أورد مدير عام مركز الأميرة الجوهرة الابراهيم للطب الجزيئي والأمراض الوراثية التابع لجامعة الخليج العربي معز بخيت شرح مفصل لكل التحديات التي تواجه مستقبل الطب الشخصي في البحرين، مختزلاً نماذج من الأبحاث العالمية التي اثبتت جدوى الطب الشخصي في توفير العلاجات المناسبة والفعالة، باستخدام الخريطة الجينية التي تساعد الأطباء على تشخيص المرض بشكل دقيق ووصف العلاج المناسب بعيداً عن العلاجات غير الضرورية، مما يزيد من فاعلية العلاج ويخفف معاناة المرضى ويوفر من الموازنات التي ترصدها الحكومات للقطاع الصحي.
وقال بخيت خلال محاضرة "مستقبل الطب الشخصي" التي نظمها مركز الأميرة الجوهرة بالتعاون مع جمعية الأطباء البحرينية أن أبحاث الطب الشخصي باتت تمتد على نطاق واسع، وأن استخداماته كفيلة بتوفير العلاج المناسب والفعال للمحتاجين في أقرب فرصة ممكنة، لاسيما مع تزايد البحوث المتقدمة في علم الجينوم والبروتينات واتساع مفهوم الفروق الفردية في التركيب الجيني، إذ فُتح المجال بشكل اوسع لدراسة المزيد من المناهج الشخصية في الرعاية الصحية، موضحا في الوقت ذاته قدرة علم الجينات على تشخيص الرعاية الصحية، إذ يمكن لمقدمي الخدمات الصحية العاملين بمجال "الصيدلة" تنسيق الادوية المناسبة للمريض حسب التشكيلة الجينية له، عبر تحديد الاعراض التي يمكن الاصابة بها ودرجة الاستجابة لعلاجات معينة.
وألمح أنه عبر تطبيق الطب الشخصي يمكن إلغاء العلاجات غير الضرورية، وتقليل احتمالية إصابة المرضى بالانتكاسة، وتحقيق النتائج العلاجية المرجوة، لافتاً إلى أن أخذ لقاحات من أنسجة المريض نفسه وجهت الطب الشخصي إلى آفاق جديدة وواسعة.
واسترسل بخيت في استعراض التعريفات العلمية للطب الشخصي، وتوضيح أهمية تثقيف المرضى ومقدمي الرعاية الصحية، وقدم نماذج لتوصيات مؤتمر الجينوم الذي عقد بمركز الأميرة الجوهرة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي حيث التأكيد على الحاجة الملحة والضرورية لإطلاق مشروع الجينوم الوطني الذي سيساعد ويسهم في رفاهية وتنمية المجتمع من خلال توفير العلاج المناسب والفعال خصوصا في المراحل العمرية الأولى، لتلافي ظهور الأمراض الجنية وتعقيداتها في مقتبل العمر، مشيرا إلى أن مشروع الجينوم الوطني سيعمل على تخفيف العبء على ميزانيات الدول من خلال الاكتشاف المبكر للأمراض المتعلقة بالجينوم، كما وسيسهم في تطوير الكفاءات المهنية في هذا التخصص الهام.
وفي سياق متصل بين دور جامعة الخليج العربي في الاستجابة للمستجدات في عالم الطب الحديث ومواكبة التطورات العلمية فيه، حيث أطلقت الجامعة هذا العام برنامج مبتكر في دبلوم وماجستير الطب الشخصي للأطباء، في سياق الرؤية الاستراتيجية للجامعة والمتمثلة في تبني التخصصات الفريدة والمبتكرة في مجال التعليم العالي، وإجراء الأبحاث العلمية والسريرية المتميزة التي تلبي الاحتياجات الصحية لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأوضح خلال حديثه عن تقييم المخاطر الوراثية وفهم الأخلاقيات والقوانين المتعلقة باستخدامات الطب الشخصي أن مهمة برنامج الطب الشخصي هي الحصول على التطابق مع الاختبارات الجينية والوراثية واكتساب المعرفة النظرية والعملية من الطب الشخصي ودوره في صنع علاج فردي لكل مرض، بهدف تحقيق الفهم الدقيق لأساسيات علم الجينات والصيدلة، البروتيوميات والايض وتطبيقاتهم السريرية والشخصية، وكذلك اداء الاختبارات الوراثية السريرية على ضوء التكنولوجيا الحديثة وإجراء البحوث الأصلية في مجال الطب الشخصي التي من شأنها أن تؤثر على الاحتياجات الإقليميةـ مؤكدا أن عصر الطب الشخصي قد آن.
إلى ذلك، أورد بخيت أمثلة على استخدام تقنيات الطب الشخصي عالمياً، إذ أشار إلى أن ادارة الاغذية والعقاقير وافقت على أربعة عقاقير مضادة للسرطان لاستخدامها في المرضى الذين لديهم الخصائص الجينية المحددة التي يتم تحديدها من قبل اختبار تشخيصي رفيق الأورام. كما وافقت على علاج جديد للاستخدام في بعض مرضى التليف الكيسي للذين يحملون طفرة جينية محددة، موضحاً أنه من أمثلة الاستخدامات الأخرى لتقنيات الطب الشخصي جبيرة القصبة الهوائية المصنوعة باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وأجهزة لعلاج طنين الأذن مخصصة حسب الإشارات الصوتية لتتناسب مع متطلبات السمع الفردية لكل مريض، وأضاف: "هناك أيضاً دعامات للعمود الفقري حسب التكوين التشريحي للمريض، وأيضاً تحليل الإشارات العصبية الكمي القائم على برنامج لتوقع استجابة الفرد لمختلف المؤثرات العقلية، إذ يوفر الجهاز احتمال استجابة المريض لمختلف الأدوية لتوجيه الطبيب في عملية صنع القرار في حالات الصرع على سبيل المثال، وهناك أيضاً نظام جهاز البنكرياس الاصطناعي وهو جهاز قيد التحقيقات السريرية يراقب تلقائيا مستويات السكر في مرضى السكري، ويوفر جرعات الانسولين المناسبة لكل مريض".