قبل أسبوع صوَّت البرلمان الألماني على ما سُمِّي بـ«مذبحة الأرمن»، مصنفاً إياها على أنها إبادة جماعية قامت بها الإمبراطورية العثمانية في حقّ الشعب الأرمني قبل أكثر من 100 عام. وقد شارك في التصويت نواب الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهو ما أعطى التصويت لوناً مختلفاً.
وبتصويت ألمانيا على القرار، تكون قد انضمَّت إلى عشرين دولة تعترف بهذا التوصيف، وهي النمسا وفرنسا والأرجنتين وبلجيكا وكندا وتشيلي وقبرص واليونان وإيطاليا وليتوانيا ولبنان وهولندا وبولندا وروسيا وسلوفاكيا والسويد وسويسرا وأوروغواي والفاتيكان وفنزويلا. بينما يبقى موقف الولايات المتحدة الأميركية مشابهاً لتلك الدول إلى حدٍّ ما بعد تصريحات الرئيس باراك أوباما قبل شهر، حين استخدم فيه مصطلح «ميدس يغيرن» باللغة الأرمينية، وتعني الكارثة الكبرى.
الحقيقة أن المسألة الأرمنية هي من أكثر المسائل تعقيداً وإشكالاً في علاقات تركيا الخارجية، كونها تشابكت بالعديد من المصالح الغربية، مع النشاط الكبير الذي يلعبه اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. لكن ما هي مذابح الأرمن وما هو تفسير الطرفين التركي والأرمني لها؟
يقول الأتراك إن ما جرى للأرمن سنة 1915 حصل في ظروف استثنائية. وأنه وفي الوقت الذي قُتِلَ فيه ما بين 300 و500 ألف أرمني داخل الأراضي التركية، تعرّض أيضاً 120 ألفاً من الأتراك والأكراد المسلمين للقتل على يد ميليشيات أرمنية كانت تجوب تلك المنطقة.
ويضيفون بأن الأرمن المتحالفين مع الروس شنّوا غارات متكرّرةً على قرى مسلمة في تركيا، فما كان من الجيش العثماني إلاّ أن قام بإبعاد الأرمن مؤقتاً إلى جنوب البلاد كي يمنع ما يجري، وذلك في مايو/ أيار 1915، وانتهى في أكتوبر/ تشرين الأول 1916.
ويعترف الأتراك أنه وخلال عملية النقل تلك قُتِل ذلك العدد الكبير من الأرمن. لكن الأتراك يقولون أيضاً أنهم اتخذوا إجراءات خلال تلك الفترة ضد كل مَنْ ارتكب جرائم ضد الأرمن، حيث تقول أنقرة إنها عاقبت 1400 موظف لديها في تلك الفترة بعقوبات مختلفة جراء فعلتهم تلك، وأمرت بتسجيل أموال الأرمن وممتلكاتهم كي تعيدها إليهم عند عودتهم.
أما الأرمن فيقولون بأن عمليات السلطنة العثمانية ضدهم بدأت ما بين إبريل/ نيسان 1915 ويوليو/ تموز 1916، وآخرون منهم يمدّونها إلى العام 1923، وهي التي أدّت إلى القضاء على ثلثي الأرمن في تركيا حسبما يقولون. المراجع الأرمينية تشير إلى أن عدد قتلى الأرمن بلغ مليوناً ونصف مليون قتيل. ويشيرون إلى أن مجموعات مؤيدة للعثمانيين كحركة الأتراك الشباب والتنظيم الخاص هم الذين أمروا بتنفيذ المجازر.
ويضيف الناشطون الأرمن أن أجدادهم كانوا يُساقون إلى الصحراء لتتم تصفيتهم هناك، وأن آخرين منهم ماتوا بسبب الجوع، وتعرّضت نساؤهم إلى عمليات اغتصاب جماعي، في حين تهجَّر الآلاف إلى خارج تركيا.
ويُعدِّد الأرمن خسائرهم المادية جراء تلك المجازر بالقول إنها عبارة عن عقارات وأوقاف منها 2700 كنيسة و500 دير و2000 مدرسة. أما فيما خصّ الودائع المصرفية، فهي بعشرات الملايين من الليرات الذهبية بحساب ذلك الزمن. هذه هي الروايتان المختلفتان اللتان ينقلهما كل طرف.
هنا وأمام تلك الأرقام، وبعيداً عن صوابيّة كل طرف، يُطرَح السؤال التالي: لماذا تخشى تركيا الاعتراف بـ»مذبحة الأرمن»؟ هذا سؤال وجيه، ويمكن الإجابة عليه باختصار شديد، وهو أن من أهم الأسباب التي تجعل تركيا تُحجِم عن الاعتراف بمجازر الأرمن هي مسألة التعويضات التي يتوجّب عليها دفعها.
فحسب التقديرات فإن تركيا في حال اعترفت بما يقوله الأرمن، فإن عليها تقديم تعويضات تصل إلى 88 مليار دولار إذا كانت المجازر قد ارتُكِبت بين عامَيْ 1915– 1919، أو 105 مليارات دولار إذا امتدت إلى العام 1923، وإعداد تقرير مفصل يشمل النواحي القانونية والتاريخية والسياسية والمعنوية، وضرورة إعادة الأملاك العينية المنقولة وغير المنقولة، وكذلك الأراضي والتعويض عن كل ضحية على حِدة قضى أو عاني خلال تلك الفترة. وهي تعويضات خيالية فعلاً.
الأمر لا يتوقف على تلك التعويضات فقط، بل إلى أشياء أخرى. فحسب ما قدّمه الاتحاد الثوري الأرميني، فإن مطالب الأرمن تتجه نحو تقديم أنقرة اعتذاراً رسمياً يُبيّن تواطؤ تركيا في عملية الإبادة وعلاقتها بها، والمسئولية القانونية والأخلاقية الملقاة على عاتقها.
وأيضاً تقديم تركيا مبادرات شاملة تُصلِح من خلالها صورة الأرمن في مناهجها التعليمية، كي تتضمّن تفصيلاً عن دور تركيا في تلك المجازر، وكذلك إقامة متاحف بشأنها وتقديمها تمويلاً منتظماً للفعاليات التي تُجرى في العالم عن تلك المجازر وإعادة إحياء الأسماء الأرمنية التاريخية داخل تركيا وتحديداً في شرقها، والقضاء على النَّفَس الشوفيني ضد الأرمن حسبما يقولون.
كما يطالب الأرمن تركيا بتوفير الدعم السياسي للأرمن ولجمهورية أرمينيا المجاورة، بما فيه وقف دعمها لآذربيجان في صراعها الحدودي مع أرمينيا، بشأن إقليم ناغورني كره باغ.
الحقيقة أن القضية الأرمنية تشكّل عامل ضغط كبيراً على تركيا، تمارسه الدول الغربية ضدها وبالتحديد في مسألة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. كما أن اللوبي الأرميني يمارس دوراً رئيساً في سن التشريعات في الكثير من الدول التي ينشط بها، وذلك لإعاقة دخول الشركات التركية في عمليات الاستثمار. وفي الجانب الآخر، تتبنّى الكثير من الدول الأوروبية حمل هذا الملف من أجل ابتزاز تركيا كي تُقدِّم الأخيرة تنازلات في أكثر من ملف.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 5026 - الجمعة 10 يونيو 2016م الموافق 05 رمضان 1437هـ
عندما ثار العرب لنيل خلاصهم من الحكم العثماني لم يتهموا بالخيانة للسلطنة العثمانية و بالتواطوء مع الانكليز لانهم مسلمون اما الارمن حتى تاريخ اليوم متهمون بخيانة السلطنة العثمانية و متواطئين مع الروس و ذلك لانهم مسيحيون . مع العلم ان العرب السلمون هم من حافظ على ما تبقى على قيد الحياة في صحارى العراق و الشام .
من تصفير المشاكل الى البلاوي
بلد نقل مواطنيه من خانة الضعف الاقتصادي الى الرخاء علاقات بدول الجوار ممتازة بضائع تركيا تمر عن طريق سوريا لكثير من الدول الخليجية والعربية وفجاءة يحمل راية إسقاط الأنظمة الحزب الحاكم في تركيا ممثلا في رئيس الوزراء اردو غان ويبدأ تسهيل دخول الجزارين لسوريا ودارت الايام
خبرة شخصية: لو دققنا في حياة الأرمن خارج وطنهم الأم نجد بأنهم متحابون و متعاونون مع بعضهم البعض. صديق أرمنى إشتاق لزيارة وطنه الأم. رجع خائبا و هو يحكي لي كيف الأرمن لا يختلفون في تصرفاتهم و عداواتهم في وطنهم عن غيرهم من البشر. تركيا و منذ عقود و من خلال كافة حكوماتها المختلفة فشلت في التعامل مع هذه المعضلة. كان بإمكانهم إنهائها لو لا التعنت المتعصب الفاضي.