(كلمة بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 لعام 2011 بشأن العمل اللائ
تشير تقديراتنا إلى أن العمال المنزليين يتقاضون عادةً أدنى من نصف متوسط الأجور وأحياناً ليس أكثر من زهاء 20 في المائة منه. وساعات عملهم هي من بين الأطول والأقل تنبؤاً بها، و90 في المائة منهم لا يتمتع بحماياتٍ اجتماعية كالمعاش التقاعدي وإعانات البطالة.
وما لا يقل عن 80 في المائة من سائر العمال المنزليين هم نساء، ما يعني أن المرأة هي الأكثر تضرراً من أوجه العجز تلك في العمل اللائق. كما يمثل العمل المنزلي نحو 4 في المائة من قوة العمل النسائية. ففي أمريكا اللاتينية على سبيل المثال، تمثل العاملات المنزليات 14 في المائة من كافة العاملات بأجر.
وهنالك أيضاً بعدٌ دولي، إذ تشير دراسةٌ حديثة لمنظمة العمل الدولية إلى أن 17 في المائة من العمال المنزليين مهاجرون.
ورفاه عشرات الملايين من العمال المنزليين والأسر التي يعملون لديها على المحك. كما تؤكد تقديراتٌ نشرتها مؤخراً الأمم المتحدة عن السكان والشيخوخة بأنه يُتوقع ارتفاع الطلب على العمل المنزلي. فمع ازدياد أعداد المسنين وتقلص سياسات الرعاية العامة وزيادة عدد النساء الملتحقات بالقوى العاملة في العالم، يزداد عدد الأسر التي تلجأ إلى العمال المنزليين للاعتناء بمنازلها وأطفالها ومسنيها.
وعلى الرغم من أنهم غالباً ما يعملون في الخفاء، يشكل العمال المنزليون جزءاً أساسياً من اقتصاد الرعاية، وهم يقدمون خدمات الرعاية المنزلية في كلٍ من الاقتصاد المنظَّم وغير المنظَّم.وقد تجنب كثيرٌ منهم إجراءات التوظيف الرسمية نظراً لارتفاع تكاليفها وتعقيدها، ما أسفر عن ارتفاع مستويات الاستخدام في الاقتصاد غير المنظَّم والعمل غير المعلن.
وعلى الرغم من أن تلك المشاكل ليست بجديدة، فإن ما يشجعني هو الطريق الإيجابية بشكلٍ ملحوظ التي انتهجها صناع السياسات في العالم لمواجهة هذا التحدي. فقبل خمس سنواتٍ من هذا اليوم، أقرت منظمة العمل الدولية اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين رقم 189 لعام 2011 والتوصية رقم 201 المصاحبة لها.وهما أول معيارين دوليين عن العمل اللائق للعمال المنزليين حيث يهدفان بالتحديد إلى توسيع نطاق الحمايات والحقوق الأساسية كي تشمل العمال المنزليين الذين يعملون في منازل العالم والبالغ عددهم 67 مليون عاملٍ وعاملة. ويشير إقرار الاتفاقية بإجماعٍ شبه كامل للدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية إلى وجود اعترافٍ عالمي بأن العمال المنزليين يواجهون تمييزاًحاداً في ظروف العمل وحقوق الإنسان رغم تقديمهم لخدماتٍ مهمة في المنازل والمجتمعات في اقتصاد الرعاية.
وقد كان رد فعل دول العالم حيال ذلك مبهراً، إذ ثمة إصلاحاتٌ تجري على القوانين والسياسات الآن في شتى أرجاء المعمورة.
وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية في عام 2010 إلى أن 10 في المائة فقط من العمال المنزليين كان يتمتع بحقوق العمال الآخرين نفسها الواردة في تشريعات العمل. ولكن منذ عام 2011، اتخذت 70 دولةً إجراءاتٍ تضمن تحقيق العمل اللائق للعمال المنزليين، إذ صادق 22 منها على الاتفاقية، وأجرت 30 دولةً أخرى إصلاحاتٍ على قوانينها وسياساتها، وثمة ما لا يقل عن 18 دولةً أخرى تعمل حالياً على توسيع نطاق الحمايات بحيث تغطي العمال المنزليين. وقد عقدت منظمة العمل الدولية شراكةً مع الهيئات الثلاثية المكوِّنة لها في 60 من تلك البلدان مستندةً إلى كامل الخبرات الواسعة للمنظمة لبناء قدراتها عبر طيفٍ واسع من مجالات السياسات.
وفيما تمثل تلك التدابير الخطوات الأولى في رحلةٍ طويلة نحو تصحيح تاريخٍ مرير من الإقصاء، إلا أنها ليست كافيةًلمواجهةالتحدي المتمثل في حماية العمال المنزليين. ولا تزال وسائل الإعلام تطالعنا بتقارير صحفية عن سوء المعاملة والاستغلال واسع الانتشار.والإحصاءات التي استشهدتُ بها في البداية تتحدث عن نفسها بعدة طرق.
وقد تعهدت الأمم المتحدة من خلال اعتمادها لأهداف التنمية المستدامة بعدم جعل أيٍّ كان يتخلف عن اللحاق بالركب. وقد حققنا بدايةً طيبة في ما يتعلق بحق العمال المنزليين في العمل اللائق،بيد أن هذه المهمة تستدعي مواصلة الاهتمام لضمان إحراز تقدمٍ حقيقي.وإذا كنا جادين بشأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمتعلقة بالقضاء على الفقر وتحقيق المساواة والعمل اللائق للجميع، لاسيما للمرأة، فلا بد لنا من معالجة أوجه العجز في العمل المنزلي.
ومن جهتها، تواصل منظمة العمل الدولية العمل بالاشتراك مع الحكومات والعمال وأصحاب العمل والمجتمع الدولي للاستفادة من الزخمالإيجابي وضمان أن يغدو العمل اللائق والذي هو حقٌ لجميع العمال المنزليين حقيقةً واقعة بحلول عام 2030.
إقرأ أيضا لـ "غاي رايدر"العدد 5033 - الجمعة 17 يونيو 2016م الموافق 12 رمضان 1437هـ