يقول المثل الروسي: «نحلة واحدة لا يمكن أن تجني العسل». وكذا الحال في الحياة البشرية، إذ لا يمكن لشخص واحد أن ينجز الأعمال الكبرى وحيداً مهما كانت قدرته.
لستُ ممن يستهينون بقدرة الفرد، وأعلم جيداً أن أياً منا قادر على إنجاز الكثير لو أراد، ولو توفرت لديه الرغبة والعزيمة والمحاولة والإصرار. لكنّ هناك أموراً لا يمكن لها أن تنجز قط وقتها المفترض وجودتها المطلوبة إلا بالجماعة.
العمل الجماعي واحدٌ من الهبات الإلهية التي تعرفت عليها البشرية منذ قديم الزمان. ولولا هذا التعاون لما بُنِيَت الأهرامات أو شُيِّد سور الصين العظيم أو ارتفعت المسلات الشاهقة.
في كثير من المحافل وكثير من المناسبات نجد المسئولين يشكلون اللجان وفرق العمل لإنجاز هذه المهمة أو تلك. فرقٌ ولجانٌ تسعى في عمل دؤوب إلى التميّز حين تكون روح الفريق الواحد متواجدة في وجدان كل فرد منها. تجدهم يوزعون الأدوار بينهم كل بحسب قدراته ومواضع تميزه. وإن غاب أحدهم لأي سبب كان تجد هناك من يتبرع لأخذ مكانه وإنجاز مهامه لحين عودته. يحدث هذا إن كان اختيار فريق العمل مبنياً على أسس الإدارة الصحيحة، ولم يكن اختياراً عشوائياً مبنياً على المحسوبية والواسطة.
هذا هو الوضع الصحي للعمل خصوصاً حين يراد للأعمال الكبرى أن تنجز بشكلٍ مبهر. لكننا اليوم وللأسف الشديد نبحث كثيراً عن هذه الروح التي يكون التعاون والتكاتف هو أساسها، وقلّما نجدها حتى لدى الأجيال الجديدة. هذه الأجيال التي تحتاج منا أن نربيها على مكارم الأخلاق، وأساسيات العمل الصالح، وطرق خدمة المجتمع بشكلٍ سليمٍ يضمن لنا عدم انجرارها وراء المغري والسهل من المتوفر حولها في واقعها، وفي تلك العوالم الافتراضية التي صارت تلتف حولها من كل حدب وصوب.
فنحن اليوم نجد الإعلام يعزّز الأنانية من خلال المسلسلات التي تغزو كل بيت. مسلسلات تحمل أفكاراً وسلوكيات مرفوضة وكأنها هي الأساس وغيرها مجرد شاذ. ونجد الرسوم المتحركة وأفلام الكرتون تحمل قيماً كنا لا نريد لأطفالنا أن يتعرفوا عليها، لأنها تحمل ضد ما ربتنا عليه إنسانيتنا وما غرسه فينا ديننا السمح. كما نجد الألعاب الإلكترونية التي مازالت تحاول تدريب أبنائنا على العداوة والأنانية.
من المهم أن نلتفت جيداً الى هذه الجوانب في الوقت الحالي، فالعالم اليوم مفتوح على كل شيء، ومن السهل اختراق أي عقل بطرق شتى. ولهذا لابد من مقاومة الأفكار الهدامة التي بدأت تغزونا محاربة تبدأ في البيت ولا تنتهي بالمدرسة، في تعاون يصب في خدمة هذه الأجيال وبالتالي في خدمة المجتمع والبلاد.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5035 - الأحد 19 يونيو 2016م الموافق 14 رمضان 1437هـ
أخت سوسن إنقرض النحل هذه الأيام من هذه البلاد فلا ترى فيها إلى العقارب و الحيات لذلك لن تري عصل بغد اليوم
أحسنتي أخت سوسن! فعلا مقال رائع! أحسنتي وصدقت! هذا النص فيه رسائل نافعة إلى كثيريين! بارك الله فيك! وهؤلاء الكثيرين عليهم أن يعوا أنه (إياكي أعني وإسمعي يا جاره) أسمعوا وعوا أيتها القلوب!