العدد 5018 - الخميس 02 يونيو 2016م الموافق 26 شعبان 1437هـ

الحق في اختيار الموقف

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يورد مصطفى حسين في كتابه «إجمع قطرات الندى» أن الرئيس السوفياتي السابق، خروتشوف، وقف يلقي كلمة، أدان فيها بشدة عهد ستالين.

وأثناء الكلمة، سمع صوتاً في القاعة الكبيرة، يقول: أين كنت يا سيد خروتشوف، يوم كان هؤلا الأبرياء يقتلون؟!

عندها، توقف خروتشوف، ونظر بحدة وجدية بادية إلى الجمع وقال: فليقف الشخص الذي تكلم.

فعلا التوتر في القاعة، وساد جو الرهبة، ولم يتجرأ أحد على الوقوف.

حينها قال خروتشوف: حسناً هكذا أكون قد قدّمت جوابا عمليا على السؤال... فأنا عشت ذات الشعور الذي عشتموه أنتم اليوم. واقتنعت كما اقتنعتم.

من المهم أن يشعر المرء بالآخر ويضع نفسه مكانه قبل أن يتخذ أي حكم أو يتفوه بأية كلمة؛ إذ كثيراً ما نعيب على الآخرين بعض مواقفهم، وأحياناً نستنكر تغير رؤاهم تجاه موضوع معين لا يشكل انقلاباً في المبادئ المتعارف عليها والمتفق عليها، فضلاً عن تلك التي قد تكون نسبية.

حين ينتبه أحد مَّا إلى نفسه، ويجد أنه كان مخطئا تجاه أمر معين، فيحيد عنه، وخصوصا حين يلتفت إلى أنه تصرف بعفوية وسذاجة حين اتخذ هذا الموقف أو ذاك وقت غضب أو اندفاع، من المهم أن نلتمس له العذر فيما لا يشكل فارقاً كبيراً في المبدأ ولا يولد ضرراً لأحد.

أن تكون ضد أمر ما، فذلك حق طبيعي لك، ولكن أن تعممه وتحاول فرضه على غيرك، فهو أمر لا يمت للخُلُق بصلة، ويعتبر تعدياً صريحاً على حرية آرائهم وحرياتهم الشخصية وحقوقهم في اختيار مواقفهم، بما يتناسب مع مبادئهم ومعتقداتهم. ولا يمكن لأي عاقل أن يقبل بهذا التعدي أو هذا الفرض.

بعض الأحداث تتطلب منا وقفة جماعية وصارمة، ولا يمكن للمحايد حينها أن يكون منصفاً خصوصاً حين يتعلق الأمر برغبات الشعوب أو المطالبة بالإصلاح السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي أو الصحي وغيرها من المجالات التي تتعلق مباشرة بالفرد، وتلك التي تكون الرؤية فيها واضحة لا تقبل اللبس.

لكن في حياتنا الشخصية فمن حق أي منا أن يختار موقفه ويختار طريقه من غير الضغط عليه أو التقليل من شأنه أو وصفه بأي صفة قد تقلل من شأنه او تؤذيه نفسياً او معنوياً.

نحن بشر نصيب ونخطئ. بشر تتغير مواقفهم بتغير مستوى إدراكهم، وتغير طبيعة قراءاتهم وتغير الزاوية التي يرون منها الأمور والميزان الذي يزنون به هذا الأمر أو ذاك. ومن حق أي منا أن يكون له موقفه الذي يرغب به، وأسلوب حياته الذي يعجبه هو لا غيره، مادام لا يلحق ضرراً بأحد ولا يروج لما يؤذي غيره.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5018 - الخميس 02 يونيو 2016م الموافق 26 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:34 ص

      كل الكلام صحيح ✅ ولكن إلى أين يقود ومالدليل الذي يعطيه. هل نوكل أمرنا وحياتنا إلى من يخوض التجارب فينا؟ على اساس انه أصاب في هذا الموقف واخطأ في آخر.. خطأ قد يكلف بلدا أو أمة نتائج وخيمة
      فما الحل؟

    • زائر 2 | 2:21 ص

      الحد الفاصل بين الشخصي والعام حد دقيق جدا ، فكل منهما يؤثر في الآخر ، فهل من حق رب البيت أن يهجر زوجته وعائلته بعناوين الهجرة القسرية مثلا ثم نقول ان هذا التصرف تصرف شخصي؟!

    • زائر 1 | 2:17 ص

      المشكلة يا سييدتي فيمن يقود الناس للمحارق ثم يدعو للمراجعة والاقرار بالخطأ !

اقرأ ايضاً