خالد البكراوي انتحاري مترو بروكسل والمشارك لوجستيا في اعتداءات باريس، أوقف قبل ثلاثة أسابيع من هجمات العاصمة الفرنسية في إطار تحقيق حول شراء أسلحة ثم أفرج عنه واختفى حتى 22 مارس، يوم عمد إلى تفجير نفسه.
بدأ كل شيء صيف 2015. فقد لفت الأنظار شخصان اشتريا أربعة عشر ممشطا فارغا لبندقية كلاشنيكوف من محل لبيع الأسلحة في منطقة والونيا.
وفي أعقاب عمليات تعقب وتنصت، تركزت التحقيقات على البكراوي (26 عاما) المتهم بعملية سطو ويتنقل منذ يناير 2014، في اطار حرية مشروطة، وكان يجري اتصالات هاتفية "يومية تقريبا" بأحد المشتبه بهم، كما قال لـ"فرانس برس" مصدر قريب من التحقيق، مؤكدا معلومة نشرتها صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية.
واعتقل هذا البلجيكي وأخضعت شقته للدهم والتفتيش. وعثر فيها على جهاز للتشويش وجهاز آخر لتحديد الموجات، يستخدم لكشف الآلات الخاضعة للتنصت، فيما أدى التدقيق في جهاز الكومبيوتر الذي يستخدمه، إلى العثور على عدد كبير من الأناشيد وأشرطة الفيديو الجهادية، بحسب المصدر.
وكشف التنصت عن وجود اتصالات هاتفية غامضة بين البكرواي وأحد المشتبه بهم، أشارا فيها إلى قطط "وبرها طويل" والى "أجناس خاصة". قال المحققون ان هذه الرموز تهدف إلى إخفاء عملية اتجار بالأسلحة.
وينفي البكراوي الذي وضع في الحبس على ذمة التحقيق في 21 أكتوبر، هذه التهم جملة وتفصيلا، مؤكدا ان "لا علاقة له بشراء هذه المماشط"، وانه أراد بيع "مجموعة من الأدوات الكهربائية المنزلية" والتخلص من قط لان زوجته حامل.
وقد اخلي سبيله لعدم توافر الأدلة.
وقال المحامي اوليفييه موريس الذي يمثل حوالي ثلاثين من المدعين بالحق العام في باريس "لا يقتصر هذا الضعف الكبير على الأجهزة البلجيكية، لكنه ينسحب ايضا على جميع الأجهزة الأوروبية".
كما قال فيليب ستيبنيفسكي، المحامي الآخر عن الضحايا، ان "الخلل يتأتى من أجهزة الاستخبارات التي لم تزود في تلك الفترة الأجهزة القضائية بالعناصر التي تتيح تقويم خطورته بالدقة المطلوبة".
ولم تشأ النيابة الاتحادية البلجيكية التي اتصلت بها وكالة فرانس برس التعليق حول هذا الموضوع.
هويات مزورة
ولا يعرف المحققون أن البكراوي استأجر قبل أسابيع من وضعه في الحبس على ذمة التحقيق، شقة باسم مستعار في شارلوروا سيقيم فيها عبد الحميد اباعود، الذي يسود الاعتقاد انه خطط لاعتداءات 13 نوفمبر، وبلال حدفي، أحد انتحاريي سان-دوني.
كذلك استأجر البكراوي، المقرب من محمد بقالي، المساعد الآخر في الخلية الجهادية، المسجون في بلجيكا والذي طلبت فرنسا مؤخرا تسليمه، شقة باسم مستعار أيضاً في منطقة فوريست ببروكسل، وسيختبئ فيها صلاح عبد السلام خلال فراره، وهو الوحيد في المجموعة الباريسية الذي ما زال على قيد الحياة.
وفي ابريل، كتب تنظيم داعش الذي أعلن مسئوليته عن الاعتداءات في مجلته "دابق" على الانترنت، أن "جميع الاستعدادات لغزوتي باريس وبروكسل قد بدأت معه ومع شقيقه البكر إبراهيم (الانتحاري الذي نفذ الاعتداء في مطار بروكسل). لقد اشتريا أسلحة واستأجرا شققا وأعدا خططا".
وبعد أسابيع على اعتداءات 13 نوفمبر، اكتشفت الشرطة البلجيكية الهوية المزورة للمستأجر في شارلوروا، لكنه توارى عن الأنظار. وتقول زوجته التي أدلت بشهادتها مطلع ديسمبر، إنها لم تره منذ ثلاثة أسابيع.
ولدى التدقيق في رحلاته الأوروبية، وقع المحققون في حيرة. ففي 23 يوليو، سافر من بروكسل إلى البندقية. وفي اليوم التالي، اشترى بطاقة ذهاب فقط إلى أثينا. ومنها استقل في 26 يوليو طائرة متوجهة إلى دوسلدورف.
وكشف التنصت على الهاتف عن عدد كبير من الاتصالات على رقم هاتف مغربي غامض بين 9 و13 تشرين الثاني/نوفمبر، وقد توقفت ليلة وقوع الاعتداءات. وأجرى البكراوي أيضاً اتصالات بأرقام هاتف تركية مستخدمة في إطار الشبكات الجهادية في سوريا، كما يقول المصدر القريب من التحقيق.
ورغم التقدم الذي أحرز ، بقي البكراوي متواريا عن الأنظار... حتى صباح مارس عندما فجر نفسه في مترو بروكسل وقتل ستة عشر شخصا.