يعد إنشاء مكتب التوفيق الأسري نقلة نوعية في القضاء الشرعي، ورؤية حضارية ذات بُعدَين اجتماعي وقانوني في آن واحد.
ويهدف المكتب، من خلال الاختصاصات الموكلة له بموجب قانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية، إلى الحفاظ على كيان الأسرة، والحد من آثار الخلافات الأسرية. ويأتي إنشاء مكتب التوفيق الأسري كترجمة حقيقية للباب الثاني من دستور مملكة البحرين، الذي حدّد ملامح المقومات الأساسية للمجتمع، حيث تطرّقت الم ادة رقم (5) الفقرة (أ)، إلى أن «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي، ويقوي أواصرها وقيمها..».
فبعد أن كانت الخلافات الأسرية تنتقل مباشرة إلى أروقة المحاكم للفصل فيها، أصبح لزاماً التوجّه إلى مكتب التوفيق الأسري لتقديم طلب تسوية النزاع بداءةً قبل رفع دعوى أمام المحاكم الشرعية. وقد نظم القرار رقم (84) لسنة 2015م اختصاصات عمل المكتب، حيث أنيطت به مهمة تسوية الخلافات الأسرية وإزالة أسباب الشقاق بين أفرادها قدر الإمكان، وتقريب وجهات النظر فيما بينهم بشكل ودي وتوافقي.
كما روعي في تشكيلة هيئة المكتب التنوع الاختصاصي للعاملين فيه، حيث يضم عدداً كافياً من الأخصائيين القانونيين والاجتماعيين والنفسيين، الأمر الذي يساعد على احتواء الخلافات الأسرية من جميع الزوايا مهما تعدّدت أسبابها.
وتبدأ إجراءات تسوية النزاع بتقديم طلبٍ إلى المكتب، ويحدّد ميعاد لجلسة التسوية خلال مدة أقصاها خمسة أيام مع إخطار مقدم الطلب بموعد الجلسة. ويخطر الطرف الآخر بالتكليف بالحضور أمام المكتب بموجب كتاب موصى عليه بعلم الوصول أو بأي وسيلة يتحقق بها العلم بالميعاد. وإذا لم يحضر أحد الأطراف بغير عذر يجوز إعلانه مرة ثانية لجلسة أخرى خلال مدة أقصاها يوما عمل، فإذا لم يحضر للمرة الثانية اعتبر رافضاً للتسوية.
كما بيَّن القرار السالف الذكر آلية عمل هيئة المكتب في التسوية، حيث يتولى أعضاؤه الاجتماع بأطراف النزاع وسماع أقوالهم، والقيام بتبصيرهم بآثار النزاع المختلفة وعواقب التمادي فيه، وإبداء النصح والإرشاد بقصد التسوية ودياً خلال مدة زمنية محدده قانوناً، هي عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب، ولا يجوز تمديد هذه المدة إلا باتفاق الخصوم ولمدة لا تجاوز عشرة أيام أخرى.
وفي حال إذا ما أسفرت المحاولات عن التسوية والتصالح بين الأطراف في جميع عناصر النزاع أو بعضها؛ يُثبت ذلك في محضرٍ يوقّعه الطرفان، وتكون له قوة السند التنفيذي، وينتهي النزاع في حدود ما تم الصلح فيه.
أما إذا لم تسفر الجهود عن تسوية النزاع ودياً وأصرّ الطرفان أو أحدهما على استكمال السير فيه، فيحرّر رئيس المكتب محضراً بما تم، ويرسل الطلب وجميع الأوراق إلى قسم تسجيل الدعاوى للسير في الإجراءات أمام المحكمة الشرعية المختصة، في موعد أقصاه خمسة أيام من تاريخ تسلّم القسم لملف القضية من مكتب التوفيق الأسري.
ختاماً، لابد من الإشارة إلى أن مكتب التوفيق الأسري يقدّم خدماته مجاناً من دون أي رسوم.
إقرأ أيضا لـ "حسن علي المعولي"العدد 5039 - الخميس 23 يونيو 2016م الموافق 18 رمضان 1437هـ
معلومات قيمة تحتاجها كل اسرة تعصف بها ريح المشاكل