العدد 5019 - الجمعة 03 يونيو 2016م الموافق 27 شعبان 1437هـ

أنيسة خان: أعيش في البحرين منذ نحو ربع قرن.. ومهنتي تقطيع الرخام والبلاط

شخص نصب عليها وسرق منها 85 ألف دينار... وقادرة على حمل أوزان تصل لـ 35 كيلوغراماً

أنيسة خان وابنتها سارة وزوجها محمد إسكندر في محلها بمنطقة سند - تصوير : محمد المخرق
أنيسة خان وابنتها سارة وزوجها محمد إسكندر في محلها بمنطقة سند - تصوير : محمد المخرق

سند - علي الموسوي (تصوير: محمد المخرق) 

03 يونيو 2016

بين الدكاكين والمحلات والمصانع المتنوعة النشاط، يُسمع صوت تقطيع الرخام والأحجار والبلاط، صادر من خلف باب حديدي أبيض كُتب عليه اسم ورقم هاتف باللغة الإنجليزية، فيظن المار بجانب الباب أن رقم الهاتف يعود لعمّال آسيويين، إلا أن المفاجأة تكون مغايرة. وخلف الباب تتنقل سيدة أربعينية، وهي ترتدي بنطالاً من الجينز وفانيلة سوداء، واضعة على رأسها حجاباً أزرق، يستر شعرها، وتتخذ منه كمامًا لأنفها عندما تبدأ عملها.

تلك هي الآسيوية أنيسة خان (43 عاماً)، التي أمضت نحو 24 عاماً في البحرين، وحوّلت النصب والاحتيال الذي تعرضت له من قبل أحد الأشخاص، إلى طريق جديد تبدأ حياتها في السير عليه، وتمارس عملاً لا يقوم به سوى الرجال، وهو تقطيع الرخام والبلاط والأحجار، وتنقلها بأوزانها الثقيلة من مكان إلى آخر، أوزان قد لا يتمكن الرجل من حملها، إذ تتجاوز 35 كيلوغراماً.

«الوسط» زارت السيدة خان في محلها بمنطقة سند، وتعرفت على قصتها الكاملة، التي جعلها تصارع آلام الحياة، وتحوّلها إلى آمال، والأسباب التي أدت بها إلى العمل في مهنة دقيقة، تتطلب التركيز والانتباه، والحذر من الخطأ الذي قد يكلّف الكثير، وتضطرها إلى العمل ساعات طويلة.

1991... عام الانطلاق

تبدأ قصة الكفاح التي عاشتها السيدة خان، وهي أم لثلاث بنات أعمارهن (20، 18، و6 أعوام)، في العام 1991، عندما جاءت إلى البحرين وعمرها آنذاك لا يتجاوز 19 عاماً، وعملت أمينة صندوق «كاشير» في إحدى البرادات بمنطقة الجفير، لتجد نفسها قادرة على إدارة بقالة صغير في المنطقة نفسها، كانت تحمل اسم «برادات بسم الله».

خان الذي عاش والداها في البحرين، خاضت تجربة إدارة مطعم صغير بعد رسم طموحها في الانتقال من البقالة إلى المطعم، وعندما رأت نشاطها يزداد تلقائياً، عمدت إلى توسعة فروعها، فأصبح لديها 4 أفرع لمطعمها، في (قلالي، المحرق، الحورة والقضيبية). ومضت مع زوجها محمد إسكندر في إدارة نشاطهما.

وتقول: «كانت أضطر للعمل نحو 18 ساعة، لأنني أحرص على متابعة العمل في المطاعم الأربعة، وأحياناً يغلبني التعب، فأرتاح مدة 20 دقيقة، وربما أنام على المبرد أو ما يُعرف بـ (فريزر)، وأستمر في عملي حتى ساعات متأخرة من الليلة».

تجارة المقاولات... باب الاحتيال

تسرد خان قصة تعرضها للنصب والاحتيال، وهي تخبئ دموعها خلف عينيها، إلا أن نبرة صوتها تكشف حجم الألم الذي يسكنها، بعد أن سرق أحد الأشخاص منها مبلغ 85 ألف دينار، عن طريق النصب والاحتيال، إذ إنها وبعد أن فتحت لها مكتباً صغيراً للمقاولات في القضيبية، جاءها الشخص المذكور، رغبة منه في العمل معها، واتفقت معه على أن تشتري له معدات وأدوات، على أن يسدد المبالغ المستحقة عليه بالتقسيط، إلا أنها فوجئت بتعرضها للنصب من قبله، إذ لم يدفع لها أي مبالغ، على الرغم من مطالباتها المستمرة، وأُودع السجن بسبب ذلك، قبل أن تقدم تنازلاً بسبب سوء حالته الصحية، فخرج من السجن.

واطلعت «الوسط» على مجموعة من الأوراق والشيكات الموقعة من قبل الشخص المذكور، وعليها ختم البنك الذي يوضح عدم وجود رصيد في الحساب، وتثبت أن لهم مبلغاً يقدر بنحو 85 ألف دينار. وبسؤالها عما إذا كانت تعرف مكانه الآن، أكدت أنها لا تعرف مكانه، غير أنها تحتفظ بكل الأوراق.

وتشير إلى أنها أُرغمت على بيع المطاعم الأربعة، وبيع كل ما تملك، من أجل تسديد المبلغ الذي اقترضته، لتضمن لنفسها وزوجها وبناتها النجاة من السجن.

السفر إلى الهند 11 شهراً

سافرت خان إلى الهند لتتمكن من توفير المبلغ الذي يجب عليها تسديده، وأخذت معها ابنتيها الكبيرتين، وأبقت الثالثة مع والدها في البحرين، وبقيت في الهند 11 شهراً، قبل أن تعود وتسدد بقية المبالغ المتراكمة عليها بسبب عملية النصب والاحتيال، وأبقت ابنتيها في الهند.

وضاقت المعيشة بهما، وقُطعت الكهرباء عن المكان الذي كانوا يقطنون فيه، وطُردوا منه، ولجأوا إلى حديقة الحورة، وبقوا فيها نحو 6 أشهر، ينامون فيها تارة، وأخرى في المساجد.

محل تقطيع البلاط... الأمل مجدداً

كان زوج خان يقلب إحدى الصحف الإعلانية، فرأى إعلاناً عن بيع محل في سند، فتوجه مع زوجته، وعاينا المحل، فوجداه مختصاً في تقطيع الرخام والأحجار والبلاط، ومعروضاً للبيع بمبلغ 12 ألف دينار، تمكنا من توفير جزء منه، واتفقا مع صاحب المحل على دفع بقية المبلغ بالتقسيط.

ولأنها لا تعرف اليأس، وتكافح من أجل أن تعيش مع أسرتها، اتخذت خان من المحل أملاً جديداً لبدء نشاط جديد، والاجتهاد في العمل لكسب لقمة العيش، وتعلمت طرق تقطيع البلاط ونحوه.

وتذكر بأنها اشترت المحل بمعداته، ومعها العامل الذي يعمل في المحل، ولأنها لم تكن قادرة على دفع راتبه الشهر الذي قدرته بنحو 200 دينار، وذلك أن دخلها اليومي لا يتجاوز 23 ديناراً، طلبت منه تعليمها طرق تقطيع الرخام، حتى أتقنت المهنة خلال 3 أشهر، وبدأت تمارسها بنفسها.

وتبيّن أنها تمكنت من تسديد كلفة شراء المحل، الذي يبلغ إيجاره الشهري 500 دينار، ولديها الآن عاملان اثنان، مهمتهما تركيب البلاط في المنازل، لتتولى بنفسها المهمة الأكبر، وهي تقطيع البلاط والرخام، وفق ما يريده الزبائن من أحجام ومقاسات.

11 ساعة من العمل يومياً

وتتطرق خان إلى الحديث عن ساعات العمل في تقطيع الرخام والبلاط، وتقول إنها تبدأ العمل يومياً عند الساعة السادسة صباحاً، وتستمر حتى الخامسة عصراً، يتخلل ذلك وقت قصير تقضيه في تدريس ابنتها الصغرى ذات الـ 6 أعوام، ومذاكرة الدروس. وتواصل العمل على مدار الأسبوع دون توقف، وحتى يوم الجمعة، فإنها لا تغادر ماكينات التقطيع والتشذيب.

وتؤكد أنها تعمل بمفردها، ودون مساعدة أحد، ولا تعتبر ممارسة هذ العمل عيبا، كما إنها لا ترفض حمل الأشياء الثقيلة.

وأمام «الوسط» قامت خان بنقل كراتين معبأة بالبلاط ذي الأحجام الكبيرة، وبسؤالها عن وزن الكرتون الواحد، قدَّرته بنحو 35 كيلوجراما.

وتضيف «أنا الآن عمري 43 عامًا، ولا أرى عيبا في العمل، فأنا أريد كسب العيش الكريم مع أسرتي، وأرغب في تزويج ابنتيّ اللتين تعيشان في الهند الآن، وكما تعرفون أن أعرافنا وتقاليدنا تحتّم علينا دفع مهر بناتنا للزوج، وشراء الأثاث والأجهزة الكهربائية، وهذا يتطلب العمل والجد للحصول على المال».

وتؤكد بأنها قادرة على تركيب البلاط، والقيام بتصميم أي شكل من أشكال الرخام الخاص بالمطابخ.

تجربة التعامل مع البحرينيين

لا تخفِ السيدة الأربعينية اختلاف تعامل البحرينيين معها، فبعضهم يعطونها مبالغ إضافية تزيد على المبلغ المتفق عليه، فيما آخرون لا يدفعون لها أجرتها، ويتذرعون بنسيان محفظتهم في المنزل، أو عدم وجود مبالغ نقدية لديهم، ويغادرون بعد قطع وعد بالعودة، غير أنهم لا يعودون.

وتذكر قصة مع عائلة بحرينية، أنجزت لها أعمالاً بقيمة 1700 دينار، ولم تحصل عليها حتى الآن. وتقول: «أعرف تماماً منزل العائلة، وكلما ذهبت للمطالبة بحقي، يهددوني بالاتصال لمركز الشرطة».

وتفيد بأن سعر تقطيع البلاط لديها يعد أقل من محلات كثيرة، ولا تلجأ لرفع سعرها على أي زبون.

وتوضح بأنها أمضت نحو عامين و3 أشهر في هذا العمل الجديد، وتشعر بالسعادة لأنها تمكنت من العمل مجدداً، بعد أن تعرضت لتجارب قاسية، واضطرت لدفع مبالغ طائلة جراء تعرضها للنصب والاحتيال.

لمزيد من الصور أضغط هنا

أنيسة خان تقطّع البلاط على الآلة الخاصة في محلها بمنطقة سند
أنيسة خان تقطّع البلاط على الآلة الخاصة في محلها بمنطقة سند

العدد 5019 - الجمعة 03 يونيو 2016م الموافق 27 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 8:32 ص

      يقولون كثر الطق يفچ الحلم..انا تعرضت للنصب والاحتيال وصرت مديون بحوالي عشرين الف دينار والحمد لله مايأست وسددت الي عليي وصار عندي خير كثير

    • زائر 12 | 6:31 ص

      الله يعينها من الاصواات المزعجه اشلون تتحمل

    • زائر 10 | 4:59 ص

      الله يعينها ... و يرزقها ان شاء الله ..

    • زائر 8 | 4:27 ص

      انصح البحرينيين البحث عن أي عمل والله يفتح باب الرزق.. زوجي من أول ما خطبني لا يجلس في البيت بطاليا على الرغم لديه عمل ثابت ذو راتب بسيط إلا إنه دوما يعمل عصرا وليلا في أي عمل يزيد من دخله ولو قليلا، والحمد لله استطاع بفتح مشاريع بسيطة وكنت اوفر له الميلغ بالدخول في جمعيات مالية لتكون راس مال مشروعه.. واشوف يزيد طموحه ويصبر ويتحمل ونعمل معه مع اطفالي كفريق نساعده ونسانده. كما ايضا أقوم ببعض المشاريع الصغيرة ونبذل جهدا كبيرا

    • زائر 7 | 4:07 ص

      ما شا الله مرة وحده 12 الف عقب ما تعرضت للنصب و الاحتيال

    • زائر 6 | 2:32 ص

      خوش شي

      يعني يشترون ويبيعون على راحتهم والمواطن فاطس ديرة العجب

    • زائر 13 زائر 6 | 7:48 ص

      حاول هالمواطن الفاطس على قولتك يسوي نفسها ؟ الارض ارض الله و الناس لازم تسعي فيها و الرزق بيد الله ،، ككككللل شي رزق ، ساعات شغلهم مو نظيف او مضبوط بس ارخص من المقاول الي البحريني لان لازم اسعاره نار

    • زائر 5 | 1:14 ص

      ياعيني

      البلد مفتوحة للاجانب وابن البلد لو فتح كشك الحكومة تمصه مص وتتفنن واين المسئولين في البلدية عن استغلال الوافدين للحدائق اذا ما عندها فلوس للسكن من وين لها 12 الف لشراء المحل شي عجيب ديرة سايبة

    • زائر 9 زائر 5 | 4:30 ص

      ياحبيبي هذلين يساعدون بعض ويوقفون مع جماعتهم ويشتغلون ليل ونهار اما احنا للأسف نطالع غيرنا ونتحسر على حالنا اذا احنا كفو خله نشتغل مثلهم

    • زائر 4 | 1:13 ص

      كفوو عليهاا والله
      كل من ياكل ع ضرسه ينفع نفسه
      واصليي وعلمي البطالية الكفاح وحب الحياة

    • زائر 1 | 11:50 م

      نعم الإنسانة الصبورة والمكافحة من أجل لقمة العيش والحياة الشريفة

اقرأ ايضاً