بعيداً عن الخطاب المتوتر الذي يرى في التقارب بين الجمعيات السياسية المعارضة من مختلف توجهاتها الفكرية والأيدلوجية خطراً يهدّد وجوده، كتيار يسعى لجر المجتمع البحريني للتخلف، فإن إيجابيات هذا التقارب قد لا تنحصر فقط على المستوى السياسي من خلال التوافق على أولويات محدّدة يجب النضال من أجل تحقيقها في الوقت الراهن، وإنّما يتجاوز ذلك ليساهم في تطور المجتمع البحريني على المستوى الاجتماعي والفكري.
تاريخياً لم تكن علاقة الحركات السياسية العلمانية في البحرين مع التيارات الدينية بالجيّدة، وإنّما على العكس من ذلك تماماً، فكان هناك نفور واضح، كما كان هنالك عداء مستحكم، إذ يرى كل طرف في الطرف الآخر عدوه اللدود، فمن ناحية تنظر الأحزاب العلمانية إلى القوى الدينية ممثلاً للرجعية وحليفاً للبرجوازية المستغلة للطبقة العاملة، وأنها بأفكارها الظلامية تبرّر استمرار الظلم، وتحكم الطبقة المتنفذة في مصير الشعب، في حين ترى القوى الدينية أن الأحزاب العلمانية ما هي إلا قوى شيوعية كافرة تريد حرف الناس عن التعاليم الإسلامية وجرّهم للإلحاد.
بالطبع لم يكن هذا العداء يقتصر على البحرين فقط، وإنما كان حالة عامة منتشرة في جميع أنحاء العالم العربي والدول الإسلامية، كأحد مظاهر الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، واستغلال القوى الاستعمارية في ذلك الوقت العنصر الديني للتفرقة بين الشعوب، كما يحدث الآن في التفرقة بين المسلمين على أساس مذهبي.
ما كان في السابق عداءً مستحكماً بين القوى الدينية والتيارات العلمانية في البحرين، تحوّل خلال السنوات السابقة وخصوصاً مع بروز المشكلة الدستورية بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني، إلى نوع من التحالف بفضل وعي الفصيلين بأهمية وضع أولويات محددة وتجاوز الخلافات الثانوية في سبيل تحقيق المطالب العادلة والتقدم في مسار الديمقراطية الحقيقية والمساواة بين المواطنين. هذه الأهداف السامية هي ما قرّبت بين التيارين، بعكس الجانب الآخر الذي مازال يشكّك في صحة هذا التحالف، إذ عجز هذا الجانب في الحفاظ على تحالفاته رغم ما يجمعها من فكر واحد وتوجه واحد وهدف واحد.
ما يعنينا في هذا المقام هو التطور الفكري والاجتماعي لدى التيار المعارض، وأهم ما في ذلك هو القبول بالآخر المختلف والتعاون معه من أجل المصلحة العامة للشعب البحريني.
لا أحد يدّعي أن حالة التوافق بين التيارين، أصبحت مثاليةً لا تشوبها أية أخطاء أو نواقص، ومع ذلك فإن الجميع يوقن تماماً بأن المشتركات أكبر كثيراً من الاختلافات، وأن الجميع في خندق واحد تجمعهم قضية مشتركة. ومن الجانب الاجتماعي، أصبح المجتمع البحريني أكثر انفتاحاً وتعاطفاً، وبدل روح العداء التي كانت تحكم العلاقات بين التيارين المختلفين سابقاً، حلّت الصداقات.
بكل المقاييس، كان التحالف المبدئي بين مختلف التيارات القومية والعلمانية والدينية في البحرين مثالاً يجب النظر إليه بفخر. إنها تجربةٌ قلّما وجدت في محيطنا العربي المليء بالكراهية والعنف والقتل على الهوية.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 5029 - الإثنين 13 يونيو 2016م الموافق 08 رمضان 1437هـ
وجود تيار إسلامي معتدل وتيار علماني معتدل جعل التقارب واقعاً والذين يغتاضون من هذه العلاقة الوطنية هم الذين يحاربون مطالب المعارضة الإصلاحية.
...
اكبر غلطه ارتكبها التيار اليساري في البحريني هو تحالفه مع تيار الاسلام السياسي الراديكالي لان هذا التحالف جعل القواعد الشعبية للتيار اليساري و القومي تنفر منها فلا يمكن لمن يؤمن بالعروبة و اليسارية
بصراحة
العلاقة بين المنبر التقدمي الديمقراطي مع الجمعيات القومية والإسلامية والمتأسلمة لازالت كما هي ولم تتغير منذ ستينات القرن الماضي.. عدم ثقة وهشة ونظرة تعال وتصل الى التخوين أحياناً ، تصور بعضهم لازالوا لا يسلمون على بعضهم بعضا !!!