بقيادة السعودية خولة الكريع تمكّن مركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل من تحديد الجين المسئول عن انتشار سرطان الغدة الدرقية، الذي يتسبب في اكتساب الخلية السرطانية المزيد من الشراسة، ويمنحها القدرة على النمو والانتشار، وفقاً لموقع "هافينغتون بوست عربي".
الاختلالات الجينية المكتسبة
"هافينغتون بوست عربي" التقت الدكتورة خولة الكريع، التي تعد من كبار علماء السرطان في السعودية، إذ ذكرت أن "هنالك اختلالات جينية وراثية واختلالات جينية مكتسبة، وهي التي نراها في العديد من الأورام السرطانية، وقد تكون مسببة لنشوء السرطان أو تحدث عند تحول الخلية السليمة إلى خلية سرطانية".
وتابعت "الخلية السرطانية ما هي إلا خلية طبيعية في الأصل، لكنها استطاعت التمرد على قيود النمو والتكاثر التي تخضع لها الخلية السليمة، فمن خلال الاختلالات الجينية التي تتطور خلال نشوء الورم أو انتشاره، تستطيع الخلية السرطانية البقاء والاستمرار في النمو".
وأوضحت الكريع أن الخلل في سرطان الغدة الدرقية يكمن في جين "TG"، الذي اكتشفت وجوده ودوره في نشر الورم، لكن لم يتعرف الفريق الذي تقوده على أسباب حدوث هذا الخلل، ومع هذا فإن هذه الخطوة تظل أمراً مميزاً، فالجين تكمن أهميته في مساعدة الخلية السرطانية على النمو والانتشار للأعضاء الأخرى.
مشروع فك الشفرة الجينية
وعن كيفية اكتشاف هذا الخلل والدور الذي يقوم به، تقول الكريع: "تم الكشف عنه من خلال مشروع فكّ الشفرة الجينية لسرطان الغدة الدرقية، فالسعودية تعد الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تسهم في المجهودات الدولية العالمية، لفك الشفرة الجينية لجميع أنواع السرطان، وذلك من خلال عضويتها الدائمة في المجمع الدولي للسرطان ( lCGC)".
وتضيف: "اخترنا من خلال برنامجنا وعضويتنا، سرطان الغدة الدرقية لأنه يعد أحد أنواع السرطانات الشائعة لدينا في البلاد، عكس ما هو عليه في الدول الغربية، كما أنه يعد ثاني سرطان يصيب المرأة السعودية بعد سرطان الثدي".
فحص الجين في أكثر من 800 مريض
وقد تم استخدام أجهزه تقنية عالية، مثل أجهزة الجيل الثالث لفك الشفرة الجينية، لأكثر من 200 مريض سعودي يعاني من سرطان الغدة، وتم اكتشاف الاختلال في هذا الجين، ما جعل الفريق الذي تقوده الكريع، يقوم بفحص هذا الجين في أكثر من 800 مريض، يعاني من سرطان الغدة الدرقية.
ومن خلال هذا التوسّع والكشف عن هذا الخلل الجيني تمكنوا من معرفة الدور الهام الذي يلعبه هذا الجين في إعطاء مزيد من الشراسة للسرطان ومنحه القدرة على النمو والانتشار.
وعن إمكانية توارث هذا الجين عبر الإجيال، تقول الكريع: "هذا الجين عبارة عن اختلال مكتسب وليس وراثياً"، وبالتالي فهو لا ينتقل عبر الأجيال.
الخصوصية السعودية
وأكدت الكريع أن هذا الجين عُثر عليه من خلال فك الشفرة الجينية لمرضى سعوديين فقط، ولديهم سرطان الغدة الدرقية.
وتضيف: "أعتقد بعدما تم نشر نتائج بحثنا العلمي الأسبوع الماضي في المجلة الأميركية للمورثات البشرية، فإن العديد من المراكز العلمية البحثية المتخصصة في أنحاء العالم ستقوم بفحص مرضاها بحثًا عن هذا الاختلال، ومن خلال النتائج التي سيلعن عنها، سنعرف إن كان هذا المرض خاصاً بالسعوديين".
الفحص المبكر عن الخلل في جين (TG)
وشرحت الكريع كيفية الكشف عن الخلل في جين (TG) مبكراً، وقالت: "الفحص عن إمكانية وجود هذا الخلل الجيني مهم جداً لمرضى سرطان الغدة الدرقية وطريقة علاجهم، فمن المتعارف عليه أن سرطان الغدة الدرقية من السرطانات التى تحظى بنسبة مرتفعة من الشفاء بعد الجراحة والعلاج الاشعاعي، وتصل إلى نسبة 90%".
وأضافت: "لكن للأسف هنالك نسبة من المرضى الذي يعانون من الاختلال الجيني الشرس الذي ذكرناه، غالباً يعود إليهم السرطان بعد إنهائهم العلاج اللازم، وقد ينتشر الورم ويصل إلى أعضاء أخرى في الجسم، لذا من الضروري فحص هذا الاختلال لدى المرضى، وعلى حسب النتائج نستطيع تحديد نوعية العلاج وقوته والمتابعة الدقيقة للمريض".
وأوضحت أن علاج الذين يعانون من هذا الاختلال الجيني يكون أقوى من علاج سرطان الغدة الدرقية الشائع، كما أن المتابعة للمريض يجب أن تكون لفترات طويلة نظراً لاحتمال معاودة السرطان الحامل لهذا الاختلال.
بارك الله فيج يادكتوره