أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الجمعة (17 يونيو/ حزيران 2016) استعداده لمد يده إلى أوروبا؛ لإصلاح العلاقات التي قوضتها الأزمة الأوكرانية، مؤكداً أن الغرب مسئول عن التوتر في العلاقات بين الجانبين.
وأدلى بوتين بكلمته في المنتدى الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبورغ، تزامناً مع تمديد الاتحاد الأوروبي رسمياً العقوبات على موسكو، على خلفية ضمها شبه جزيرة القرم.
وقال بوتين: إن «قطاع الأعمال الأوروبي يريد ومستعد للعمل مع بلادنا. ويجب على السياسيين الأوروبيين التحدث إلى هذا القطاع، وأن يظهروا حكمة وبعد نظر ومرونة». وأضاف بوتين «نتذكر كيف بدأت الأمور. لم تكن روسيا السبب وراء انهيار (علاقاتنا) والمشاكل والعقوبات». وأضاف «لكن، وكما نقول في بلادنا، لا نحمل ضغينة، ونحن مستعدون لمد يدنا لشركائنا الأوروبيين. لكن هذا الأمر لا يمكن بالتأكيد أن يتم من طرف واحد». ودعا بوتين أمام الحاضرين وبينهم رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ورئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف ومستثمرون أجانب، إلى «إعادة الثقة للعلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي».
وشدد على أن الاتحاد «وعلى رغم المشاكل المعروفة في علاقاتنا، لايزال شريكاً اقتصادياً وتجارياً أساسياً بالنسبة إلى روسيا»، مضيفاً «لسنا غافلين عما يحصل لجيراننا وللاقتصاد الأوروبي».
ويبدي بعض القادة الأوروبيين مثل رينزي، تحفظات علنية متزايدة على هذه الإجراءات العقابية، التي أدت إلى إغراق روسيا في انكماش، مع تراجع أسعار النفط المصدر الحيوي للعائدات لروسيا.
وشدد رينزي أمس على رغبته في «تعزيز» العلاقات بين دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، في مقدمها إيطاليا، وروسيا. وقال: إن «العقوبات... تؤثر سلباً في الشركات الروسية والأوروبية. الجانبان يعانيان. بهدف طي هذه الصفحة... علينا جميعاً أن نبذل جهوداً».
وقبل بضعة أشهر من الانتخابات التشريعية في روسيا، وفيما تشهد البلاد أطول فترة انكماش منذ توليه السلطة العام 2000، وعد بوتين بـ «تغييرات بنيوية» في الاقتصاد الروسي، وقال: «هدفنا أن نبلغ نسبة نمو لا تقل عن 4 في المئة سنوياً».
وفيما كان بوتين يدلي بكلمته، وردت انباء أن الاتحاد الأوروبي مدد رسمياً لمدة عام العقوبات التي فرضها على روسيا؛ بسبب ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014، والتي تشمل خصوصاً منع الاستثمارات والواردات التي مصدرها القرم من دخول الاتحاد الأوروبي. ولم يثر تمديد العقوبات اي مفاجأة، إذ كان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، شدد أمس الأول (الخميس) على أن التطبيق الكامل لاتفاقات السلام في مينسك بشأن شرق أوكرانيا، حيث تتهم روسيا بدعم الانفصاليين وتسليحهم، هو «السبيل الوحيد لرفع العقوبات الاقتصادية» المفروضة على موسكو.
وتستعد الدول الـ 28 الاعضاء في الاتحاد لتمدد الاسبوع المقبل العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا؛ لاتهامها بالتورط في النزاع الأوكراني، بحسب دبلوماسيين. ومن المقرر أن يمدد سفراء الاتحاد الثلثاء المقبل هذه العقوبات، التي أثرت بشدة على العلاقات بين موسكو وبروكسل، لستة أشهر. ثم يصادق عليها اجتماع وزاري في لوكسمبورغ في 24 يونيو الجاري.
في المقابل، دعا الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الروس أمس إلى «اتخاذ الخطوة الاولى» للخروج من دوامة العقوبات. وقال: «ارفعوا العقوبات ونحن، اصدقاءكم، سنقوم بكل ما يمكن لمساعدتكم».
ويقول رجال الاعمال انهم يريدون تحسين العلاقات على رغم العقوبات التي دفعت روسيا إلى فرض حظر على معظم المنتجات الزراعية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ويشددون على أن موسكو تسعى إلى تحسين صورتها.
من جانب آخر، قال الرئيس الروسي إنه يقبل حقيقة أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة، وإنه على استعداد للعمل مع الرئيس الأميركي المقبل أيا يكن، لكنه لا يريد من الأميركيين أن يملوا عليه كيف يعيش.
العدد 5033 - الجمعة 17 يونيو 2016م الموافق 12 رمضان 1437هـ