العدد 5027 - السبت 11 يونيو 2016م الموافق 06 رمضان 1437هـ

بعد أن قاربت على الاندثار... «المسحِّر» يعود بطموح «مُسحِّر» لكل قرية

العدلية والبلاد القديم «تتشبثان»... والمعامير تلحق بهما

المسحِّر الحاج مختار متشبِّثاً بمهنته رغم مغادرتها‎
المسحِّر الحاج مختار متشبِّثاً بمهنته رغم مغادرتها‎

توبلي، البلاد القديم - محمد العلوي 

11 يونيو 2016

بعد أن قاربت على لفظ أنفاسها الأخيرة، عادت مهنة «المسحّر» لتجوب أزقة قرى ومناطق عدّة في مملكة البحرين، مصحوباً ذلك بطموحات الوصول لـ «مسحّر» في كل قرية.

«الوسط» زارت عدداً من «المُسحِّرين» في كُلٍّ من توبلي والبلاد القديم، حيث المطالبات تشدد على أهمية الحفاظ على المهنة التراثية من الاندثار، ودعوة كُلٍّ من هيئة شئون الإعلام وهيئة البحرين للثقافة والآثار، لدعم المهنة إعلامياً ومعنوياً.

وعلى اختلاف أطيافها، تشترك جميع مناطق البحرين بمدنها وقراها، في تراث شعبي رمضاني، يرتبط بإحياء الشهر ووداعه.

في منطقة خليج توبلي، كان الحاج مختار علي محمد (85 عاماً)، مُصرّاً على التشبث بطبله الذي يعود لأكثر من 35 عاماً، حتى بعد توقفه عن مهنة «المسحّر» قبل 25 عاماً نظراً إلى تقدمه في العمر، ليخلفه أولاده الثلاثة: عاشور، فيصل، ويوسف، في الطواف كل ليلة من ليالي شهر رمضان في طرقات العدلية، لإيقاظ الأهالي هناك لتناول وجبة السحور.

يقول الحاج مختار: «بدأت عملي كمسحّر في العام 1959 في منطقتي الزنج والعدلية، وكنت أقصدهما سيراً على القدمين بدءاً من منطقة السقيّة، في مهمة كانت تستغرق نحو ساعتين، وتبدأ الساعة 2 فجراً»، مضيفاً «كنت أسير لوحدي أحياناً وأحياناً أخرى مع صديقي خورشيد. لم تمنعني ظلمة الطريق ولا حتى سقوط الأمطار، عن ممارسة المهنة التي أحب».

وعن ردة فعل الناس آنذاك حيال عمل المسحّر، يقول: «كان الجميع يُرحّبون، ولم أجد طوال عقدين وأكثر مَن انزعج من عملي، بل كان الأهالي يبادلونني عملي هذا بمنحي مبلغاً ماليّاً رمزيّاً، وأحياناً يستعيضون عن ذلك بالطعام».

يواصل الحاج مختار استعادة ذكرياته «في السابق، كانت مهنة «المسحّر» منتشرة، والغالبية منهم اليوم رحلوا، من بينهم الحاج مفتاح والحاج غلوم اللذان كانا يطوفان أزقة السقيّة بالقرب من مدرسة العلاء الحضرمي»، ويضيف «كنا نقرع الطبل ونردد: لا إله إلا الله، محمد رسول الله... سحور يا عباد الله»، وكذلك «أول ما نبدي اشنقول... ألف الصلاة على الرسول».

واليوم، استلم أبناء الحاج مختار، مهنة «المسحّر» من أبيهم، في إصرار على مزاولتها، وهم يشددون على أهمية عودة المهنة في كل قرية ومنطقة لكن بالحفاظ على طابعها التراثي الأصيل، بما في ذلك أناشيدها وأهازيجها.

وإلى البلاد القديم، كانت الوجهة للقاء المواطن ياسر السمّاك، والذي يبلغ من العمر 46 عاماً، ويقول إنه يمارس المهنة منذ 28 عاماً.

السمّاك الذي أوقفته أحداث فبراير/ شباط 2011، عن مهنته، عاد لها العام الماضي، والعام الجاري، مستعيداً بذلك خط سيره الذي يبدأ من طشان والعودة لمنطقة الخميس ثم الدخول لمنطقة البلاد القديم تحديداً في «فريق النور»، والختام في «فريق الجنوب أو الصداغة».

يتحدث السمّاك عن عمله بالقول «هذا العام استعدت عافية مهنتي كاملةً. أبدأ عند الساعة 12:30 ليلاً، ويتطلب منّي خط السير نحو ساعتين، لأجوب خلالها - وبمعية صديقي سيدبدر وعدد من الأطفال - المنطقة، ونحن نردد: (هل شهر رمضان رحمة من رحيم... نسأل الله علينا بخيره يديم... نبارك عليكم هالشهر الكريم)، و(هذا شهر الخير شهر المغفرة... وانت يللي تقضي ليلك بالسهر... قوم صل لك ركعتين بها السحر... واقرأ القرآن واتشوف الأجر... مسجل في فايلك باجر تنظره)».

السمّاك ورغم تأكيداته على تعب المهنة، يشدد هو الآخر على تشبثه بها، سعياً منه للثواب والحفاظ على التراث، مطلقاً في هذا السياق نداءه للبحرينيين في المناطق كافة باستعادة المهنة، جنباً إلى جنب مطالباته هيئة شئون الإعلام وهيئة البحرين للثقافة والآثار، بدعم المهنة عبر الحضور الإعلامي في التلفزيون وعبر التشجيع والاحتضان، مقترحاً في هذا الصدد إجراء مسابقات لأفضل الأصوات وأفضل الأناشيد.

وفي الحديث عن مواقف لا تزال تختزنها ذاكرة السمّاك، يقول: «لمن يشكو إزعاج مهنة «المسحّر»، أقول: في سنة من السنوات، كنت أطوف طرقات قرية طشان، حتى خرج لي أحدهم من بيته، غاضباً ويطلب منّي عدم الاقتراب من منزله، وبالفعل كان له ما أراد، إلى أن جاءنا بعد 3 أيام طالباً السماح وهو يقول: أبنائي يريدون منك الحضور!».

وفي التعليق على عودة مهنة «المسحّر»، يقول الباحث جاسم آل عباس: «أطلقنا حملة لاستعادتها، بغرض استعادة تراثنا الذي يوشك على الرحيل، ويمكن لمن يرغب في القيام بذلك القرع الخفيف على الطبل وترديد الأبيات الشعبية المشهورة، ونحن على ثقة من التفاعل الإيجابي من قبل الأهالي بسبب التعطش لمثل هذه العادات الجميلة».

وأضاف «هنالك عدد من المناطق لا تزال تحافظ على المهنة كالبلاد القديم، وهنالك مناطق في طور الالتحاق بها كقرية المعامير حيث الترتيبات فيها على تولي 3 أشخاص، للمهمة، على أن يردد أبياتها من يمتلك صوتاً حسناً، وعلاوة على ذلك، هنالك مناطق عدّة جاهزة للحاق بالركب».

وتابع «الفكرة هذا العام، أن نبدأ العمل بعد الثلث الأول لشهر رمضان أو من منتصفه، على أن ينطلق العمل في العام المقبل مع بداية الشهر».

ياسر السمّاك امتهن مهنة «المسحر» منذ 28 عاماً - تصوير : عقيل الفردان
ياسر السمّاك امتهن مهنة «المسحر» منذ 28 عاماً - تصوير : عقيل الفردان

العدد 5027 - السبت 11 يونيو 2016م الموافق 06 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 11:13 ص

      المعامير عجيب كل يوم في مسحر

    • زائر 11 | 10:20 ص

      زائر 100

      مهنة المسحر في الوقت الحالي ليست مهمة ولا منها فايدة بسبب أن أغلب الناس تكون سهرانة لأذان الفجر والبعض الأخر ينام في وقت متأخر أي بعد ما يتسحر ، وثانيا الكل عنده منبه . الأن الليل قصير ، والناس كلها سهرانة ولا أعتقد أن في شخص ينام وقريب أذان الفجر يقعد ويتسحر ، الحين حتى الشيوبة والجهال الي أعمارهم 5 سنوات يسهرون. قبل ما كنا نسهر ونقعد قبل أذان الفجر بنصف ساعة ونتسحر.

    • زائر 10 | 7:51 ص

      .

      ولاحتى سقوط الامطار ههه
      إي امطار في الصيف هههههه

    • زائر 9 | 3:45 ص

      زائر 6

      آنه من المحرق ما عليك ....لا في مسحر ولا يحزنون ؛ ما في إلا إللي خبرك بهم ال New Arrival الجدد فوضى لآخر حد .

    • زائر 8 | 3:01 ص

      جزاكم الله الف خير وعايدين ومن خيره زايدين ويطول بعماركم لافاقدين ولامفقودين .... والتعليقات الاخرى خفو على روحكم شوي عن النفخه الزايدة الي مامنها لافايدة ولاعايدة

    • زائر 7 | 2:50 ص

      مجرد سؤال

      مُذ متى أصبحت " المسحر " مهنة ؟؟ كما ورد أعلاه ، رغم أنه عمل تطوعي !!!

    • زائر 5 | 1:21 ص

      المسحر و ليالي الوداع اخر 4 ايام من رمضان كل هل عادات موجوده لليوم
      في مناطق المحرق والرفاع وقلالي والبديع و غيرها
      لكنكم انتو اظاهر مركزين بنظرتكم على القرى من طرف واحد بس بالعادات

    • زائر 6 زائر 5 | 1:42 ص

      بعد محسودين على المسحر في قراهم ..... كلشي عند اللي قلت ليهم عنهم .. بعد متوجع عليهم بسالفة لمسحر ... يبي ليه صورة وتعلم عليه ههههههههههههههههههههه

    • زائر 3 | 1:09 ص

      المسحر يا عمي اذا كانت الناس نايمة من وقت يقعدها المسحر اما الحين الناس نفس الخفافيش يقعدون الى بعد اذان الصبح وينامون الصبح بكده ،، يعني هم يقعدون لمسحر مو لمسحر يقعدهم ؟؟؟؟!!!!

    • زائر 4 زائر 3 | 1:13 ص

      المسحر مهنة قديمة ولكن لم تكن كل القرى معتادة عليها مثلاً كرانة لو يشوفون مسحر نقول هذا مجنون وطبال ... يعني صوت الطبل مو محبذ لدينا بل نستكره مما له محضورات شرعيه وما شابه

    • زائر 2 | 12:57 ص

      صباح الخير
      الله يعودكم وان شاء الله كل المناطق تحذو .
      والله يأجركم .

    • زائر 1 | 11:41 م

      فاضين العالم
      لو واحد عتب صوب باب بيتنا قصصت رجايلة قاصرين ازعاج عالازعاج الموجود

اقرأ ايضاً