التعدُّدية في المجتمعات المعافاة مصدر ثراءٍ وغنى، لكنها في المجتمعات المريضة، تتحوّل إلى مصدر فقرٍ وبؤسٍ وشقاء.
في الهند، هناك مئات الأديان واللغات، والقوميات والإثنيات، ورغم ثراء أرضها إلا أن شعبها كان سابقاً يتعرّض للمجاعات بصورةٍ دورية. وكانت مطمع قوى الاستعمار الغربي في العصر الحديث، حيث تنافس عليها البرتغاليون والإسبان والإنجليز، وهؤلاء حكموها لأكثر من قرن، باستخدام سياستهم القديمة «فرّق تسُد»، التي عمّقت الخلافات بين الهنود، وتركت آثارها حتى بعد رحيل الاستعمار. لكنّ أبا الاستقلال الهندي، جواهر لال نهرو، تلميذ غاندي النجيب، نجح في غرس سياسة وطنية تجمع القلوب حول علم واحد، ووطن واحد.
التنوُّع كان يُستخدم كمعْوَل هدم وتشطير وشرذمة وصراعات داخلية لا تنتهي، لكن بسبب سياسة القادة الهنود، تحوَّل التنوُّع إلى مصدر ثراء وقوة، حيث تقف الهند اليوم، بعد سبعين عاماً من الاستقلال، كواحدةٍ من أكبر الديمقراطيات المتماسكة في العالم، وكقوة اقتصادية بارزة ضمن دول «البريكس»، باعتبارها سابع اقتصاد في العالم. ويجري الطلب على عقولها وكوادرها البشرية من مختلف القارات، بما فيها دول العالم الصناعي، بسبب ما يتمتعون به من تأهيل علمي. ولو استمرّت سياسات تشطير المجتمع الهندي وتمزيقه بعد الاستقلال، لأصبحت الهند في قاع دول العالم، إلى جانب بنغلاديش واليمن والصومال. كانت كُلُّ العوامل التي يمكن أن تتسبّب في قيام دولة فاشلة متوافرةً، من تعدّد الديانات والقوميات والأعراق المتناقضة، لكنها حوّلتها إلى عوامل للنهضة والنجاح.
في سنغافورة، كانت كل عناصر الفشل أمامها عشيّة نيلها الاستقلال (1965)، فلم يكن لديها موارد طبيعية كالنفط والغاز، وكان اقتصادها صغيراً وهشّاً، ومساحتها صغيرة، مع كثافة سكانية وتعدد إثني كبير، فضلاً عن كونها محاطةً بممالك وجمهوريات إسلامية في ماليزيا وإندونيسيا، وقربها من جارتها الشيوعية، الصين. كانت كل العوامل تُرشّحها لتكون دولة فاشلة، ومحيطها الجغرافي قد يدفعها إلى نزاعات وتجاذبات عرقية وإثنية، لكن السياسة الموضوعية حوّلت عوامل الفشل إلى نجاح، وعوامل الفرقة إلى وحدة، والتشرذم إلى اتحاد.
في المنتدى الذي استضافته «الوسط» الشهر الماضي عن التجربة السنغافورية، أشار الخبير البحريني هيثم القحطاني إلى كيفية انتقال هذه الجزيرة الصغيرة، سنغافورة، من صناعة المطاط إلى صناعة الإلكترونيات، ونجحت في إيجاد مميزات تنافسية، وأنشأت اقتصاداً إنتاجياً وصناعة متطورة وتجارة مرنة، وما أسماه (Hyper supermarket) في مجال الخدمات، حيث تنتج 14 في المئة من الحاويات، وباتت ترتبط بـ600 ميناء عبر العالم. ومع أن ليس لديها نفط، إلا أنها تنتج 2.5 مليون برميل يومياً.
لقد بدأت سنغافورة نهضتها بتطبيق سياسة عدم التسامح مع الفساد (zero tolerance)، التي تحوّلت إلى ثقافةٍ على مستوى الحكومة والمجتمع والأفراد. وهناك أكثر من 80 مجلساً ومؤسسة رقابية للإشراف والمراقبة على التنفيذ، في مختلف المجالات، وهي مستقلةٌ عن الوزارات وتشرف عليها، بما فيها التعليم والإسكان والصحة. والأهم هو الاعتماد على الكفاءات، نظراً للحساسية الناشئة عن تعدُّد الأعراق، ما أدّى إلى ترسيخ عقيدة تنموية تغلبت على عوامل خلق الدولة الفاشلة. وكانت هذه العقيدة تقول: «أنت لست هندياً ولا صينياً ولا مالاوياً، أنت مواطن سنغافوري».
العدل عقيدةٌ من أسمى العقائد على الأرض، وهو الذي ينشر الطمأنينة والأمان بين الناس. والمساواة بين البشر هو المبدأ الذي بشّر به الإسلام وخلّفناه وراء ظهورنا. لذلك تقدّموا وصعدوا إلى الكواكب، وتأخّرنا حتى بتنا نتقلب بين الحفر والمستنقعات.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 5037 - الثلثاء 21 يونيو 2016م الموافق 16 رمضان 1437هـ
احسنت سيدنه لاكن وين الي يسمع وطبق شرع الله فينا نحن شعب البحرين المثقف والواعى يفضل علينه الاجنبي لمجرد اننا طالبنا بحقنا واولادنا مستقبلهم ضائع وقابعين فى السجون
العدل
العدل أساس الحكم لولا العدل والمساواة بين القوميات الموجودة ف سانغفورا لما استطاعت الوصول إلى تلك المرحلة من التقدم والازدهار.
الديمقراطية يشترك فيها الجميع ولا تنظر لهذه الديانة أو المذهب والمواطنة هي أساس المشاركة فيها فقط
لاننظر للدول الناجحة والعريقة في الديمقراطية أو التي أسست الديمقراطية
بل ننظر إلى دول تريد صنع الديمقراطية على حساب (...)
نظرة واقعية للأمور...ما أظن بنصير مثلهم...ولا حتى في حياة أحفادنا...أفضل حل هو الهجرة لهذه الدول وإختصار الوقت بدل الإنتظار بأمل التقدم علميا و إقتصاديا أو حتى أخلاقيا....
في سنغافورة لا يوجد عندهم احزاب سياسية قائمة على أساس ديني لذلك يتقدمون للأمام
وفي سنغافورة ما فيه قمع واضطهاد وسجناء سياسيين بالالاف.
البعض دائما يقحم الدين و كأنه العائق الرئيس في كل أموره بينما المشكلات تكون من إنعدام المبادىء و إنعدام الحس الإنساني و عدم وجود الإيمان حتى من بعض من يدّعون التدين فالكثيرون يحملون الصفة الدينية لا لأجل الدين بل لأجل دنيا لذلك ينطبق عليهم قول الشاعر:
صلى المصلي لأمر كان يطلبه * لما إنقضى الأمر لاصلى و لا صاما. -العيب ليس في الدين بل في من يتخذ الدين كمركب للوصول لأغراضه الدنيوية و كذلك البعض يبرز في المعارضة لأجل منصب في السلطة فإذا ناله تخلى عن كلما كان ينتقد به ضد السلطات
لاحياة لمن تنادي
انا بحريني انا. .......