أعلنت الحكومة الكولومبية والقوات المسلحة الثورية (فارك) اليوم الأربعاء (22 يونيو/ حزيران 2016) التوصل إلى اتفاق تاريخي لوقف نهائي لإطلاق النار يفتح الطريق نحو توقيع اتفاق سلام بعد نزاع مستمر منذ خمسين عاماً.
وأكد بيان مشترك لم يحدد موعداً لسريان الاتفاق "توصلنا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ووقف الأعمال القتالية من الطرفين وبصورة نهائية".
والاتفاق الذي يحدد مجريات إنهاء النزاع التي شكلت النقطة الشائكة في مفاوضات السلام الجارية منذ نهاية 2012 في كوبا، ينص على نزع السلاح وضمانات امنية للمتمردين ومحاربة المنظمات الاجرامية.
قبل نشر البيان قال مفاوض "فارك" باستور الابي لفرانس برس ان وثيقة الاتفاق باتت جاهزة تقريبا وانه لم يتبق سوى "نقطة واحدة" يجري التباحث بشأنها.
وستعلن تفاصيل الاتفاق الخميس بحضور رئيس كولومبيا خوان مانويل سانتوس وزعيم فارك تيموليون خيمينيس ولقبه تيموتشنكو والرئيس الكوبي راوول كاسترو ووزير خارجية النروج بورج برندي وممثلي الدول الوسطية.
وسيحضر التوقيع الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون ورئيس فنزويلا نيكولاس مادورو ورئيسة تشيلي ميشال باشليه.
وسيشارك في الحفل كذلك رئيس الجمعية العامة للامم المتحدة موغنس ليكتوفت وسفير فرنسا لدى الامم المتحدة فرنسوا دولاتر الذي يترأس مجلس الامن الدولي خلال الشهر الجاري. وقال دولاتر "انها بلا شك خطوة تاريخية الى الامام".
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم بان كي مون ان الامين العام سيجري لقاءات ثنائية في هافانا.
وقال مساعد المتحدث باسم الامم المتحدة فرحان الحق ان "الامم لمتحدة مستعدة لبذل كل ما هو ممكن لتعزيز عملية السلام الجارية. نأمل ان يقود هذا الى اتقاق نهائي والى نهاية هذه الحرب الطويلة".
ما ان يتم توقيع اتفاق السلام ستتولى بعثة سياسية للامم المتحدة متابعة الامر وعلى راسها الدبلوماسي الفرنسي جان ارنو.
ويشكل الاتفاق التاريخي خطوة حاسمة نحو احلال السلام بين الحكومة و"فارك" التي تمثل اكبر حركات التمرد بعد خمسين عاما من النزاع.
واعتبر مدير مركز دراسات وابحاث وتحليل النزاع خورخي رستريبو الاعلان "تاريخيا" لانه يعني ان "العنف المنظم لن يعود وسيلة لمعارضة الدولة".
وقالت مديرة برنامج "بناء السلام" في جامعة الانديز في بوغوتا انجليكا راتبرغ "هذا يعني نهاية اطول واعنف نزاع في الاميركيتين وفرصة جديدة للمراهنة على الديموقراطية".
- السلام خلال شهر؟ - كثف المفاوضون خلال الايام الاخيرة جهودهم بتوجيه من الرئيس الكولومبي الذي اعتبر الثلاثاء الاتفاق على وقف اطلاق النار "خطوة اساسية" لاحلال السلام.
وقال سانتوس الثلثاء ان الحوار من اجل السلام يمكن ان يختتم في 20 يوليو/ تموز بمناسبة العيد الوطني لكولومبيا وهو التاريخ الذي اتفقت الحكومة والمتمردون على عقد لقاء فيه في ختام جولة المفاوضات التي تنتهي في 6 يوليو.
وبهدف تسريح مقاتلي "فارك" يقتصر الاتفاق على تشكيل نقاط تجميع لنحو سبعة الاف مقاتل على ان تشرف الامم المتحدة على نزع سلاحهم.
أعلن المتمردون منذ يوليو/ تموز 2015 وقف اطلاق النار من جانب واحد في حين اوقفت الحكومة عمليات القصف الجوي.
وقع الجانبان في اطار المفاوضات عدة اتفاقات لا سيما حول مكافحة الاتجار بالمخدرات او لتعويض الضحايا واتفقا على الاطار القانوني لاتفاق السلام النهائي المتعلق بعدم تجنيد القاصرين.
وتتعلق النقطة الاخيرة في المفاوضات بآلية الموافقة على الاتفاق اذ يرغب الرئيس سانتوس بتنظيم استفتاء وهو ما اعلن المتمردون استعدادهم للموافقة عليه بعد ان طالبوا بجمعية تاسيسية.
واعلنت الحكومة وحركة التمرد الثانية في البلاد "جيش التحرير الوطني" التي تعد 1500 مقاتل عن بدء مفاوضات سلام قريبا.
وسيتيح الاتفاق مع حركتي التمرد اليساريتين اللتين تاسستا في 1964 انهاء اقدم نزاع مسلح في اميركا اللاتينية وادى وفق الارقام الرسمية الى مقتل 260 الف شخص وتسبب باختفاء 45000 شخص وتشريد 6,6 ملايين شخص منذ اكثر من نصف قرن.