولن يشكل نهاية للمسألة.

وعبرت صحيفة «صنداي تايمز» عن تأييدها فكرة إجراء استفتاء ثان «حين يرغم الأول بروكسل على إجراء مفاوضات أكثر جدية».

وفي اسكتلندا أعلنت رئيسة الوزراء، نيكولا سترجن أن حكومتها تسعى لبدء «محادثات فورية» مع بروكسل لـ «حماية مكانة» اسكتلندا في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه.

وأضافت سترجن أن الحكومة الاسكتلندية ستدرس منذ الآن إطاراً تشريعياً يسمح بتنظيم استفتاء ثان حول استقلال هذه المنطقة التي تحظى بالحكم الذاتي عن بريطانيا، بعد استفتاء أول قضى بالبقاء داخلها.

وفي لندن حيث تعرض رئيس البلدية السابق بوريس جونسون زعيم حملة الخروج لهتافات معادية عند خروجه من منزله الجمعة، طالب بعض الأشخاص بغضب وبدون قناعة فعلية باستقلال العاصمة التي أيدت بغالبيتها البقاء في الكتلة الأوروبية.

وقالت ليندسي بريت اللندنية البالغة من العمر 57 عاماً لوكالة «فرانس برس»: «أنا قلقة جداً إزاء مستقبل أولادي» مضيفة «كيف ستصبح علاقاتنا مع بقية أوروبا والعالم؟».

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، عبر الشبان الذين صوتوا بشكل مكثف من أجل البقاء عن غضبهم ضد الناخبين الأكبر سناً الذين يتهمونهم بتعريض مستقبلهم للخطر. وتساءل البعض «ماذا فعلنا؟».

وكتب لوك تانسلي «هذا التصويت لا يمثل جيل الشباب الذي سيكون عليه التعايش مع التداعيات».

وقف الهجرة

في المقابل، يواصل معسكر الخروج الاحتفالات التي استمرت طوال الليل بـ «يوم الاستقلال». وعرض زعيم حزب يوكيب المناهض لأوروبا الاحتفال بـ23 يونيو كعيد وطني، بينما أشادت الصحف المشككة بأوروبا الصادرة أمس (السبت) وفي مقدمها «ذي صن» و»ديلي ميل» بـ «شجاعة» الشعب البريطاني.

وفي المنتجع البحري كلاكتون-أون-سي جنوب شرق البلاد حيث صوتت غالبية الناخبين لصالح الخروج من الاتحاد، يقول تيري لوفادو (57 عاماً) في أحد المحال التجارية «سيكون هناك مزيد من الوظائف وهذا سيضع حداً للهجرة».

لكن هذه الشكوك حول مستقبل البلاد ألقت بثقلها على الجنيه الأسترليني الذي هبط كثيراً ما دفع بوكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إلى خفض تصنيف بريطانيا من مستقر إلى سلبي مع تهديد بخفض إضافي.

وفي مكان آخر في أوروبا، تصاعدت حدة اللهجة أيضاً حيال البريطانيين حيث طالب وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي لندن بتسريع آليات الخروج.

ودعت الدول الست بريطانيا إلى الشروع «في أسرع وقت ممكن» في آلية الخروج من الاتحاد الأوروبي، فيما أكدت فرنسا أن تعيين رئيس جديد للحكومة البريطانية أمر «ملح».

وقال وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير في ختام الاجتماع في برلين «نقول هنا معاً إن هذه العملية يجب أن تبدأ بأسرع وقت حتى لا نجد أنفسنا غارقين في مأزق».

وفي روما حذر وزراء إيطاليون أمس (السبت) من أن على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في سياسته وإلا فسيواجه مخاطر الانهيار.

وقال وزير المالية، بيير كارلو بادوان إن «عدة عوامل يمكن أن تقود إلى عدة سيناريوهات وبينها سيناريو خطوة إضافية نحو تفكك» الاتحاد الأوروبي معتبراً أن على قادة الاتحاد الأوروبي أن يدركوا أنه لم يعد بالإمكان إبقاء الوضع القائم بالنسبة لمواضيع مثل الوظائف والنمو والهجرة.

من جهته قال وزير الخارجية الإيطالي، باولو جنتيلوني إنه سيكون من السذاجة التقليل من شأن تصويت البريطانيين أو مخاطر انبثاق شعور مناهض لأوروبا في القارة.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون أن استقالته ستصبح سارية في أكتوبر/ تشرين الأول بعد تعيين شخصية تخلفه وتتولى قيادة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. وهذه المفاوضات يمكن أن تستغرق ما يصل إلى سنتين، وفي هذا الوقت تبقى بريطانيا مرتبطة بالاتفاقات المبرمة.

وسيلتقي كاميرون الثلثاء نظراءه خلال قمة أوروبية تعقد في بروكسل وتبدو حساسة جداً بالنسبة، إليه فيما أعلن المفوض الأوروبي البريطاني، جوناثان خيل استقالته السبت.

وتزيد مسألة استقالة كاميرون ومن سيخلفه من أجواء الغموض السائدة في البلاد. ويبدو جونسون خياراً منطقياً. لكنه وبعد أن كان يحظى بشعبية كبيرة عندما كان رئيساً لبلدية لندن، بات جونسون محط غضب قسم من سكان بريطانيا.

الاتحاد الأوروبي في حزن

اعتبر زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، جيريمي كوربن الذي واجه انتقادات بسبب تراخي تصريحاته في سبيل البقاء ضمن الاتحاد، أنه يجب أن تحصل «مفاوضات سريعة». وقال «لا يمكن أن نعيش في مرحلة ارتياب على مدى سنتين».

وفيما تشهد الحركات الشعبوية تقدماً في مختلف أنحاء أوروبا، يمكن أن يؤدي قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى خطوات مماثلة. فقد دعت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبن إلى استفتاء في بلادها وكذلك فعل النائب الهولندي غيرت فيلدرز.

كما أعلن حزب سلوفاكي يميني متطرف ممثل في البرلمان أنه سيطلق حملة جمع تواقيع لتنظيم استفتاء حول خروج سلوفاكيا من الاتحاد الأوروبي غداة قرار البريطانيين مغادرة التكتل.

وعكست الصحف البريطانية الصادرة أمس (السبت) الانقسام داخل المملكة المتحدة. فقد عنونت صحيفة «ديلي ميل» الشعبية المشككة بأوروبا «إنه اليوم الذي نهض فيه شعب بريطانيا الهادئ أمام الطبقة السياسية المتغطرسة والبعيدة عن الواقع وأمام النخبة المتعالية في بروكسل».

أما في معسكر مؤيدي البقاء فتساءلت صحيفة «ديلي ميرور» «ما الذي سيحصل الآن؟». وتحدثت الصحف في باقي أنحاء أوروبا بغالبيتها السبت عن اتحاد أوروبي في حالة حزن. وكتبت صحيفة «لاستامبا الإيطالية» السبت «عودة الأنانية الوطنية».

العدد 5041 - السبت 25 يونيو 2016م الموافق 20 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً