العدد 5025 - الخميس 09 يونيو 2016م الموافق 04 رمضان 1437هـ

القراءة... نظرة أخرى

محظوظون عاشقو الكتاب والقراءة، أولئك الذين يجدون وقتاً لها وللاطلاع والاستزادة، وأكثر حظاً أولئك الذين يجدون انسجاما وتوافقا وربما تلازما بين ما يقرأون وبين حياتهم (المهنية)... أولئك الذين إذا ما قرأوا كتابا أو فكرة أو قصة أو حتى معلومة جديدة، فإن بإمكانهم أن ينشروها ويتحدثوا عنها ويروّجوا لها ويحتفوا بها... فلا يجدون تناقضا أو تعاكساً او تضادا بين ما يحبون و يهوون وبين ما يمارسون ويطبقون ويمتهنون، بل تشكّل قراءاتهم وثقافتهم رافداً لحياتهم العملية وداعما لتألقها وربما أساساً لها.

شتان بين أن تحاول جاهدا تفريغ ساعة من وقتك لتطلع على كتاب أو تقرأ في مجلة محترمة او تتصفح صحيفة، وبين ان يكون من مهام عملك أن تقرأ كتابا أو ان تبحث وأن تتثقف! بين ان تعجبك فكرة فتكتب عنها... وبين أن تختمر في عقلك فكرة أو قصة، أو يؤثر فيك موقف تحب أن تشاركه الآخرين فلا تجد إلا المنتديات الباهتة المغمورة لتنشرها أو تحكي عنها، دون ان يكون لذلك صدى أو أثر، أو تدوّنها وتضعها في ظرف يصفرّ ويبهت تحت وقع النسيان والتجاهل، وبين ان تجد صدى وأثراً ومحاكاة لقراءاتك في مجال عملك، وبين أن يبعد ما تقرأ عما تعمل بُعد الأرضِ عن السماء!

القاعدة تقول ان من يقرأ فلا بدّ أن يأتي عليه يوم فيكتب، مهما قلّ ومهما دنا أو علا مستوى ما يكتب. وبالتالي فإن لم يجد الكاتب أو المؤلف او الشاعر (رجلا او امرأة) من يقرأ له ويثني عليه أو يذمه و ينتقده، فإنه سينتهي به المطاف لأن يتوقف عن الكتابة وربما القراءة! أما بالنسبة لنا معاشر القرّاء البسطاء العاديين جداً فإننا وإن كنّا نجد فسحة في هذه الصحيفة لننشر ما نشعر بأنه جدير بالمشاركة أو النشر، إلا أن اكثرنا يزهد في الكتابة أو يتوقف لأننا بالكاد نتمكن من نشر 5 أو أقل في المئة مما نكتب، ذلك أنّك ضمن صف طويل من القرّاء المنتظرين الذين يأملون في نشر مشاركاتهم.

فالصحف (أغلب الصحف) لا تهتم بنتاج القرّاء الأدبي قدر اهتمامها بمشاكلهم و»بلاويهم»!، لذلك يُخصّص لهؤلاء القرّاء (المرفّهين) يوم او يومان، بينما بقية الأيام هي للمعذبين والشاكين، فأنت بإمكانك انت ترسل للصحيفة كل يوم مشكلة فتنشر فوراً، ولكنك لن ترى نتاجك الأدبي ومشاركتك إلا بعد ان تكون قد نسيت انك أرسلت للصحيفة! ذلك يجعلك تزهد في أن تكتب وتستزيد لأنك إن لم تكن قادراً على نشر ما تجود به قريحتك فأنت كالطير الذي يغرّد لنفسه! وأتذكر ان نزار قباني كان يقول:

أتجوّل في الوطن العربي

لأقرأ شعري للجمهور

فأنا مقتنعٌ أن الشعرَ

رغيفٌ يخبز للجمهور

وأنا مقتنعٌ – منذ بدأت –

بأن الأحرف أسماكٌ

وبأنّ الماءَ هو الجمهور

جابر علي

العدد 5025 - الخميس 09 يونيو 2016م الموافق 04 رمضان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً