أجمع نجوم خطابة عالميون على أن بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي كلاي، استطاع الدخول إلى قلوب الآلاف من البشر، بسبب حبه وعدالته وإنسانيته، وعدم تفريقه بين أحد لدينه أو عرقه أو لونه، وثباته على مبادئه وقيمه التي رفض استبدالها بالمال والجاه.
نجوم الخطابة الذين كانوا يتحدثون في فعالية خاصة أقيمت، مساء أمس الأول (الخميس)، في جمعية المهندسين البحرينية، تحت عنوان «محمد علي كلاي... صوت الحب والسلام»، للاحتفاء بالراحل كلاي، أكدوا أن محمد علي تجاوز الحدود المرسومة على حلبة الملاكمة، واستثمر لعبة الملاكمة في الوصول إلى الناس، والتأثير في حياتهم.
الاحتفاء الذي يعد الأول من نوعه في البحرين، شارك فيه نجوم خطابة من أميركا ونيوزلندا والسعودية وعمان والأردن، ومُنحوا قفازات ملاكمة هدية تذكارية، وتعبيراً عن الشكر والتقدير لهم لتحمل عناء السفر، والمجيء إلى البحرين للمشاركة في حفل خاص للبطل كلاي.
وتوفي محمد علي يوم الجمعة (4 يونيو/ حزيران 2016)، عن عمر 74 عاماً، وذلك بعد يوم من نقله إلى مستشفى بمنطقة فينيكس في أريزونا لإصابته بمشكلة في التنفس. ويعد أشهر ملاكم في العالم، وحصد لقب بطل العالم في الوزن الثقيل 3 مرات.
وعلى وقع خطب وكلمات خالدة مضت عليها أعوام لبطل العالم السابق في الملاكمة، تحدثت نجمة الخطابة، أكانك عبدالخالق، عن القيم الإنسانية التي حملها في حياته، مشيرة إلى أن كل زاوية من زوايا حياته مليئة بالحب والسلام والإنسانية.
أما نجم الخطابة العالمي السعودي محمد القحطاني، فأكد أن كلاي لم يكن ملاكماً فقط، وهناك ملاكمون آخرون غيره، وحققوا أكثر مما حقق، ولكن ما ميزه أنه استخدم شهرته واسمه ليحارب ويناضل من أجل أمر أكبر من الفوز بحزام أو بطولة، ناضل من أجل القيم والمبادئ والعدالة والحب والسلام.
وقال القحطاني، الذي حصل على المركز الأول عالمياً في الإلقاء والخطابة العام الماضي (2015)، إن الوصول إلى القمة في الحياة ليس نهاية المطاف، والحصول على أعلى الدرجات الوظيفية والتعليمية ليس نهاية المطاف، فالرجل هو الذي يصنع البطولة، وليس البطولة هي التي تصنع الرجل، وبالإمكان استثمار البطولة في إرسال رسائل للناس وتغير في حياة الآخرين، وهو ما قام به محمد علي كلاي.
وأشار إلى أن هناك الكثيرين من الأشخاص الذين خدموا الإنسانية، إلا أن كلاي أثّر في حياة الآلاف إن لم يكن الملايين من الأشخاص.
أما مدرب الخطابة، محمد عيسى، فرأى في نموذج محمد علي كلاي درساً ومثالاً في إمكانية أن يؤثر الشخص على الآخرين من خلال موقعه، سواء في العمل أو المنزل أو أية مؤسسة أخرى، فكل شخص قادر على إحداث التغيير، وهذا التغيير يحتاج إلى جهد، إذ إن من السهل الحديث عن التغيير وأهميته وضروراته، ولكن من الصعب التطبيق.
ووصف عيسى محمد علي كلاي بأنه «شخصية معطاءة في المجتمع»، ولم يجعل نفسه في إطار حلبة الملاكمة، بل كان شخصية معطاءة، مستشهداً بحديث أحد كبار المعلقين الرياضيين في أميركا، عندما قال إن أعظم رياضي رآه طوال مسيرته الممتدة لنحو 4 عاماً في التعلق، هو محمد علي كلاي.
وذكر أن «المعلق الرياضي ذكر مثالاً يدلل على شخصية كلاي المعطاءة، وهو عندما اتصل المعلق بالبطل الراحل يخبره عن حملة تبرعات سيقيمونها دعماً لمرض الشلل الرعاشي، فما كان من كلاي إلا أن وافق تلقائياً على الحضور في الحملة، والتي بسببه تمكنت من حصد نحو 5 ملايين دولار، كان من الصعب الحصول عليها من دون تواجد كلاي».
وأفاد بأن الثلاثة أعوام التي أوقف فيها كلاي عن اللعب، كان دخله الرئيسي يأتي من المحاضرات والندوات التي يلقيها في الجامعات، وهذا يعكس مدى تأثيره على الآخرين.
وتحدث عيسى عن أشخاص آخرين أثروا في حياة آلاف البشر، من بينهم كلاي ومارتن لوثر ونيلسون مانديلا، آملاً في كتابة كتب عن هذه الشخصيات، لإبراز دورهم في النهوض بالإنسانية والعدالة والسلام.
من جانبه، أوضح منظم الفعالية، محمد علي شكري، أنهم اختاروا الاحتفاء بالبطل كلاي لأنه شخصية تجسد السلام والحب والعدالة، وكان في حياته بمثابة القطب الذي يتوجه إليه الناس من كل مكان، مؤكداً أنه مثّل كل الأخلاق الإنسانية، وأخلاق العدالة والحب والسلام، وعدم التفرقة بين أحد، ولا يهمه من أين تأتي وإلى أين تذهب، ولذلك استطاع أن يجمع نجوماً في الخطابة، في فعالية تقام في البحرين، وجاءوا على حسابهم الخاص.
وقال شكري إنهم اختاروا الاحتفال بأفضل شخص جسد الحب والأخلاق والسلام، وفي أفضل زمان وهو شهر رمضان، وفي أفضل مكان وهو البحرين التي تعد نموذجاً للتعايش والحب والسلام.
وبسؤاله عمّا إذا كانت فعالية الاحتفاء بكلاي ستصل إلى العالم، بيّن أن «محمد علي لم يخطط لأن يصل صوته إلى العالم، ولكنه وصل، فإذا جسدنا مبادئه وأفكاره وقيمه فصوتنا سيصل دون أن يكون لنا أي منبر... صوتنا سيصل عندما نحيي هذه المبادئ والأفكار والقيم، ولا نتكلم عنها فقط، لأن الكلام وسيلة».
ورأى أن أفضل مكان يمكن البدء فيه لتطبيق مبادئ العدالة والسلام والحب والتعايش هو المنزل، مشيراً إلى أن نجوم الخطابة المشاركين في الفعالية عرضوا نماذج وقصصاً مؤثرة، قابلة للتطبيق فوراً، وهم أنفسهم سيعودون إلى دولهم وسيوصلون الرسائل التي استمعوا إليها في الفعالية.
هذا، ودوّن نجوم الخطابة والحضور في الفعالية، كلمات في حق كلاي، وذلك أسفل لوحة وضعت عليه صورته، وأشعلت إلى جانبها شمعتان محاطتان بالورود.
العدد 5040 - الجمعة 24 يونيو 2016م الموافق 19 رمضان 1437هـ
ماعندكم سالفه