العدد 5026 - الجمعة 10 يونيو 2016م الموافق 05 رمضان 1437هـ

تعلَّمنا من أساتذة الخط العربي وتشرَّبنا الفن من قلب المنامة

الخطاط والفنان التشكيلي عبدالشهيد خمدن:

إحدى الورش مع عدد من الفنانين والفنانات في قطر
إحدى الورش مع عدد من الفنانين والفنانات في قطر

خطاط وفنان تشكيلي بحريني، من مواليد العام 1952، عضو بجمعية البحرين للفنون التشكيلية، كانت له مساهمات في الصحافة المحلية، وشارك في العديد من المعارض المحلية والخارجية، وشارك في لجان التحكيم بعدد من مسابقات الخط العربي في البحرين. وكان من الجيل الذي بدأ مع انطلاقة تلفزيون (RTV Bahrain)، في فترة العصر الذهبي للخط العربي في البحرين الذي تزامن مع الطفرة النفطية الأولى في منتصف السبعينيات.

عن هذه التجربة الفنية الممتدة لأكثر من أربعين عاماً، يحدثّنا الفنان والخطاط عبدالشهيد خمدن عن البدايات، وعن جيله العصامي، وواقع الخط في البحرين ومستقبله الذي يبشر بخير، مع وجود قاعدة من الخطاطين الجدد الواعدين.

لنبدأ بالحديث عن البدايات...

-كانت بداياتي مع الخط العربي في العام 1972، وكمبتدئين، شرعنا في الاطلاع على الخطوط المختلفة. وكان لدينا كراسة الخطاط العراقي الشهير هاشم البغدادي حيث تعلّمنا منها الأصول. كنا جيلاً عصامياً، اعتمدنا على مجهودنا وتعبنا لنتعلم. كما استفدنا من أعمال الخطاطين المشهورين حامد الآمدي، ومصطفى الراقم، وسيد ابراهيم المصري، ومحمد حسني والد الفنانة سعاد حسني ونجاة الصغيرة.

وهل التقيت بأحد منهم؟

- للأسف لا. كنت في سنّ الخامسة عشر، وكان في السوق إعلانات تحمل أسماء البرادات والمحلات التجارية. كما أن نشأتي في فريق الحمّام بقلب المنامة القديمة، المليء بالأسواق والمساجد والمآتم، كان لها دور في تكويني، حيث بدأت أخط للمآتم البيارق والأعلام والنشرات الدينية.

وماذا عن مسيرتك المدرسية؟

- كنت في مدرسة الإمام علي ثم مدرسة أبوبكر الصديق، وكان فيها أساتذة فنانون، مثل الشيخ علي بشير، وهو فلسطيني من الفنانين التشكيليين، وقام بتدريسنا الرسم، وله الفضل الكبير في توجيهنا ودعمه للفن التشكيلي، وكان محباً للخط العربي. إلى جانب الأستاذ إبراهيم أمين، وهو من الأساتذة الذين شجّعونا كثيراً، وكان يخط أيضاً ويوجهنا على هذا الطريق، وكان يعتمد علينا في عمل الوسائل التوضيحية والأعمال الفنية.

وكيف بدأت العمل؟

- اشتغلت في مجالات كثيرة، وبدأت مع الفنان حسن أميري، حيث التحقنا بتلفزيون (RTV Bahrain)، الذي انطلق حديثاً منتصف السبعينيات، وفيه برامج متنوعة، وكنا نخط كلماتها (الكبشن)، كل كلمة بـ500 فلس، باستخدام القصب والحبر الصيني على الورق المقوّى.

وحين اشترت الحكومة الشركة خيرونا بالعمل بدوام جزئي أو كامل، فاختار زميلي أميري العمل بدوام كامل. وفي 1977 حصلت على وظيفة في مركز الوسائل التعليمية التابع لوزارة التربية والتعليم بالمحرق حتى العام 2004. ونقلت إلى إدارة التدريب بالوزارة نفسها، حيث تقيم دورات ومحاضرات وندوات لمدرسي اللغة العربية، في مجال مبادئ وأسس الخط العربي، وكان عدد المشاركين بالدورات بين 20 و30 مدرساً ومدرسة. واستمر ذلك حتى تقاعدي في العام 2007.

وأقمت الكثير من ورش الخط حيث غطيت أكثر مناطق البحرين، لمختلف المراحل الدراسية، للكبار والصغار، إضافة إلى المدارس الخاصة.

كيف تقسم مراحل مسيرتك الفنية؟

- مرحلة البدايات، والتوجه إلى الاهتمامات الفنية، ثم الانتساب إلى جمعية الفنون التشكيلية 1987، والمشاركة على مستوى الدولة مع مجموعة من الفنانين البحرينيين.

وماذا عن المشاركات الخارجية؟

- شاركت في أكثر معارض الخط العربي بدول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب مصر والعراق وإيران والمغرب ولبنان وتونس، وصولاً إلى الهند وبنغلاديش وفرنسا والنرويج.

ماذا تحدثنا عن جيلك؟

- جيلي تكوّن من عبدالإله العرب، وحسن أميري وإبراهيم بوسعد ومحمود الملا وأحمد وأخوه حسن بهلول ومجيد الحبيشي، وسبقنا جيل آخر من الخطاطين محمد البحارنة وأحمد المناعي كأمثلة وليس حصراً وأخشى أن يكون فاتتني أسماء أخرى. كنا نشتغل في العصر الذهبي للخط، مع الطفرة النفطية في منتصف السبعينيات، وازدهار الحركة التجارية في البلاد. اشتغلنا في المطابع والمجلات. وعملت مع الأستاذ علي سيّار في مجلة «صدى الأسبوع»، مع الصديق مجيد الحبيشي، وكنا نشتغل مساءً، مع الصحافي علي المأذون، وكان العمل يتطلب السهر حتى الصباح، ونعود إلى المنزل في وقت ذهاب الناس إلى أعمالهم. كما اشتغلت مع مجلة «المواقف» أيام الأستاذ مصطفى القصاب، وبعدها مع «المسيرة» التي أصدرها الأستاذ خليفة حسن قاسم.

وماذا كان عملكم بالتحديد؟

- كنا نقوم بخط المانشيتات، والعناوين الرئيسية والفرعية، وأحياناً تصميم الإعلانات، أما الآن تغيّر كل شيء، فكل هذه الأعمال يتم عملها بخطوط الكومبيوتر. فبطاقات الزواج التي كنا نخطّها سابقاً بمبلغ 40 إلى 45 ديناراً، ينفذها الخطاطون اليوم أو حتى الهنود بـ5 دنانير.

ماذا عن تجربتك الخاصة في دمج الخط والتشكيل؟

- في الخط أنا ملتزمٌ بقواعد وأصول الخط وإبراز جمالية الحرف العربي، وفي جانب آخر من اهتماماتي، على الفنان أن ينوّع ويواكب الفنون الأخرى، والاطلاع على الفن والخط وأصولهما. وفي لوحاتي استخدم الزخارف الإسلامية من نقوش ووريقات ومنمنمات، والمعالم الأساسية الأخرى كالقباب والأشكال الهندسية التي تعتبر جزءًا جوهرياً من الفن الإسلامي.

ماذا عن مستقبل الخط؟

- كمردود مادي لا يوجد، وكذلك لم تعد كمهنة. أما عنه كفن، فهناك طاقات بحرينية كثيرة، لا يقل عن 50 خطاطاً إن لم يصل إلى 100، وهم مجتهدون ويتعلمون بجد، ولديهم توجه واهتمام والتزام بالخط كقاعدة وأساس. ويمكنني القول بثقة، أن الخط في البحرين بخير. فهناك مسابقات ومعارض، وهناك ملتقى الخطاطين الشباب، ولديهم مشاركات في الخارج أيضاً. جيل مجتهد ويطور نفسه ويترك بصمته، ليس في الخط فحسب بل حتى في التشكيل. وأتوقع أن تبرز عندنا قاعدة كبيرة من الخطاطين خلال سنوات. الخط في البحرين بخير.

وهل يقتصر ذلك على الشباب؟

- لا طبعاً، هناك شاباتٌ أيضاً، عندهم توجه واهتمام، وهي أجيال قادرة على التطوير وإثبات الذات حتى على المستوى الخليجي والعربي. وأنا أتابع الحركة الفنية وأرصد ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما فيها «الانستغرام»، فقط يحتاجون إلى الاهتمام والتشجيع والدعم من الدولة والصالات الرسمية والأهلية، وأن نأخذ بأيديهم من أجل البقاء والاستمرارية.

الفنان عبدالشهيد خمدن-تصوير محمد المخرق
الفنان عبدالشهيد خمدن-تصوير محمد المخرق




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً