في السنوات الخمس الأخيرة لاحظ الرأي العام المحلي أن نسبة التفوق كبيرة في أوساط طلبة وطالبات الثانوية العامة، بمختلف التخصصات والمسارات التعليمية، والحاصلين على التفوق بمعدلات تراكمية عالية (من 90 في المئة فما فوق) في زيادة مستمرة عاماً بعد عام، ويلاحظ في المقابل حال التعليم يتراجع في أدائه بصورة عامة، ويتردى بصورة مخيفة في السنوات الأخيرة، فهو، ونقصد أداء التعليم المترنح، يتعرض لانتقادات واسعة ودائمة من المجتمع المحلي، ليس معقولا ولا مقبولا عند قطاع واسع من المواطنين الواعين أن يكون واقع التعليم في بلدهم لا يتناسب ولا يتناغم مع حضارة هذا البلد ولو بنسبة متدنية.
ويقولون إن البلد الذي عرف أهله بحبهم للعلم في مختلف المجالات العلمية منذ عشرات القرون، وأن المؤلفات والمخطوطات والمصنفات والدواوين والملحمات الشعرية التي خلفها لنا علماء وأدباء البحرين، دليل واضح على العطاء العلمي الكبير لأهل هذه الأرض الطيبة، الذي ليس خافيا على الباحثين والمهتمين بالتراث العلمي في داخل البحرين وخارجها، وكثير من ذلك العطاء العلمي القيم مازال منتشرا في بلدان كثيرة من العالم، والباحثون والمهتمون بالتراث العلمي لهذا البلد، مازالوا يستفيدون من كنوز علماء البحرين العلمية في مختلف المعارف، فمن حق البلد الذي تاريخه العلمي يمتد إلى أكثر من 14 قرنا من الزمان، أن يتألم ويتأوه كثيرا وأن يعلن حسرته على رؤوس الأشهاد على الحال المتدني الذي وصل إليه التعليم في الألفية الثالثة.
في الكثير من المحافل والمنتديات التربوية والاقتصادية والسياسية تحدثوا كثيرا عن التدني الكبير الذي يعاني منه التعليم، وتحدثوا عن الأسباب التي أدت إلى تهاوي التعليم إلى هذا المستوى المؤسف، ومن ضمن تلك الأسباب التي تحدثوا عنها، عدم أخذ وزارة التربية والتعليم بالمبدأين القانونيين، المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص في التعيينات والتوظيف والترقيات والحوافز والمكافآت، وفي توزيع البعثات والرغبات الدراسية، وعدم توفير بيئة تعليمية صالحة للمعلم والمتعلم، وضعف مخرجات التعليم والمناهج الدراسية، واصطناع الأجواء النفسية والمعنوية السلبية التي تؤدي إلى إحباط وتثبيط المعلم والمتعلم معاً، وإصدار القرارات غير المنطقية، كقرار وقف علاوة تمديد الدوام المدرسي، وربطه من دون مبرر عقلائي بحضور الطلبة إلى المدرسة.
وبالنسبة للطلبة المتفوقين، ابتكارها معايير وإجراءات غير تربوية لهم، لا تتناغم مع أبسط الأسس التربوية والقانونية، ماذا تقصد وزارة التربية والتعليم من وراء استقطاع 40 في المئة من المعدلات التراكمية للطالب المتفوق للمقابلات الشخصية؟ لماذا تضرب بعرض الحائط كل الجهود الكبيرة التي بذلها المتفوق طوال ثلاث السنوات التي قضاها في المرحلة الثانوية، في تحصيل الدرجات العالية والمعدل المرتفع ونيل التفوق؟ والملاحظ لدى المتابعين والمراقبين للشأن التعليمي أن الوزارة عند حرمان المتفوقين من استحقاقاتهم الدراسية، لم تكترث بالحالات النفسية والمعنوية التي قد تصيب المتفوق بعد استقطاع النسبة الكبيرة من جهده الدراسي، وأنها غير عابئة بالأعداد الكبيرة من الكفاءات البحرينية التعليمية والمهنية التي تفرُّ من مهنة التعليم والتدريب في كل عام دراسي، أليس هذا يدل دلالة واضحة وجلية على أن هناك خللاً كبيراً في إدارة التعليم؟
واللافت في هذا الموضوع هو أن عدد المتفوقين والمتفوقات في المدارس الحكومية في زيادة مستمرة، رغم تدني أداء التعليم، أليس هذا يؤشر إلى أن طلبة وطالبات البحرين يمتلكون قدرات استثنائية على التفوق بكل جدارة على الأداء التعليمي المتدني في بلدهم؟ أليس إلحاق أعداد كبيرة من أولياء الأمور أبنائهم بالمدارس الخاصة يدل على عدم ثقتهم بأداء التعليم في المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، والأمرّ من ذلك إذا ما وجدنا أن نسبة ليست بالقليلة من أولياء الأمور الذين يلحقون أولادهم وبناتهم بالمدارس الخاصة يعملون بوزارة التربية التعليم؟ نقولها بكل صراحة، لابد من الجهات المعنية بمصلحة التعليم في البلاد القيام وبصورة عاجلة بإجراء مراجعة شاملة لأداء وزارة التربية والتعليم، ليتبين لها الأسباب الأساسية التي أدّت إلى هبوط وتدني التعليم إلى هذا المستوى المخيف، ولتتمكن من تحديد السبل العلاجية المناسبة له، وإنقاذه قبل فوات الأوان.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 5027 - السبت 11 يونيو 2016م الموافق 06 رمضان 1437هـ
القيادات التربوية السبب
القيادات التربوية الحالية هي السبب بدليل لما كانت القيادات الفاعلة المؤهلة كان مستوى التعليم مختلفا والأمور مرضية للجميع ولإصلاح واقع التعليم الرسمي لابد من تشكيل لجنة وطنية للإشراف على التعليم وهذا ليس ابتكارا وإنما هو أسوة بدول اخرى