منذ القدم حاول الانسان البحث عن حلول لمشكلاته النفسية والروحية، حاول بشتى الطرق حتى أنه كان يطرق أبوابا لا يخطر على فكر أحد أن يطرقها، حتى أنه اتجه للعرافين والدجالين لهذا الامر، فالغريق يتعلق بقشة كما تقول الامثال، وشخصيا أعتقد أن من حق أي أنسان أن يبحث عن حل لمشكلته، وبالطريقة التي يعتقد أنها تناسبه وتناسب ثقافته وحياته، ومعتقداته.
الا أن ما دفعني في حقيقة الامر للكتابة اليوم، هو واقع الدجل النفسي الذي يمارسه البعض بأسماء مختلفة؛ مدرب للتنمية البشرية، مدرب للحياة، مدرب المدربين، استشاري مشكلات زوجية، مستشار نفسي، والدورات ذات الأسماء الرنانة كإستراتيجية التعامل مع حياتك اليومية وكيفية مواجهتها. والمؤسف حقيقة في واقع الامر استضافتهم في البرامج التلفزيونية أو حتى اعطائهم برامج متفردة في الاذاعة، أو الأدهى من هذا كله استقبالهم في جهات حكومية لتدريب الموظفين على مواجهة الضغوط وإدارة القلق! والمضحك في الأمر أننا عندما نبحث في مؤهلاتهم العلمية، نجدها إحدى الشهادات التي أخذت عن طريق التعلم عن بعد، أو من خلال الدورات نفسها المنتشرة بهوس غير مسبوق، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي. والتي تعني ببساطة تكرار دورة أخذها (سعادة الدكتور الاستشاري مدرب المدربين المعتمد) على يد (الدكتور المستشار مدرب مدرب المدربين المعتمد).
لا أنكر بالتأكيد أهمية التحفيز والتنمية البشرية للافراد، ولكنها بشروط يعيها العارفون والمتخصصون حقيقة، ولكني أنكر على غير المتخصصين والذين أصبحوا أكثر عددا من المتدربين أنفسهم، ولأكون صادقة معكم فإن هناك عددا من الأسباب التي جعلتني أكتب عن هؤلاء، أولها أن عددا من الحالات التي استنزفها بعض هؤلاء المدربين ماديا، بل وزادوا حدة مشكلاتها الأسرية والنفسية، بل إنهم اتجهوا للاطفال فزادوا ايضا من حدة مشكلاتها التعليمية والتربوية، ولأذكر مثلا واحدا، وهي حالة اكتئاب بعد الولادة (والتي في أغلب الأحيان تكون نتاجا لتغيير كيمياء الدماغ)، والتي حاول معها المدرب ولم يفلح في علاجها، وتدهورت حالتها الصحية حتى أنها وصلت لمرحلة الانتحار، إلا أن رحمة الله كانت ألطف، فلو أنه ببساطة عرف حدود قدراته وخطورة حالتها لما تدهورت حالتها. أما السبب الآخر الذي دفعني هنا للحديث هو المتخصصون من الشباب العاطلين من العمل، رغم دراستهم الجامعية في مجال علم النفس، الا أن التعقيدات التي يواجهونها من طلب الخبرة، هي ما دفع بعضهم حتى لتغيير تخصصه النفسي. ولأكون منصفة، فإني شخصيا أعتقد أن جزءا مما يحصل حاليا يقع على عاتق من سبقونا في المجال النفسي في البحرين (والذين أكن لهم التقدير والاحترام)، فعدم النزول للناس والبقاء في البرج العاجي لفلسفة علم النفس، وعدم تغيير الفكرة النمطية عن الإخصائي النفسي، وانه ليس مختصا (بالمجانين فقط)، بل له اختصاصات متعددة منها تقييمية وإرشادية، ساهمت بشكل كبير في إيجاد وإعطاء فرصة لمن لا عمل له، بأن يقتات على أمراض ومشكلات الآخرين النفسية...
وللحديث بقية وشجون...
إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"العدد 5032 - الخميس 16 يونيو 2016م الموافق 11 رمضان 1437هـ
كلام دقيق وواقعي
مشكوره على طرح هذه القضية
الغريب في الامر ان الفتيات هن المندفعات بغير حساب في هذه الامور والعجيب هن جامعيات ومدربهم انسان لا ادري اكمل الثانوية ام لا وله سيرة لا تشرف
الامور النفسية تحتاج امور علمية وليس دغدغت مشاعر فقط هدفها ملء الجيوب
كلام جميل يا استاذة فاطمة ..اتمنى ان تكون رسالتك القادمة لتوعية أفراد المجتمع لتمييز ما هو حقيقية وما هو تجارة ودجل..لانه لو تجاوب الناس مع هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من النقص وحب الشهرة لما وصلنا لهذه المرحلة..ومن تعاملي عن قرب مع (عمالقة التدريب المزيفين) توصلت لقناعة بأنهم يعانون من اضطرابات ومشكلات نفسية هي بحاجة لحلها قبل ان يمدوا يدهم لمساعدة الآخرين على حل مشكلاتهم لان فاقد الشي لا يعطيه..استثني من كلامي هذا كل إنسان متخصص تعب واجتهد لطلب العلم والرقي بنفسه..
الشكر الجزيل لك استاذة
عسل عسل
كلامك واجد حلو مثل البقلاوة
ولكن مازالت العديد من المؤهلات الاحترافية المعتمدة محليا وعالميا تنتهج "الدراسة عن بعد"، والعديد منها شرط أساسي للتوظيف حتى في القطاع الحكومي. ربما يتعين التدقيق والتمحيص أكثر في كيفية اعتماد المؤهلات بصورة عامة.
فاطمة
كلام جميل ومفيد جدا جدا . شكرا استاذه فاطمة .
فاطمة
اهالي عين الدار جدحفص شكرا استاذه فاطمة موضوع جميل جدا جدا .
فاطمة
كلامك عسل عسل كلام جميل ومفيد وشكرا استادة فاطمة . من غازي حسين