قانون الجمعيات السياسية تم تغييره قبل أيام، لمنع «المشتغلين في الجانب الديني من ممارسة العمل السياسي»، كما منع القانون أعضاء الجمعيات السياسية «من ممارسة العمل الديني والوعظ والإرشاد بشكل نهائي»... ومباشرة بعد ذلك سارعت وزارة العدل برفع قضية إدارية مستعجلة، أودعت فيها أوراق الدعوى ومطالباتها في صبيحة يوم 14 يونيو/ حزيران 2016 بإغلاق جمعية الوفاق. المدعى عليها (جمعية الوفاق) لم تتسلم صحيفة الدعوى إلا قرابة الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة صباح 14 يونيو 2016، وهي لحظة طلبها الهاتفي من محاميها المثول أمام المحكمة، وقد طلبت وزارة العدل في دعواها، كما ورد في صحيفة الدعوى:
«أولاً- وقبل الفصل في الموضوع وفي مادة مستعجلة: بغلق مقار الجمعية المدعى عليها والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة، وتعليق نشاطها وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، حارساً قضائياً لحين الفصل في الموضوع».
«ثانياً- وفي الموضوع: بحل الجمعية المدعى عليها وتصفية أموالها وأيلولتها إلى خزينة الدولة، وإلزام المدعى عليها المصروفات».
كما تضمنت صحيفة الدعوى أن المحكمة «ستعقد جلستها لنظر الدعوى لوحدها في الحادية عشرة» أي في جلسة وحيدة للمحكمة في ذلك اليوم (14 يونيو 2016) ولنظر تلك الدعوى خاصة، وبعد أقل من نصف ساعة من تبليغ المدعى عليها بصحيفة الدعوى، التي احتوت «خمسة عشر (15) صفحة مدعمة بنحو ألف (1000) صفحة من الأدلة التي «جمعتها وزارة العدل حول نشاط الجمعية التخريبي ودعمها للتطرف والإرهاب منذ تأسيسها»، وذلك حسب ما أوردته صحيفة الشرق الوسط يوم الجمعة 17 يونيو 2016.
التهم التي ساقتها صحيفة دعوى وزير العدل ضد جمعية الوفاق وهي سبع تهم كما التالي:
1 - التأسيس بشكل منهجي لعدم احترام الدستور والطعن في شرعيته.
2 - تحبيذ العنف وتأييد الجماعات الإرهابية.
3 - استدعاء التدخلات الخارجية.
4 - الطعن في شرعية السلطة التشريعية.
5 - المساس بالسلطة القضائية.
6 - اعتماد الجمعية للمرجعية السياسية الدينية واستخدام دور العبادة لممارسة النشاط السياسي.
7 - الدعوة للخروج على القانون.
وللتدليل على صفة الاستعجال في الحكم نسوق بعضاً من التساؤلات حول واقع بعض حيثيات منطوق الحكم:
• «بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانوناً».
• «وقدم (المدعي) سنداً لدعواه حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة بغلافها، اطلعت عليها المحكمة وألمَّت بها».
• «وقد تُدُووِلَ نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، حيث حضر المدعي كما حضر ممثل المدعى عليه».
• «وقررت المحكمة إصدار الحكم في الشق العاجل من الدعوى بجلسة اليوم».
فيما يخص الفقرة الأولى من منطوق الحكم عاليه، لماذا الإشارة نصاً إلى «سماع المرافعة والمداولة قانوناً»، والواقع أن جلسة المحكمة اليتيمة المعلنة إلى المدعى عليه، بانعقادها في الحادية عشرة، وحضرها محاميه نتيجة إعلانه بذلك، كان في حدود الساعة 10:45 من صبيحة يوم الجلسة الثلثاء 14 يونيو 2016. وطلب فيها أجلاً للاطلاع على صحيفة الدعوى المحتوية على أكثر من ألف (1000) صفحة، ولو يوماً واحداً، لكي يتمكن من الرد، ولم تستجب له المحكمة في ذلك.
وفيما يخص الفقرة الثانية، فقد أكدت على اطلاع المحكمة، على حافظة مستندات المدعي، فماذا عن اطلاع المدعى عليه؟ الذي لم يطلع عليها لا قبل، ولا حتى في وقت انعقاد المحكمة.
وفيما يخص الفقرة الثالثة، فهي تقر بتداول الدعوى بجلسات المحكمة على نحو ثابت في محاضرها، فهل هناك محاضر توثق إعلام و/أو حضور المدعى عليه أو ممثله القانوني، لتلك الجلسات؟، وتفيد باطلاعه على صحيفة الدعوى، وأن جلسة يوم الثلثاء 14 يونيو 2016 كانت جلسة مخصصة للنطق بالحكم؟، وذلك على خلاف حقيقة رفع الدعوى في ذات يوم الحكم 14 يونيو 2016؟
أما الفقرة الرابعة، وهي في حال ثبوت الملاحظات على الفقرات الثلاث سابقاتها، فهي إثبات للاستعجال.
ولو سألت محامياً عن أهمية عبارات «توثيق الاطلاع وسماع المرافعات ثم المداولة قانوناً، وعبارات توثيق تداول نظر الدعوى بجلسات المحكمة بحضور المدعي والمدعى عليه»، لتلقيت جواباً أنها عبارات نمطية لابد من توريدها، كتحصيل ما تبديه أنه حاصل، وهي ليست في غالب الحالات دقيقة، في توصيف المثبت نصاً.
ولم يفت جهات إنفاذ الحكم أيضاً، الاستعجال في إزالة اللوحة التعريفية للجمعية من على مباني مقراتها، «بغلق مقار الجمعية المدعى عليها والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة (من مبانٍ وغيرها) والمنقولة وتعليق نشاطها وتعيين مكتب الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف حارساً قضائياً عليها لحين الفصل في الموضوع...».
ولكن، وما دام الحكم بتعليق النشاط بصفة الاستعجال لحين الفصل في موضوع الدعوى، فلماذا التصرف في الموجودات الثابتة مثل المباني واللوحات التعريفية وما شابه، إلى حين الفصل بالحكم النهائي؟
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 5034 - السبت 18 يونيو 2016م الموافق 13 رمضان 1437هـ
حسنا
وهل القوانين الصادرة مؤخرا ستطبق على الجمعيات السياسية الموالية للنظام كون الكثير من رؤسائها واعضائها هم من رجال الدين كجمعية الاصالة وتجمع الوحدة وغيرهما ؟؟ أم أن هذه القوانين فقط للجمعيات المعارصة؟