لأول مرةٍ تستقطب برامج «الكاميرا الخفية» العربية هذا العدد الهائل من التفاعل والمتابعة من قبل الجمهور.
أغلب النسخ السابقة كانت تقوم على محاولة الإضحاك الرخيص، حتى لو كانت على حساب الشخص الذي يتعرض للمقلب، وكثيراً ما كانت نسخاً مقلّدةً لبرامج أجنبية، ورديئة الإخراج. فجانب الإبداع غائبٌ تماماً في النسخ العربية، بينما تقوم البرامج الأجنبية «الأصيلة» على تقديم أفكار إبداعية، في مواقف متجدّدة تشحذها عقول المؤلفين. كما يراعى فيها حفظ كرامة الأشخاص، بينما لا تعير النسخ العربية هذا الجانب، فيتطوّر الموقف إلى اشتباكات بالأيدي وضرب وشتائم.
هذا العام، استطاع البرنامج العربي الانتقال إلى مرحلة متقدمة، بتناوله قضايا إنسانية، قريبة من قلب المشاهد، ومستمدة من حياته وواقعه، بعيداً عن مواقف التهريج والاستفزاز. فلم يعد المخرج بحاجةٍ إلى تعليق كعكة على الباب لتسقط على رأس من يدخل المحل التجاري، ليضحك عليه الجمهور، وإنّما انتقل إلى طرح معاملتنا مع بعضنا البعض، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وما تثيره من أشجان.
في آخر حلقةٍ، شارك فنانون عراقيون ولبنانيون (وكان يمكن أن يكونوا كويتيين أو بحرينيين أو مصريين أو ليبيين)، في مشهدٍ تمثيلي، يرفض فيه صاحب المحل بيع الفطائر لزبونٍ يدخل محله، رغم ترحيبه الأولي به، وذلك بعدما سأله عن اسمه فخمّن انتماءه الطائفي، وتأكّد من محل سكناه بالضاحية. وحين يعترض عليه الزبائن الآخرون، يردّ بكل برود: هذا محلي، ولا أريد أن أبيع عليه. وإذا أطالوا معه الجدال ردّ بانتقادات لاذعة لسكان تلك المناطق، الإسلامية أو المسيحية، الذين يحمل كراهيةً خاصةً لهم، مبرّراً أن لديهم محلاتهم الخاصة في مناطقهم.
ردود فعل الزبائن المتباينة تعكس مواقف الأفراد في المجتمع، فبعضهم يلزم الصمت، وبعضهم يقلّب شفتيه استهجاناً، وبعضهم ينصح البائع بهدوء، وبعضهم يعبّر عن غضبه من البائع وينتقده بشدة، ويغادر المحل رافضاً الشراء.
في لبنان، يذكّر أحد الزبائن (وأغلبهم من الشباب والشابات) الرافضين لهذا المسلك الطائفي، بـ «الحرب الأهلية»، التي استمرت 15 عاماً، وقتل فيها اللبناني أخاه وجاره وشريكه في الوطن، وبعد 100 ألف قتيل، وغيرهم من الجرحى، وتدمير مناطق كاملة وتشريد أهلها، وتهجير عشرات الآلاف للخارج، عادوا ليجلسوا إلى مائدة الحوار، ليقرّ كلٌّ منهم بوجود الآخر، الذي لا يمكن نفيه ولا قتله ولا إزاحته من الوطن. الدرس الذي خرجوا به من بين كل الدماء والركام: العيش المشترك هو الحل الوحيد.
المحطة الثانية العراق، الذي يعيش تجربة الصراع الداخلي بين الكتل والأحزاب المختلفة، ويتعرض لهجمةٍ شرسةٍ جُنّد فيها عشرات الآلاف من الأجانب ضد مصلحة أبنائه، وجاء أحدهم - الزرقاوي - من الخارج إلى صحراء الأنبار، يحمل مشروع تفجير حرب أهلية طائفية لا تبقي ولا تذر. هذا العراق الذي يتعرّض لموجةٍ جديدةٍ من الإرهاب تحت لواء «داعش»، أظهر مواطنوه في مثل هذه الحلقة، سنةً وشيعةً ومسيحيين، رفضاً قاطعاً لمسلك البائع، الذي رفض بيع الفطائر لزبون لأنه شيعي (ويمكن أن يكون سنياً أيضاً).
أغلب من غطّتهم الحلقة كانوا بالصدفة من كبار السن، فوق الأربعين، وكانوا أشد صلابةً ورفضاً للمسلك الطائفي. وأكثرهم كانوا يتكلمون بلغة واحدة، عن الإسلام والعروبة اللذين يوحداننا، ويدينون هذا المسلك الفجّ، والتصرف الأخرق، الذي ينمُّ عن حماقةٍ وعصبية طائفية وقصر نظر.
ردود الفعل في هذه العيّنة العشوائية من الجمهور، في بلدين يعيش فيهما المسلم والمسيحي جيراناً، منذ مئات السنين، تثبت أن هذه الأمّة مازالت بخير. وأن مشاريع التفتيت وتمزيق الأمّة وإشغالها ببعضها من أجل مصلحة «إسرائيل»، إلى الفشل والخذلان.
علينا أن نراهن كأوطان وشعوب، على التعايش والحياة معاً، وهو ما علّمتنا إيّاه تجارب التاريخ.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 5036 - الإثنين 20 يونيو 2016م الموافق 15 رمضان 1437هـ
استاذ قاسم (الزرقاةي ) مثل ماذكرت له دور كبير في الطائفية وتقتل الاخوان مع بعضهم البعض ولكن السبب الرئس في اضفاء الطائفية في المشهد العربي والاسلامي هو ثورة ايران وما آعتقد يا استاذ قاسم ان اي محلل سياسي محايد لايقول بهذا . جميع الانشقاقات والطأفنة حدثت بعد ان قامت الثورة الاسلامية في ايران . اما الزرقاوي وجماعته فهم حديثي العهد بالمشهد السياسيد
اليس هذا بسبب التفرقة في العمل السياسي وعدم اشتراكنا كمواطنين في أحزاب مدنية تقبل جميع المواطنين بغض النظر عن أي شئ آخر
قد تكون رسالة البرنامج هادفة و نبيلة و لكن على الأغلب المشاهدة التي تم عرضها منتقاة و لا تعكس بالضرور التوجه العام
الصدمة في العادة يتم تمثيل المشهد في أربع دول إلا فيه هذه الحلقة تم تمثيلها في ثلاث دول ولا أعلم لماذا ليست في أربع كالعادة!؟
نشبت حربين عالميتين في بداية القرن المنصرم؛ نتيجة الصراعات بين الشعوب الأوروبية، وامتدت الى بقية الدول الكبرى في العالم، وخلفت عشرات الملايين من القتلى والجرحى؛ حتى فهموا أن التفاهم والحوار والجلوس على طاولة واحدة، وتقبل الآخر، والاتفاق على المصالح المشتركة، هو الأجدى والأنفع لكل الأطراف؛ فخرج لنا الاتحاد الأوروبي.
في منطقتنا العربية والإسلامية، لن يفهم الناس هذا الدرس الا بعد أن يطبقوه عملياً
عجبي!!
صباح الخير ايها الكاتب العزيز
فكرة البرنامج في الاصل مأخوذه من برنامج اجنبي وانا شخصيا شفت نفس الفكرة في اكثر من برنامج
اسمه what would you do
المشكلة ليست في السنة والشيعة أنما المشكلة في ...
ونحن نعيش الصدمة فى بلادنا
كيف؟ متى؟ لماذا؟ أين؟
كلها أسألة فمن سوف يجيبنا؟؟
نسيت أو تناسيت!!
عاشها أبائنا وأجدادنا
ونحن وأبنائنا
سوف نتعايش
سوف نتكاتف
لأجل احفادنا
نتعايش ب ود
للأسف نحن هنا ببلدي أصبحنا منبوذين وأصبح الأغراب يستوطنون وطني اي تعايش هذا وابن البلد لم يعد له أي قيمة بسبب تفضيل الأغراب عليه.