العدد 5019 - الجمعة 03 يونيو 2016م الموافق 27 شعبان 1437هـ

ثقافة «ري الأرض»: طريقة تقسيم الأرض

المنامة - حسين محمد حسين 

تحديث: 12 مايو 2017

من خلال ما تم ذكره في الحلقات السابقة، يمكننا أن نستنتج وجود نظام موحد في عملية ري الأراضي الزراعية، وهو نظام يعتمد على السواقي التي يتم التحكم فيها بعمليتي الهد والتسكير. حيث يوجد ساقية أساسية خاصة بكل أرض، وهذه الساقية يصب فيها الماء من أحد المصادر التي سبق أن ذكرناها، ومن خلال هذه الساقية الرئيسية، يدفع الماء في سواقي فرعية ومنها إلى الزرع. وبعد ذلك، يجمع الماء في جداول صغيرة، وهي منجيات فرعية يطلق عليها اسم «بتيت»، وتصب البتيت في منجى رئيسي يخرج من الأرض ويصب في مجمع المنجيات، الذي يعرف باسم الشريخ، وهو عبارة عن قناة مائية تصب فيه منجيات الأراضي الزراعية المتجاورة، وينتهي الشريخ في البحر. أما طريقة تقسيم الأرض، بحيث يتوزع الماء على جميع النباتات المزروعة بصورة سلسة، فهو يعتمد في الأساس على مساحة الأرض ونوعية المحاصيل الزراعية المزروعة.

عملية تقسيم الأرض

بعد أن يتم إعداد الأرض للزراعة تبدأ عملية تخطيط الأرض لعدة أقسام، وفي حال كانت مساحة الأرض الزراعية كبيرة وسيتم زراعتها فقط بالنخيل، فإن هذه الأرض تقسم إلى قفول، وكل قفل عبارة عن قطعة أرض يزرع فيها نوع واحد من النخيل، ويعطى كل قفل مسمى خاصاً له، أما باسم نوعية النخيل التي زرعت فيه، كأن يسمى «قفل الخلاص» أو «قفل الخميزي»، أو قد يسمى بحسب موقعه في الأرض، فيقال «القفل الجنوبي» أو «القفل الشمالي». ثم يقسم القفل إلى تقاعيد، وتقسم كل قاعدة إلى شمات وجداول للري، ويشق بينها المنجيات الفرعية أو البتيت، التي تصب في منجى رئيسي ومنه إلى الشريخ (آل خليفة 2009).

أما في حال زراعة الأرض بمحاصيل زراعية مختلفة، فإن الأرض تقسم إلى أقسام تسمى سابات، وكل سابة تشمل عدداً من الأحواض (أما شروب أو مشاعيب)، والتي تتوزع داخل السابة بشكل أزواج متقابلة، ويتراوح عددها من أربعة لستة أزواج متقابلة. ولكل سابة ساقية توصل لها الماء، وتتفرع منها سواقٍ فرعية لكل شرب أو مشعاب. وبين كل شرب وآخر توجد فواصل، وذلك ليمنع الدوس على النباتات، وتسمى هذه الفواصل باسم الگواري (مفردها گاري)، وأحياناً تسمى دوسات (مفردها دوسة) أو جسور (مفردها جسر). ويعتمد تقسيم الأرض إلى شروب أو مشاعيب بحسب نوعية المحاصيل الزراعية، ويمكن تفصيل ذلك كالتالي:

الشرب

هو حوض كبير مستطيل الشكل يبلغ عرضه ما بين مترين إلى ثلاثة أمتار، أما الطول فقد يصل إلى ستة أمتار. ومن الخضروات الورقية التي تزرع مباشرة في الشرب بالبذور: الفجل (الرويد) والكراث (البقل) والتابل والبقدونس والسبنت والسبانخ والسلق والجرجير والملوخية والريحان (المفكرة الزراعية 1997، ص 24). وقد وردت لفظة شرب في كتب اللغة إلا أنه جاء بمعنى الحوض الذي يحفر حول النخلة فقط، إلا أن اللفظة تطورت واتسع معناها لتشمل هذه الأحواض.

المشعاب

المشعاب عبارة عن أحواض طويلة وضيقة أي غير واسعة (عرضها قرابة 30 سم أو أكثر) ويطلق عليها في الأدبيات الزراعية حالياً اسم «خطوط» (المفكرة الزراعية 1997، ص 24). وتستخدم المشاعيب لزراعة عدد من الأشجار كالنخيل وعدد من الخضار، وهناك خضار يتم زراعتها بالبذور مباشرة في المشاعيب مثل البطيخ والشمام والطروح والقرع والبوبر والخيار والبامية، ويراعى أن تغطى المشاعيب التي تزرع بالبذور مباشرة بالسعف لحمايتها من الطيور (المفكرة الزراعية 1997، ص 24 وزراعة النخيل 2004، ص 53).

الخافور أو المشتل

في الأدبيات الزراعية (مثل المفكرة الزراعية) استبدل اسم الخافور باسم المشتل، والخافور أو المشتل هو حوض كبير يعد خصيصاً لزراعة بذور نباتات معينه فهو المهد الذي تزرع فيه البذور التي تتحمل النقل بعد الإنبات. وتنمو البذور في الخافور حتى تتحول إلى باذرة صغيرة تسمى عند أهل الحرفة في البحرين باسم نگيلة (نقيلة) واشتق اسمها من النقل حيث يتم نقلها إلى حوض آخر من الأرض إما الشرب أو المشعاب. وفي الأدبيات الحديثة استبدلت لفظة نگيلة باسم آخر هو «الشتلة» وجمعها شتلات وقد شاعت هذه التسمية بين العامة.

ومن الأمور التي يجب مراعاتها في الخافور أن يوفر إنبات أعلى نسبة من البذور بدون تلف أو خسارة ثم الحصول من تلك البذور على شتلات ذات جودة عالية وسليمة وخالية من الإصابة بأي نوع من الأمراض، وكلما توافرت لدى المزارع الإمكانيات وجب عليه استخدام أفضل التقنيات لإنتاج أفضل الشتلات حيث إن وفرة الإنتاج فيما بعد تتوقف، إلى حد كبير، على قوة وحيوية الشتلة ولذلك يتم إعداد الخافور بصورة تختلف عن الأحواض الأخرى، ومن الخضروات التي تزرع في الخافور ثم يتم تنقيلها: الملفوف والقرنبيط والطماطم والفلفل والباذنجان والخس (المفكرة الزراعية 1997، ص 24).

الخلاصة، أن هناك تنظيماً موحداً للأراضي الزراعية، وهو يعتمد على مساحة الأرض ونوعية المحاصيل الزراعية التي ستزرع فيها. ويتكون هذا النظام من شبكة من القنوات أو الجداول التي تشق في الأرض، لها عدة مسميات، منها السواقي، وهي التي تزود أقسام الأرض بالماء، ومنها المنجيات، وهي التي يتجمع فيها الماء ليؤخذ لخارج الأرض، ومنها المنجيات الفرعية أو البتيت، ومجمع المنجيات وهو الشريخ. وهذه الشبكة من السواقي والمنجيات يتم صيانتها بصورة دورية، وقد كانت لها قوانين عرفية تنظمها، نتناولها في الحلقات القادمة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً