المجالس البلدية أداة مساعدة في إنجاز المشاريع التي يجرى اعتمادها ضمن منظومة القرارات البرلمانية، ويمكنها أن تبني علاقات تفاعلية مع المجالس البرلمانية، ترتكز على مبدأ الشراكة في تشخيص متطلبات واحتياجات المشاريع التنموية ذات الأهمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية، والمجالس البلدية متداخلة في طبيعة وظائفها التنظيمية والمهنية، إذ تمثل أداة للإرادة الشعبية، وتتداخل طبيعة وظائف عملها مع طبيعة وظائف الإدارة الحكومية للعمل البلدي والبيئي، وعلى رغم مؤشرات التوافق الوظيفي والأهداف للمجالس البلدية إلا أنها تختلف في منهج تشكيلها من دولة إلى أخرى، إذ إن بعض الدول ﻻتزال تعتمد نظام تعيين أعضاء مجالسها البلدية، التي يجرى تشكيلها بموجب مراسيم تصدر عن القيادة السياسية العليا.
النموذج البحريني يعتمد المنهج الانتخابي في تشكيل المجالس البلدية، وذلك يلقي على أعضاء المجالس البلدية مسئولية متداخلة في الالتزامات الوظيفية والمهنية تتمثل في تنسيق العلاقة مع القطاعات المجتمعية، وتعزيز المهام الوظيفية للرقابة والمتابعة والتعرف على احتياجات ومطالب المجتمع، والدفاع عن مصالحه وإنجاز المشاريع التي تلبي مطالبه. ومن الطبيعي أن تكون لعضو المجلس البلدي مبادراته الملموسة التي تؤكد التزامه بواجباته المهنية، وأدائه المتميز الذي يمكن أن يساهم في إنجاز الأهداف التي تستجيب لمطالب المجتمع، وتفيد في تعزيز خطط العمل التنفيذي لإنجاز أهداف التنمية المستدامة في بعدها الإستراتيجي والشامل.
الكفاءة والمهنية والمبادرة في تلبية المطالب واﻻحتياجات وإنجاز المشاريع ذات الأهمية الإستراتيجية لحياة المجتمع، معايير مهمة تشخص قدرات وجاهزية عضو المجلس البلدي في تبني المبادرات التي تجسد جوهر المصالح المجتمعية، وتلك مميزات ينبغي أن تكون مقوما رئيسيا في نشاط وعمل أعضاء المجالس البلدية، وأن تفعيل تلك المعايير في تعزيز فاعلية الوظائف المحددة للمجلس البلدي تمثل مؤشرا على الفعل الإيجابي لعضو المجلس البلدي في إنجاز الوظائف والأهداف التي يحددها القانون، والمساهمة في تلبية المطالب والاحتياجات الحياتية والمعيشية للمجتمع، وفي مقابل ذلك تراجع أداء عضو المجلس البلدي كممثل للإرادة الشعبية في الالتزام بمحددات مفاصل تلك المعايير يدلل على الضعف في القدرات المهنية وكفاءة عضو المجلس البلدي في أداء واجباته الوظيفية والمهنية، وذلك الواقع حالة مؤسفة وظاهرة سلبية في النشاط البلدي، تسببت في ما هو حاصل من تراجعات في التفاعل الإيجابي للمجتمعات المحلية مع أنشطة العمل المؤسسي البلدي في البلدان النامية.
المشرع البحريني أخذ في الاعتبار ضرورة أن يكون للمجلس البلدي أثره الإيجابي في المساهمة الفاعلة في مشاريع التنمية الوطنية، والارتقاء بالقيمة الحضارية للتطوير الحضري للمدن والقرى بما يساهم في تعزيز البنى التحتية للمدينة المستدامة، نص في المادة «19» في قانون البلديات الصادر بموجب المرسوم رقم (35) لسنة 2001 على الوظائف والاختصاصات الرئيسية للمجلس البلدي، والتي يمكن الإشارة إلى بعض منها، على سبيل المثال ﻻ الحصر، وتتمثل في اقتراح إنشاء وتحسين الطرق ووضع الأنظمة بإشغالاتها، وتجميل وتنظيف الشوارع والميادين والأماكن العامة والشواطئ، والعمل على حماية البيئة من التلوث في ضوء تجارب الدول المختلفة، وأنظمة المؤسسات الدولية في مجال البيئة، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة بشئون البيئة في الدولة، ومراقبة تنفيذ الأنظمة المتعلقة بالإنارة والمياه والصرف الصحي، وغير ذلك من الأنظمة الخاصة بالمرافق العامة المتعلقة باختصاصات البلدية، وتقرير إنشاء وتطوير الحدائق والمنتزهات العامة، وأماكن الترفيه وحماية الشواطئ من التآكل، واقتراح المشروعات ذات الطابع المحلي والمتعلقة بالمياه، والطرق، والمنتزهات، والصرف الصحي، والانارة، وإقامة المدارس، والمساكن، والمراكز الصحية، ومواقف السيارات وغيرها من المنافع والخدمات العامة والمشروعات التي تهم المواطنين، والتنسيق بشأنها مع الجهات المختصة، وإقرار الأولويات في تنفيذها، ووضع النظم الخاصة بجمع النفايات، والتخلص منها، أو إعادة تدويرها وفقا لأحدث الأساليب العلمية والاقتصادية، والاشتراك مع الجهات المختصة في دراسة ووضع المخططات العمرانية الهيكلية والعامة ومخططات المناطق التفصيلية.
المسئولية الاجتماعية للمؤسسة والشراكة مطلب استراتيجي في إنجاز خطط التطوير الحضري والبيئي التي تمثل جوهر اختصاص المجالس البلدية، والمؤسسات بمختلف أهداف وطبيعة نشاطها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ينبغي أن تساهم ضمن مسئولياتها الاجتماعية في منظومة الشراكة في تقديم الدعم لإنجاز المشاريع الخدمية والبيئية، وفي سياق ذلك
يمكن لمؤسسات القطاع الحكومي أن تعمل ضمن وظائف نشاطها المساهمة في إنجاز الأنشطة التي تدخل ضمن وظائف نشاطاتها واختصاصاتها المهنية، كما أن مؤسسات القطاع الخاص يمكن ان تكون لها مساهمتها الفعلية في التمويل المادي وتبني انجاز المشاريع الخدمية والبيئية، ومؤسسات قطاع المجتمع المدني يمكنها أيضاً أن تساهم ضمن خريطة أهدافها ووظائفها المهنية في دعم مشاريع الرقابة والتوعية الاجتماعية، وتقديم مرئياتها التخصصية والعلمية في تقييم طبيعة وجدوى المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
السؤال الذي يؤكد حضوره في سياق مقاربة الاختصاصات المحددة في القانون وواقع المنجز للنشاط البلدي، يتمثل في أين يكمن الخلل في عدم التمكن من إنجاز المهام الرئيسية للمجالس البلدية في تطوير السواحل والطرقات، وتعزيز البنى التحتية للتنمية الحضرية للقرى والمدن، ووقف عمليات تجريف الحزام الأخضر، وبناء رقابة مجتمعية للحد من تصاعد وتيرة مخالفات النظافة العامة، وقمع الأنشطة غيرالرشيدة والحد من آثارها السلبية على معالم بيئات المناطق الساحلية؟
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 5032 - الخميس 16 يونيو 2016م الموافق 11 رمضان 1437هـ