يقول مسؤولون وخبراء ان الاطفال الغربيين من داعش وهم بالمئات ممن تم تلقينهم عقيدة دينية يشكلون خطرا محتملا ينبغي الاستعداد لمواجهته في حال عودتهم الى بلدانهم الاصلية بعد ان قضوا سنوات في صفوف تنظيم الدولة الاسلامية.
وفي حين يواجه التنظيم المتطرف هزيمة تلو اخرى ويخسر مناطقه، تتكاثر الانشقاقات في صفوف المقاتلين الاجانب الذين انضموا الى ارض "الخلافة".
واذا انتقل البعض الى هناك مع زوجاتهم وأطفالهم، فان كثيرين تزوجوا وانجبوا اطفالا. وبالنسبة لفرنسا، تقدر السلطات وجود حوالى 400 من القاصرين في المنطقة حاليا.
وخلال جلسة استماع في البرلمان الفرنسي في الاونة الاخيرة، قال مدير الادارة العامة للامن الداخلي باتريك كالفار ان "الثلثين ذهبوا مع الوالدين، والثلث المتبقي هو من الاطفال الذين ولدوا هناك، وبالتالي فان اعمارهم تقل عن اربع سنوات".
واضاف "يمكنكم ان تتخيلوا حجم المشاكل القانونية التي تطرحها عودتهم مع والديهم، اذا رجعوا، من دون اخذ المشاكل الامنية الفعلية في الاعتبار لان هؤلاء الاطفال، يتم تدريبهم والتلاعب بهم من قبل داعش. ويظهر شريط فيديو بث مؤخرا انهم يرتدون زيا عسكريا".
واولئك الذين يدعوهم التنظيم المتطرف "اشبال الخلافة" حاضرين بقوة في دعايته. ومن الفصول الدراسية حيث يتم تدريسهم انواع الاسلحة وتلقينهم سور القرآن، الى تدريب شبه عسكري، وتجمعات يشاهدون خلالها عمليات قطع رؤوس واعدامات يقوم بها جلادون يحملون سلاحا ولا تزيد اعمارهم عن 12 عاما.
وقال كالفار "اشدد على ضرورة الاهتمام بهؤلاء الاطفال عندما يعودون".
و"الاهتمام بالاطفال" ستكون مهمة ايف حيرام هاسفوتس الباحث البلجيكي في علم النفس السريري، والاختصاصي المعترف به في مجال الصدمات النفسية للقاصرين. فعودة اطفال داعش تثير القلق لكن يمكن تاييدها.
انعدام الخيارات
وقال الباحث لفرانس برس "هناك سوابق مثل رواندا والهاربين من مختلف الحروب. في رواندا، في المستشفى حيث كنت اعمل، تلقينا العديد من الاطفال المصابين بالصدمة من جميع الاعمار، وفي بعض الاحيان اصيبوا بجروح او انهم كانوا من الجنود الاطفال".
واضاف "المهم هو التحضير بشكل جيد لاستيعابهم قبل وصولهم، وانشاء مراكز وشبكات اسر حاضنة. تذكروا الشبيبة الهتلرية، فقد لامست دعايتهم جيلا باكمله لكن تم الاعتناء بهم من خلال ازالة تاثير النازية" عنهم.
واضافة الى التلقين والاهوال التي شاهدها هؤلاء الاطفال، مثل جميع الناجين من مناطق الحرب، فقد عاشوا لاشهر او حتى سنوات، في مناطق تعاني النقص والتفجيرات والغارات الجوية.
من جهته، قال استاذ الطب النفسي السريري فتحي بن سلامة المتخصص بالتطرف ان كل شي يجب ان يبدأ بالكلام. لا بد من وضع هيكلية لكي يتحدث هؤلاء الاطفال، عندما يمكنهم ذلك، قبل اعادة ادماجهم باسرع وقت ممكن، في المناهج التربوية العادية.
واضاف بن سلامة وهو من اصول تونسية يعمل في باريس، لفرانس برس "يجب علينا ان نرحب بهم، ورؤية كيف يتحدثون. يجب الاستعداد للاستماع اليهم وفقا لاعمارهم. ومن ثم ادماجهم مع الاطفال الآخرين في النظام المدرسي مع الانتباه الى ما سيصبحون عليه، وما يظهرونه. ليس لدينا خيار خلاف ذلك. ليس واردا تحميلهم مسؤولية ما فعله الاباء".
وتابع كاتب مقال "رغبة غاضبة للتضحية" ان لدى "فرنسا الوسائل" اللازمة.
وختم "يجب حشد الطاقات لاستقبال هؤلاء الاطفال عندما يصلون، لقد تاخرنا في انشاء مراكز لاستقبال العائدين من الحروب، يجب الاستعداد مقدما للاطفال. المهم هو الا نؤخذ على حين غرة".