العدد 5026 - الجمعة 10 يونيو 2016م الموافق 05 رمضان 1437هـ

أمين «المهندسين العرب» لـ «الوسط»: مهندسون غير كفوئين غزوا المهنة... وجامعات البحرين ليست دكاكين لشهادات الهندسة

تقييمنا للتعليم الهندسي ليس حكماً بالإعدام...

الأمين العام لاتحاد المهندسين العرب متحدثاً إلى «الوسط»: مهنة الهندسة أخطر من الطب
الأمين العام لاتحاد المهندسين العرب متحدثاً إلى «الوسط»: مهنة الهندسة أخطر من الطب

قال الأمين العام لاتحاد المهندسين العرب، عادل الحديثي، إن عدداً من المهندسين «غير الكفوئين» غزَوا مهنة الهندسة بصورة واضحة، في الوقت الذي لم يواكبوا التطور العلمي لهذه المهنة «الدقيقة والخطيرة»، معبراً عن خوفه مما وصفه بـ «انحدار» مستوى التعليم في المجال الهندسي ببعض الجامعات.

وفي مقابلة مع «الوسط»، أكد الحديثي أن الجامعات في البحرين لم تتحول حتى الآن إلى دكاكين لمنح شهادات الهندسة، مطالباً في الوقت نفسه بإعطاء جمعية المهندسين البحرينية دوراً لتقييم التعليم الهندسي.

وذكر أن الاتحاد الذي ينضوي تحته مليون و200 ألف مهندس في 28 دولة، لديه لجان لتقييم التعليم الهندسي في المعاهد والجامعات الخاصة، معتبراً أن هذا التقييم «ليس حكماً بالإعدام»، بل يأتي لوضع الملاحظات وإبلاغ إدارات الجامعات والمعاهد بها.

ورأى الحديثي أن المهندس لا يتقاضى أجراً يساوي الجهد والوقت الذي يبذله في سبيل إخراج تصميم هندسي، معاتباً من اعتبرهم «أصحاب القرار» في الدول العربية، لتفضيلهم المهندس الأجنبي على العربي.

ودعا الجهات المعنية في كل الدول العربية إلى وضع معايير لضبط التعليم الهندسي، لضمان عدم انحدار هذا المجال.

وفيما يأتي نص لقاء «الوسط» مع الأمين العام لاتحاد المهندسين العرب...

ابتداءً، كيف تأسس اتحاد المهندسين العرب؟

- الاتحاد أُسس في (28 إبريل/ نيسان 1963)، وهو الاتحاد الوحيد الذي لم تعقد المؤتمرات لتأسيسه، بل إن المؤتمرات الهندسية العربية هي التي أسسته، وأول مؤتمر هندسي عربي عقد في العام 1945، ولم يكن الاتحاد كائناً آنذاك، بل كانت بعض الدول العربية فيها جمعيات هندسية، وهي ليست علمية. وبعد عقد عدة مؤتمرات اقتُرح تأسيس نقابة المهندسين العرب، وبعد ذلك تأسس اتحاد المهندسين العرب، من قبل 6 هيئات هندسية، هي: مصر، التي تعد الدولة المبادرة لعقد أول مؤتمر للاتحاد في شرم الشيخ، العراق وهو صاحب فكرة تأسيس الاتحاد، سورية، لبنان، والأردن، وجمعية المهندسين الكويتية.

كم عدد الهيئات التي يضمها الاتحاد الآن؟

- 28 هيئة هندسية عربية، وبقيت بعض الدول غير المنضوية تحت الاتحاد، وهي: الصومال وموريتانيا وجزر القمر وجيبوتي، ونأمل تأسيس هيئات هندسية في هذه الدول الأربع، وبعد ذلك ضمها إلى الاتحاد.

كم عدد المهندسين المنضمين إلى اتحاد المهندسين العرب؟

- أكثر من مليون و200 ألف مهندس تحت مظلة الاتحاد، والعدد بكل تأكيد أكبر، فهناك الكثير من المهندسين العرب المغتربين، منهم في أميركا الجنوبية والدول الأوروبية الأخرى.

ما الذي حدا بهؤلاء المهندسين المغتربين إلى مغادرة دولهم والاتجاه نحو الدول الأوروبية؟

- ما حدا بهم هو توافر البنى الأساسية لتخصصاتهم العلمية ولإنجازاتهم العلمية، وقد يقول البعض إن الأمر له علاقة مادية، لكن في الحقيقة الاغتراب ليس لأسباب مادية، وقد تتوافر مرتبات في بعض الدول العربية أفضل من الأوروبية، والأخيرة وفرت له بيئة يمكن من خلالها أن يبدع وينتج.

والشيء المؤسف والمفرح، أن كثيراً من الشركات الأجنبية العاملة في المجال الهندسي في الدول العربية، وخصوصاً الخليج، مديروها عرب، لكن أتيحت لهم الفرص للعمل في هذه الشركات، وقد يُسحب الأمر على بعض الأمور الأخرى المتعلقة بتوفير الحرية الشخصية، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة.

مهنة الهندسة تعد من المهن الدقيقة التي قد يتسبب خطأ واحد فيها في وفاة مئات الأشخاص، ما هو تعليقك على هذا؟

- يقولون إن مهنة الطب من المهن الدقيقة والخطيرة، لكن الهندسة هي حياة الإنسان، وصحيح أن الطب من المهن الدقيقة لكن الخطأ الطبي قد يقتل شخصاً واحداً، بينما الخطأ الهندسي يقتل مئات الأشخاص، وخصوصاً إذا ما أنشئ المبنى على غير المواصفات والمقاييس الهندسية المعتمدة.

وأرى أن الهندسة مهنة لا تسهم في تطور ونمو الإنسان فقط، بل إنها مرتكز أساسي في تطور الحضارات.

هل يمكن لأي شخص امتهان الهندسة؟ أما أنها مقتصرة على من يفقهون مسك المسطرة وأقلام الرصاص؟

- هي مهنة كأية مهنة أخرى، تتطلب التعليم الأساسي الجيد، والانتقال إلى التعليم الجامعي في الجامعات الرسمية، ويجب أن يكون طالب الهندسة متميزاً، ونحن الآن نعاني من مشكلة انتشار المعاهد والجامعات الخاصة التي يعد الكثير منها تجارية، ولا تهتم بالمعايير الدولية، فالطالب المتفوق ووضعه المادي لا يسمحان بدخول هذه الجامعات، يأخذ مقعده الطالب المقتدر حتى وإن كان غير متميز، ويبقى الطالب المتفوق منتظراً مقعداً في الجامعات الحكومية.

وذلك، نحن بصدد أن نولي اهتماماً كبيراً لهذا الأمر، وخصوصاً موضوع التعليم الهندسي ومعايير لضبط جودة التعليم الهندسي، ونضع له أولوية خاصة؛ لأنه يؤثر على المهنة.

الهندسة تتوقف على الشخص نفسه، وأشير هنا إلى أن بعض النقابات الهندسية تدخلت في الأمر وحدَّت من دخول الطالب في بعض المعاهد التجارية، ونأمل من مجالس التعليم العالي وأية جهة معنية أن تولي اهتماماً بوضع ضوابط شديدة، بحيث من يتخرج في الجامعات الخاصة يكون بالمستوى نفسه في الجامعات الرسمية.

وأنوه إلى أن بعض الجامعات الخاصة قد تتفوق على الرسمية في جودة التعليم، وتوافر المختبرات والمواد العلمية.

ما هو تأثير دخول التقنيات الجديدة والبرامج الهندسية الإلكترونية على مهنة الهندسة؟

- أثرت نحو الأفضل، فبعد أن كان طالب الهندسة يحمل الأدوات الهندسية والأقلام، أصبح يستخدم الحاسوب، والبرامج المتوافرة فيه، في جميع التخصصات الهندسية. ونحن في الاتحاد، ووفقاً للتطور السريع، لدينا 4 هيئات تخصصية ونوعية، هيئة المعماريين العرب، وهيئة الاستشارية الهندسية، وهيئة التحكيم الهندسي، وهيئة التصنيف الهندسي، إلى جانب 8 لجان دائمة في جميع التخصصات الهندسية.

هل تغيرت صورة طالب الهندسة التي كان يعرف من خلالها بحمله الأدوات الهندسية، وخصوصاً في ظل التطور التكنولوجي؟

- من حيث المنطق العلمي يفترض التطور نحو الأفضل، لكن من حيث الواقع التعليم الهندسي تراجع كثيراً، وخريج الهندسة الآن، وخصوصاً في ظل وجود المعاهد والجامعات غير المنضبطة، هناك كثير من المهندسين، وجزء منهم غزوا الهندسة بشكل واضح وهم غير كفوئين، ولم يواكبوا تطور أداء المهندسين مع التطور العلمي. وبالتالي، فمستوى المهندسين الجدد أضعف من السابق.

هل تحاولون معالجة هذا الأمر من خلال اتحاد المهندسين العرب؟

- هذه إحدى المهام الثقيلة الملقاة على عاتق الاتحاد، وهي كيف يرقى بمهنة الهندسة وارتفاع بالمستوى الوظيفي.

لنتحدث عن أجر المهندس، هل يحصل المهندس على أجر يساوي الجهد الذي يبذله لساعات طويلة من التركيز والجهد للخروج بخرائط هندسية لأي مبنى؟

- في الحقيقة لا، ولا أريد أن أعمم، لكن في أكثر الحالات المهندس لا يتقاضى المردود المالي المناسب لعلمه وكفاءته، وجهده وما يقدمه من خدمة للارتقاء بمستوى التنمية والتطور في البلد، إذ لا توجد نسبة وتناسب بين العمل والأجر.

هل تعتقد أن هذا سبب انتقال المهندس من العمل في القطاع الحكومي إلى الخاص، طمعاً في أجر أعلى؟

- في بعض الدول يفضل المهندس العمل في القطاع الحكومي؛ لأن فيه أماناً وظيفيّاً، أكثر مما هو متوافر في القطاع الخاص، وقد يستغني القطاع عن المهندس في أية لحظة، وبالتالي العمل الحكومي ضمانة لاستمرار المهندس في العمل، وضمان للحصول على راتب تقاعدي، إلى جانب أن المهندس قد يستغل في القطاع الخاص، ولا يحصل على أجر ساعات العمل الإضافي، خلافاً للقطاع الحكومي.

هل تنظرون بخوف من تأثير المهندس الأجنبي على العربي، وخصوصاً في الدول العربية؟

- ليس لدينا خوف، بل عتب شديد يصل إلى حد الاحتجاج على أصحاب القرار في الحكومات العربية، لأن كثيرين منهم يفضلون المهندس الأجنبي على العربي، ويعتقدون أن الأخير أقل مستوى من الأجنبي، وهذا اعتقاد قد يكون خاطئاً، ويأتي انطلاقاً من عقدة، تتمثل في الاعتقاد أن المهندس القادم من دولة أجنبية أفضل من دولة عربية.

ونرى أنه يجب أن تكون الأولوية للمهندس العربي، وبعدها المهندس العربي المغترب قبل الأجنبي. وأعتقد أن أغلب المشاريع، وتكاد تتجاوز 90 في المئة منها، تُحال إلى شركات أجنبية، على رغم وجود شركات عربية كفوءة يمكن تنميتها، وتقوية العلاقات معها.

ما هي أبرز التحديات التي يواجهها المهندس العربي؟

- أبرز التحديات عدم إعطاء المهندس العربي الأولوية على أرضه، وصعوبة الانتقال بين الدول العربية، وهو عائق كبير، وفي مؤتمراتنا أساتذة كبار لا تستطيع الحصول على تأشيرات لدخولهم للمشاركة في المؤتمرات على رغم أننا في دولة عربية، لكن تجد الأمور ميسرة في الدول الأجنبية.

إلى جانب القلق على التعليم الهندسي، فيجب على الجهات المعنية أن تضع معايير لضبط مسيرة التعليم الهندسي من ناحية، وتحديد عدد المهندسين في التخصصات الفائضة، والتخصصات النادرة التي تحتاج إليها، وهذا واجب على الدولة، ونحن في بلدان يرغب كل الآباء أن يدرسوا أبناءهم الهندسة والطب. وللأسف ما زلنا نعيش عقدة التخصص، ونعتبر المهندس والطبيب هي مهنة النخب، في حين أن الطالب المتفوق قد يذهب إلى دراسة التاريخ أو الاقتصاد، وهي مهن مهمة.

كيف تقيمون تجربة البحرين في المجال الهندسي؟

- التجربة في البحرين جيدة، ونحن مطلعون على تجربتها، ونجد أنها لم تتوسع كثيراً في التعليم الهندسي الخاص، ولم تتحول الجامعات إلى دكاكين تمنح شهادات الهندسة، في حين أن هذا الأمر أصبح منتشراً في دول أخرى. وأجد من الضرورة إعطاء جمعية المهندسين البحرينية دوراً أكبر في رسم سياسات التعليم الهندسي.

ما هي الدولة العربية التي ترونها رائدة في مجال الهندسة؟

- اعذرني لا يمكنني تحديد دول ما، لكن بشكل عام هناك انخفاض في المستوى العلمي بمجال الهندسة، وحتى في الجامعات الخاصة، والمخيف هو من عدد من الجامعات الخاصة التي تمنح شهادة الهندسة.

هل ترون أن شهادة الهندسة أصبحت رخيصة ويمكن شراؤها؟

- ما زالت شهادة الهندسة محترمة، ولا نريد لمستواها أن ينحدر أكثر، ولدينا في الاتحاد لجنة للتعليم الهندسي تقوم بزيارة المعاهد والجامعات، وبعضها لا تقبل بهذه الزيارات التي تأتي في إطار السعي لاعتمادها، واعتماد البرامج التعليمية الهندسية ليس حكم إعدام، بل يزورها خبراء في الهندسة، ويضعون ملاحظاتهم على دراسة الهندسة، ونقدمها إلى هذه الجامعات.

ما هي النصيحة التي تقدمها إلى المهندسين وأنت تمتلك خبرة طويلة في هذا المجال؟

- أوصيهم جميعاً بالاهتمام والحرص على التعليم بالشكل الجيد، وأن يواصلوا عملية التأهيل والتدريب في المراكز المتخصصة، ويطّلعوا على المواد العلمية، ليتطوروا ويتزودوا بالمفاهيم الجديدة بمجال الهندسة، ويحضروا المؤتمرات الوطنية على الأقل.

العدد 5026 - الجمعة 10 يونيو 2016م الموافق 05 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً