انتقد الشيخ محمد صنقور، في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، أمس الجمعة (3 يونيو/ حزيران 2016)، الحكم الصادر بحق الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، بسجنه 9 سنوات، وقال في خطبته: «إنّ معالجة الأزمة لن يتمّ بمثل هذه الإجراءات بل سيضاعف من تعقيدها ويطيل من أمدها، والعلاج الذي يقع في طريق حلّ الأزمة هو التخفيف من حدّة الاحتقان، والإطلاق لسراح كلّ سجناء الرأي، والشروع في الحوار الجادّ المفضي لإصلاحات واسعة».
وفي خطبته، قال صنقور: «ثمة سؤالٌ ينبغي أنْ يكون جوابه واضحاً بل وبديهيّاً، هذا السؤال هو من أين تكتسب المعارضة شرعيتها؟، ومن أين يكتسب المعارض في أيّ دولة من الدول التي تحترم التعدديّة شرعيّة أنشطته؟».
وأضاف أن «الجواب عن هذا السؤال واضحٌ بل وبديهيٌّ، فالمعارض ليس وزيراً أو وكيلاً أو مديراً تختاره الدولة، فالوزير مثلاً يكتسب شرعيّته من تنصيب الدولة له، ويفقد شرعيّته حين يتمّ إعفاؤه من منصبه، وأما المعارض فلا تخضع شرعيته لاختيار الدولة، ولا تسقط شرعيّته بإعفاء الدولة له، إذ إنّ المعارضة ليست منصباً في أعراف الدول من مناصب الدولة كما هي الوزارة مثلاً، إذاً من أين يكتسب المعارض شرعيّته؟، والجواب هو أن المعارض يكتسب شرعيّته من شرعيّة مطالبه وشرعيّة الوسائل التي يعتمدها في أنشطته التي يمارسها، فحين تكون مطالبه مشروعةً، وتكون وسائله التي يعتمدها للدفع في اتّجاه تحقيق مطالبه مشروعةً فإنّ وجوده يكون مشروعاً وأنشطته الواقعة هذا الإطار تكون مشروعةً، ولا يشترط في شرعيّته أن يكون مرضيّاً لدى الحكومة التي يعارضها، إذ إنّ طبيعة العلاقة بين المعارضة والحكومة هو التباين في الآراء المتّصلة بالأداء والغايات والبرامج وغيرها».
وتابع صنقور «حين يتمّ التفهم لذلك وتكون هذه العقليّة هي السائدة في دولة من الدول فإنّ وجود المعارضة لن يكون عائقاً لأداء الحكومة، كما أن الحكومة لن تكون عائقاً لأداء المعارضة بل سيكون وجود المعارضة المناكفة والناقدة لأداء الحكومة سبباً لإثراء العمل السياسيّ والإداريّ للحكومة، وسبباً لتحسين الحكومة لأدائها».
ورأى أن «وجود المعارضة الصادقة والحرّة والحريصة على مصلحة الوطن يسهم في أنْ تحرص الحكومة على تشديد الرقابة الذاتيّة لأدائها حتى لا تكون في معرض النقد من قبل المعارضة، وهذا ما يسهم في الحدّ من الفساد والتجاوز للمهامّ والصلاحيات، كما أن وجود المعارضة القويّة والمخلصة يسهم في التصحيح والتصويب للمسارات الخاطئة كما يسهم في البناء والتنمية والارتقاء، ويحول دون تراكم الأخطاء والأزمات، ويدفع عن البلاد خطر الاحتقانات المتراكمة، كما أن وجود المعارضة المتحرّكة في الفضاء الحرّ يحصّن البلاد من الابتزاز ويحسّن من صورتها في المحافل الدوليّة».
وذكر أن «كلّ هذه الآثار الإيجابيّة - وغيرها كثير - لا يمكن تحصيلها إلا في ظلّ وجود المعارضة التي تكتسب شرعيّتها من شرعيّة مطالبها وشرعيّة الأدوات المعتمدة لديها، أما حين يراد للمعارضة أنْ تكون دائرةً من دوائر الحكومة وجزءاً من منظومتها فحينذاك لن يكون للمعارضة من أثر، فلن تكون قادرةً على تحسين الأداء أو الحدّ من الفساد أو التصحيح للمسار أو المساهمة في معالجة الأزمات كما أنها لن تتمكن من تخفيف الاحتقان وسيتجاوزها الناس، وتبقى فائدةٌ واحدةٌ لمثل هذه المعارضة قد يتمّ الحرص على تحصيلها وهي التحسين لصورة الحكومة، فهذه أيضاً لن تكون موفورةً، ذلك لأنّ الناس والمجتمع الدوليّ يميزون جيّداً بين المعارضة الحقيقيّة والمعارضة المصطنعة».
وشدد صنقور على أن «المعارضة لا يمكن وصفها بالمعارضة ولا يكون وجودها مجدياً إلا أنْ تكون من خارج الحكومة ويكون أداؤها وبرامجها نابعةً من إرادتها المستقلّة، ولا تكون المعارضة حقيقةً وجديرةً بهذا الوصف إلا حين تمارس - إخلاصاً للوطن - دور النقد البنّاء والصريح ودور الرقابة على الأداء والتنويه على الأخطاء بغية التصحيح لها والمطالبة بالحقوق السياسيّة والإنسانيّة، وذلك تماماً هو ما تمارسه المعارضة في البلد وعلى رأسهم الشيخ علي سلمان، فماذا كانت تنتظر الحكومة من الشيخ علي سلمان بصفته معارضاً؟، أليس المنتظر من مثله توجيه النقد والدعوة للتصحيح والإصلاح والمطالبة بالحقوق السياسيّة والإنسانيّة؟، أليستْ هذه المطالب مشروعة؟، ثم إنّ الأدوات والوسائل التي كان يعتمدها ألم تكنْ وسائل سلميّةً؟ فإذا كانت المطالب مشروعةً وكانت الوسائل مشروعةً فما هو المبرّر للجنوح إلى هذه العقوبة المشدّدة التي صدرتْ في حقّه، فهل تعالج مثل هذه العقوبات أزمةً؟، وهل بمقدورها أن تسْدل الستار على قضية وطنيّة تسترعي اهتمام قطاع واسع وعريض من أبناء هذا الوطن؟ وهل كانت خطابات الشيخ علي سلمان وأنشطته إلا تعبيرٌ صادقٌ عما يشغل اهتمام هذا القطاع الواسع، فهل يراد من معاقبة الشيخ معاقبة كلّ هؤلاء الذين يمتدّ وجودهم بامتداد الوطن؟ وهل الإغضاء عن مطالبه يراد منه الإغضاء عن مطالب كلّ هؤلاء؟».
وأشار صنقور إلى أنّ «القوّة الأدبيّة التي يحظى بها الشيخ علي سلمان نشأتْ عن كونه - ومنذ ما يقرب من ثلاثة عقود - لساناً صادقاً يعبّر عن ضمير وتطلعات أبناء هذا الوطن، وطبيعة القوّة الأدبيّة أنّها لا تقبل المصادرة بل إنّ التضييق يزيد من رسوخها وامتدادها».
ونبه صنقور إلى أنّ «معالجة الأزمة لن يتمّ بمثل هذه الإجراءات بل سيضاعف من تعقيدها ويطيل من أمدها، والعلاج الذي يقع في طريق حلّ الأزمة هو التخفيف من حدّة الاحتقان، والإطلاق لسراح كلّ سجناء الرأي، والشروع في الحوار الجادّ المفضي لإصلاحات واسعة وعميقة تحول دون تجدّد الأزمة على المدى البعيد، فذلك هو ما يعيد للبلد عافيته التي يطمح إليها الجميع، فبقاء الأزمة لا يسرّ من أحد، ولا يعود بالنفع لأحد».
العدد 5019 - الجمعة 03 يونيو 2016م الموافق 27 شعبان 1437هـ
قالى تعالى في محكم كتابه ومنيف خطابه...
إدعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم...صدق الله العلي العظيم..
نعم يا شيخ فالحق واضح وجلي وﻻ شك فيه ، ولكن في هنا من يريد الخير للبﻻد والعباد وهناك من ﻻ يريده للبلد أن يستعيد عافيته ويستريح من هذه الذكريات المرة الموجعة والتي يشيب الطفل منها وﻻ حول وﻻ قوة اﻻ بالله العلي العظيم ...بارك الله فيك وسدد خطاك...
العلماء الكبار ومنبر الجمعة يستحقون من القيادة كل الشكر على ترشيدهم للشارع وتهدئتهم الدائمة ودعوتهم للسلمية والحوار، فمتى يتم الاستماع لصوتهم صوت العقل والسلام؟