بعد فترة وجيزة من تولي جيمس أديسون بيكر الثالث وزير الخارجية الأمريكي الـ 61، طلب دبلوماسي إسرائيلي طموح اسمه بنيامين نتنياهو من صديق لبيكر تفسير الطريقة التي يتصرف بها. جاء الرد: هذا سؤال بسيط. ما عليك سوى مراقبته وهو يصيد الديك الرومي البري في جنوب تكساس ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية اليوم الإثنين (6 يونيو / حزيران 2016).
ويستذكر الصديق "إنه ينهض من فراشه بين الثالثة والنصف والرابعة فجرا. يلطخ وجهه بطلاء تمويه. ينتظر بصبر في الأدغال. الحرارة آخذة في ارتفاع، وجميع أنواع الحيوانات تزحف فوق ساقه وتعضه. بيكر لا يتحرك، ولا حتى يحرك حاجبه، ثم: بوم! ثم يطلق النار على الحيوان".
وكما اكتشف الإسرائيليون، فإن الصبر جنبا إلى جنب مع شعور حاد بالسلطة، هما الصفتان اللتان جعلتا بيكر بين عامي 1980 و1993 واحدا من أقوى الرجال في واشنطن، إلى جانب الرئيسين رونالد ريجان وجورج بوش الأب. إنه الأمريكي الوحيد الذي شغل مناصب كبير موظفي البيت الأبيض، ووزير الخزانة، ووزير الخارجية. في عمر 86، ويقول أحد مساعديه من تكساس الذي يقضي فترات طويلة معه "إنه لا يزال قويا كالحصان ويركل مثل البغل".
ظاهرة ترامب
لكن في عام 2016 العالم الذي كان يعرفه جيمس بيكر وبقية المؤسسة الجمهورية انقلب رأسا على عقب. فقد قضى دونالد ترامب على جميع منافسيه على الفوز بترشيح الحزب، بمن فيهم جيب بوش، سليل سلالة ظل بيكر مخلصا لها طوال حياته السياسية التي امتدت لـ 46 عاما.
كثير من جمهوريي واشنطن يعتبرون أن ترامب شخصا غوغائيا نرجسيا، ويرون أنه يشكل تهديدا مميتا للحزب. والسؤال هو ما إذا كان كبار الساسة مثل بيكر يعتبرونه شخصا غير مرغوب فيه ويخلون الساحة لهيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية المفترضة. أو أنهم يحاولون "تشذيب" مواقفه من أجل الحصول على "ترامب المسؤول".
مرت 25 عاما منذ أن أجريت أول مقابلة مع بيكر في وزارة الخارجية باعتباره شخصية "فاينانشيال تايمز" لذلك العام. كانت الحرب الباردة قد انتهت. وتربعت أمريكا على قمة القوة. الآن أنا في مكاتب بيكر ـ بوتس، شركة المحاماة المختصة بالعائلات في هيوستن التي تعود إلى عام 1840. المكالمات الهاتفية حول شروط المقابلة كانت مشحونة نوعا ما. بيكر الذي تولى إدارة خمس حملات انتخابية رئاسية، يعتبر "سيد السيطرة": ضبط النفس، والسيطرة على الآخرين.
يقول "أنا آسف على كل ذلك"، مشيرا إلى أن ترامب لم يعد محظورا، على الرغم من أن اثنتين من محادثاته مع ملياردير التطوير العقاري يجب أن تظل خاصة. كان أولها في آذار (مارس) الماضي، عندما دعا ترامب بيكر بعد وقت قصير من إلقاء نعي لنانسي ريجان في ولاية كاليفورنيا. وأدى ذلك إلى اجتماع "من المفترض أنه" سري لمدة نصف ساعة في مكاتب شركة جونز داي للمحاماة في واشنطن، عندما دخل ترامب سرا من خلال مدخل الطابق السفلي.
تسربت أنباء عن الاجتماع - جريمة تستحق الإعدام من وجهة نظر بيكر. ويبدو أنه لا يحمل أي ضغينة. ونظر في عيني قائلا "مثل كثير من الناس، فوجئت بحجم انتصار ترامب. ذكَّرني ذلك بالطريقة التي جرت بها الحملة الرئاسية لريجان في عام 1976 (...) أتذكر كيف أن كل المؤسسة الجمهورية كانت تعتقد أن ريجان ممثل أفلام من الدرجة الثانية، ومن شأنه أن يوصلنا إلى حرب نووية، وكان يعتبر خطيرا للغاية. وأنت ترى الآن الظاهرة نفسها تقريبا". ويضيف "لكنني لا أقارن ريجان بترامب. أنا لا أشير إلى أنهما متشابهان".
ونستون تشرشل
بعد جولة قصيرة في مكتبه، التذكارات والصور للرئيسين بوش وريجان تقبع تحت جواميس الماء التنزانية المتكدسة، ونخطو إلى حرارة مشبعة بالبخار سيرا على الأقدام لمدة خمس دقائق إلى وجهتنا لتناول الغداء في وسط مدينة هيوستن: نادي كورونادو.
كورونادو الذي سُمِّي على اسم الفاتح الإسباني من منتصف القرن 16، الذي تأسس في عام 1956، يعتبر شبيها في جزء منه بشركة الإعلانات في المسلسل التلفزيوني "الرجال المجانين"، وفي جزء منه ناد للنبلاء الإنجليز. رائحة دخان السيجار القديمة عالقة في الهواء، جنبا إلى جنب مع لوحات ريفية ومواقد أنيقة وتمثال لونستون تشرشل.
يقول بيكر "نعم، هذا تشرشل إلا أننا لن نرسله إلى وطنه". ولم يتمكن من مقاومة إطلاق ملاحظة ساخرة على الرئيس أوباما لإزالته تمثالا مماثلا من المكتب البيضاوي ليضع مكانه تمثالا لمارتن لوثر كينج.
ويشير بيكر، طالبا غرفة فارغة في الجزء الخلفي من النادي. يبدو جيدا في عمر 86 سنة. هذا الرجل، طويل القامة، ووسيم وأنيق، الذي كان في السابق في سلاح البحرية ومحاميا بارزا للشركات، لا يزال يحتفظ بالحس القيادي القديم. يقول "أنا ما زلت نشطا، خصوصا في المراكز العلوية". وهو يرتدي بدلة داكنة وقميصا أبيض يحمل الأحرف الأولى من وسامه عليه وربطة عنق باللون الأخضر الفيروزي المميز لبيكر.
النادل يقرأ القائمة. بيكر يقاطعه. "أريد سلطة ثلاثية: الروبيان وأبو جلمبو "سرطان البحر" والفواكه الطازجة".
"نعم يا سيدي، نعم سيدي"، يتمتم النادل.
"ماذا ستتناول، لارنيل"؟
"سأتناول السلطة الثلاثية. لا توجد مشكلة".
يفتتح بيكر حديثه بسؤال: هل ستبقى بريطانيا في الاتحاد الأوروبي؟ أرد عليه، حسنا، المعسكر المؤيد للبقاء آخذ في الفوز بالحجة الاقتصادية. ساعد على ذلك رحلة أوباما إلى لندن. كما أن المعسكر المؤيد للمغادرة اضطر إلى الاعتراف بأن بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي لن تتمتع بإمكانية الوصول إلى السوق الموحدة. لذلك جادلوا حول اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي على غرار ألبانيا والبوسنة وصربيا وأوكرانيا.
يقول بيكر متعجبا "ألبانيا؟ إنك تمزح". هل بوريس جونستون قال ذلك؟ حقا؟". "بيكر نطق الاسم جونستون مع أن الاسم هو جونسون". أقول له إن من قال ذلك في الواقع هو مايكل جوف، وزير العدل المؤيد لمغادرة بريطانيا. يبدو بيكر مذهولا. من الواضح أن اسم "جوف" لم يصل قط إلى ولاية تكساس. وامتنع بيكر عن التوقيع على خطاب مستوحى من داونينج ستريت، من وزراء الخزانة والخارجية الأمريكية السابقين، معتبرا أنه يمكن أن يُنظر إلى الأمر على أنه تدخل لا مبرر له ويسفر عن نتائج عكسية. ويخلص بقوله "في أعماقي أتمنى بقاءكم في الاتحاد".
وصل طبقنا الرئيسي الفاتح للشهية. سرطان البحر والجمبري الجامبو الموضوع في أطباق بيضاء نظيفة، جنبا إلى جنب مع خلطة جديدة: قطع دقيقة من الجبن الأبيض.
جبن بالكاتشاب
يقول بيكر "ريتشارد نيكسون اعتاد وضع صلصة الكاتشاب على الجبن. ما تحتاج إليه هو زيت الزيتون والملح والفلفل الأسود وتاباسكو". الطعم لذيذ ومنعش، خصوصا مع لحم أبو جلمبو الطازج الذي يغطيه الشاي المثلج.
ننتقل إلى السياسة الأمريكية، التي شعر بيكر بالتشجيع على توليها بعد وفاة زوجته الأولى، ماري، التي توفيت بسبب مرض السرطان عن عمر يناهز 38 عاما. جورج بوش الأب، شريكه القديم في لعبة التنس الذي أصبح شريكا له في هيوستن، دعاه إلى المشاركة في محاولة خاسرة للحصول على مقعد في مجلس الشيوخ الأمريكي في عام 1970.
السياسة، بعد أن كانت إلهاء ضروريا، أصبحت نوعا من الشغف والولع. في عام 1975، وبفضل نصيحة سرية من بوش، دُعي بيكر للانضمام إلى إدارة فورد. بعد إدارة حملة جيرالد فورد الخاسرة للرئاسة ضد جيمي كارتر في عام 1976، ساعد على إدارة ثلاث حملات ناجحة للبيت الأبيض، لريجان وبوش، حتى نفد من الحظ في عام 1992 عندما فاز بيل كلينتون على صديقه القديم.
يستذكر بيكر عتاب والده له وهو يترعرع في ولاية تكساس: عليك العمل بجد والدراسة (...) وابتعد عن السياسة! تولى دور المشغل خلف الكواليس: المحامي ذو العقل الفولاذي الذي يمكنه إقناع المندوبين وعقد الصفقات.
الموالون لريجان كانوا ينظرون إليه على أنه "من الموالين لبوش" في عام 1980، لكن ذكاءه جعل من غير الممكن أن يتجاهلوه. وحين كان كبير موظفي البيت الأبيض في فترة رئاسة ريجان الأولى، كان هو الرجل الذي ينجز الأمور: الضمان الاجتماعي، والإصلاح الضريبي، واتفاقية التجارة الحرة مع كندا التي كانت من المعالم البارزة. وتوحيد ألمانيا في عهد جورج بوش الأب.
حتى بعد تقاعده، استمر في دور حلال المشكلات الناجح: قاد معركة قضائية ناجحة لجورج دبليو بوش في ولاية فلوريدا في عام 2000 لتأمين الرئاسة، حيث شق طريقه حتى النهاية إلى المحكمة العليا. ويقول زميل قديم عنه "لديه دماغ استراتيجي من الطراز العالمي، لكنه أيضا مفاوض بارع".
برجماتية ريجان
أسأل بيكر عما حدث على نحو خاطئ في واشنطن منذ أن استخدم علاقاته للتحكم في الأمور.
"البيئة الآن أقبح بكثير مما كانت عليه. أصبحت التسوية كلمة قذرة. ما لا يفهمه الناس هو أن رونالد ريجان كان برجماتيا. نحكم على رؤسائنا بما ينجزونه. كان ريجان يقول: جيم، أُفضل إنجاز 80 في المائة مما أريد تحقيقه بدلا من الذهاب على حافة الهاوية بعلم يرفرف هناك".
اليوم، عقد الصفقات بين الحزبين يعتبر ذكرى بعيدة. بيكر يلقي باللوم على أمة منقسمة بين الولايات الحمراء والزرقاء، حيث "تبخر" المركز والمعاملة الحسنة لا تجدي نفعا. في تكساس، تبدو المعاملة الحسنة وكأنها كوميديا. بيكر يضحك. "نعم، حسنا الكوميديا تنجح، لكن أعني المعاملة الحسنة".
يوجه إصبع السبابة إلى وجهي. "أصبحتم يا رفاق أيضا لاعبين. لم تعودوا تقدمون صحافة موضوعية عن الحقائق. عندما تفتح على قناة MSNBC، فإنك تشاهد ذراعا تابعة للحزب الديمقراطي. عند الاستماع إلى فوكس نيوز، فأنت تستمع إلى ذراع للحزب الجمهوري".
أصححه. فوكس نيوز تدافع عن ترامب أكثر من أي شخص آخر. يعترف بيكر بأن ترامب قام بعمل مذهل في اجتذاب التغطية الحرة في حين إنه بالكاد ينفق فلسا واحدا على الإعلانات التلفزيونية.
وباعتبار أنه أحد الموالين لبوش، بيكر متحفظ جدا حول التحدث عن الفشل الذريع لحملة جيب بوش. يقول مطلعون على الأمر إنه يشعر بخيبة أمل من أن حاكم فلوريدا السابق قضى كثيرا من الوقت في الحديث عن الماضي، وعن سلالة بوش بدلا من خططه للمستقبل. تعليق ترامب الساخر حول "الطاقة المنخفضة" ضرب على وتر حساس لدى الناخبين، مثل انتقاداته الشديدة للهجرة والعمال الذين يخسرون في عصر العولمة. ويقول "هذا هو الأمر حول ترامب. بقدر ما يمكن أن نختلف مع موقفه، الناخبون لا يختلفون. والسؤال هو ما إذا كانت مؤسسة غير واضحة المعالم هي التي ستقرر أين يذهب حزبنا أو أن هذا ما سيقرره الناخبون".
ينحدر بيكر من واحدة من أقدم العائلات في تكساس. حتى إنه يُعد توماس جيفرسون أحد أقاربه من بعيد. مثل جيفرسون، لا يزال من أشد المؤمنين بالديمقراطية الأمريكية، حيث التحالفات والتشابكات الخارجية والسياسة يجب أن تحصل على الدعم الشعبي. حين كان وزيرا للخارجية، كان بيكر بارعا في بناء تحالفات في الداخل والخارج. وإذا كان يشعر بالفزع إزاء انتقادات ترامب للتحالفات، فهو لا يجعلك تعلم ذلك. "تقريبا جميع الأمريكيين يتفقون على ما يلي: نحن لا يمكن أن نتحمل 100 في المائة من هذا العبء (...) الحَكَم النهائي للديمقراطية هو إرادة الشعب، وإذا كنت لا تستطيع تحمل الناس فستفقد هذه السياسة. هذا ما حدث في فيتنام والعراق في عام 2003".
حرب العراق
مثل جورج بوش الأب، كان بيكر متخوفا من قرار بوش الابن حول خوض الحرب، لكن لم يعلن انتقاداته على الملأ. وبمجرد أن دخلت الولايات المتحدة الحرب رسميا، شرع يبين مخاطر الإطاحة بصدام حسين واحتلال العراق. اليوم هو ينتقد وزير الدفاع، دونالد رامسفيلد، لعدم التخطيط السليم. أما بالنسبة إلى نائب الرئيس ديك تشيني، "فإننا نختلف حول كثير من الأمور، لكننا ما زلنا أصدقاء".
في المقابل، كانت حرب الخليج الأولى في عام 1991، حسب كلماته، "كتابا دراسيا مقررا": مصلحة وطنية حيوية لطرد جيش صدام حسين من الكويت الغنية بالنفط، وحرب محدودة إلى حد كبير. وشرعيتها تخولها الأصوات المؤيدة في الكونجرس ومجلس الأمن الدولي.
ويجادل بيكر لمصلحة "التعامل الانتقائي"، أي التقييم غير العاطفي للمصلحة الوطنية والرغبة في استخدام كل الأدوات - الدبلوماسية والاقتصادية، والسياسية، والعسكرية. "إنه لأمر سيئ للغاية ألا يمكننا ممارسة السياسة الخارجية وفقا لمبادئ الأم تيريزا، ولكن العالم الحقيقي هو واحد من الخيارات والمقايضات المؤلمة".
خياري المؤلم هو ما إذا كان ينبغي لي اختيار الحلوى. هل يقوم كورونادو بإعداد فطيرة جوز البقان؟ بيكر يضحك "نحن نسميها فطيرة بيقان، وليس فطيرة بقان. هذا مثل التلصص من طرف الزاوية. يذكرني هذا عندما ذهبت للصيد في إنجلترا. كان الناس يقولون "إصابة رائعة (...) أحسنت يا هذا". بيكر مقلد جيد. وهو ناشط سياسي أفضل. كانت قوة بيكر تكمن في علاقته ببوش الأب. لم يأت أحد بينه وبين الرئيس. لم يقترب وزير خارجية منذ ذلك الحين من التمتع بتلك القوة والسلطة.
خط أوباما الأحمر
يقول بيكر "هيلاري كلينتون لم يوكل إليها أي شيء للقيام به. كانت هناك فقط (في وزارة الخارجية) للترشح للرئاسة". وهو يعطي جون كيري علامات لائقة لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط، لكنه يشير بمرارة إلى أن رأي كيري لم يؤخذ حتى عندما انسحب أوباما مرة أخرى من قصف سورية، متراجعا في عام 2013 عن "خطه الأحمر" في العام السابق في حال استخدم الرئيس الأسد أسلحة كيماوية.
هذا يعد انتهاكا لمبدأ القوة الأمريكية. "الرئيس لا يمكن أبدا أن يهدد بأي شيء لا ينوي فعله. أبدا. أبدا". في الوقت الذي يصل فيه طبقي الذي يحتوي على حلوى موس الشوكولاتة، جنبا إلى جنب مع كابتشينو، بيكر يتحقق من ساعته: طائرة خاصة تنتظر نقله إلى واشنطن.
طلب الفاتورة. أشرت إليه إلى أن "فاينانشيال تايمز" ستتولى دفع الفاتورة. إلا أنه لم يوافق على ذلك.
عرضت عليه أن أتبرع لمعهد بيكر، المؤسسة الفكرية للسياسة العامة التي أقامها في جامعة رايس عندما تقاعد من واشنطن وعاد إلى القانون في هيوستن. اتفقنا حول ذلك.
من الذي كان أصعب خصم واجهه؟ ربما لي بينج، رئيس الوزراء الصيني خلال مذبحة ميدان تيانانمين. "حافظ الأسد من سورية لم يكن أيضا شخصا سهلا". ولم يكن السوفيات أيضا كذلك، على الرغم من أنه سيُنظَر إلى ميخائيل جورباتشوف وإدوارد شيفاردنادزه نظرة إيجابية من قبل التاريخ لأنهما تخليا عن استخدام القوة عندما كانت الشيوعية تنهار في أوروبا الشرقية وروسيا.
وماذا عن برنامج آبي الاقتصادي في اليابان؟ بيكر يعترض على ذلك - حرفيا. إنه يشعر بالقلق بشأن النمو الفاتر الميئوس من شفائه في منطقة اليورو. "كانت دائما لديه شكوك حول عدم وجود اتحاد في المالية العامة لمرافقة الاتحاد النقدي". وهو يتحسر على عدم وجود تنسيق مشترك مع السياسة الاقتصادية الدولية، وهو إنجازه البارز حين كان وزيرا للخزانة. إنه يعتقد أن منتدى مجموعة الـ 20 يعتبر غير قابل للتطبيق. ويقول "إن تحدي السياسة الخارجية رقم واحد بالنسبة إلى الولايات المتحدة هو الصين. علينا أن نكون أذكياء بما فيه الكفاية لإدارة الخلافات".
نصيحة للرئيس المقبل
وأسأله، كيف يمكن للرئيس ترامب إدارة هذه الخلافات؟. يقدم بيكر نصائح عامة فقط.
"الانعزالية والحمائية لن تنجحا. يجب ألا نرفض الصفقات التجارية. بل يجب أن نقيم صفقات أفضل. يجب ألا نتحدث عن أن نجعل اليابان وكوريا الجنوبية قوى نووية. يجب ألا نتحدث عن التفاوض من أجل تقليص الدين الأمريكي". أحاول توجيه سؤال واحد أخير. هل أمريكا ومؤسساتها قوية بما فيه الكفاية للتصدي إلى أي صدمة، حتى واحدة زلزالية مثل وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض؟ "نعم" يعلن بيكر، بشكل قاطع. "لن أضع نفسي في مأزق بسبب ما أسمعه الآن من المرشحين السياسيين. ما يقولونه في الحملة وما يفعلونه عندما يكونون في البيت الأبيض ليس هو الشيء نفسه. لا يهمني من سيفوز، أيا كان من سيصل إلى البيت الأبيض. يمكن للرؤساء أن يفعلوا الكثير، لكن لا يمكنهم تحقيق الكثير من خلال نظام من الضوابط والتوازنات".
"نحن بلد تحكمه القوانين وتحده البيروقراطية وهيكل السلطة في واشنطن. الرؤساء ليسوا حكاما من جانب واحد. إذا لم يكونوا يعرفون ذلك، فإنهم سيكتشفون ذلك بسرعة". هكذا تكلم رجل واشنطن الحكيم. وسيكون من الشجاعة لأي رجل أو امرأة تحديه، سواء كان الشخص المتحدي يحمل اسم كلينتون أو ترامب.