نفى وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط توبياس إلوود أان بلاده تقدم المصالح التجارية على حقوق الإنسان والديمقراطية، وقال إن العلاقات بين المملكة المتحدة ومملكة البحرين تمكن المسئولين في البلدين من التطرق إلى كل القضايا المهمة، بما في ذلك متطلبات الإصلاح السياسي ومعالجة ملفات ترتبط بحقوق الإنسان والعدالة.
وقال الوزير البريطاني إن بلاده تساند البحرين في عدد من البرامج لإصلاح الشرطة والقضاء والمظالم، وإنه تطرق في لقاءاته إلى محاكمة الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده أمس (الخميس) في مقر السفارة البريطانية في المنامة.
المنامة - ريم خليفة
قال وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط توبياس إلوود في لقاء مع الصحافة البحرينية عقده أمس الخميس (2 يونيو/ حزيران 2016) في مبنى السفارة البريطانية في المنامة، إن العلاقات القوية بين بلاده ومملكة البحرين تمكن بريطانيا من طرح مختلف القضايا، بما في ذلك تلك القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان وحكم القانون والديمقراطية، مشيراً إلى أنه طرح قضية الحكم على أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في لقاءاته مع المسئولين البحرينيين يوم أمس، وفيما يأتي نص اللقاء:
كيف تردون على من يقول إن المملكة المتحدة لم تعد تهتم بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية في سياستها الخارجية، وأن أولوياتها تنصب على تحقيق المصالح التجارية؟
- هذا سؤال جيد، إن قوة علاقاتنا مع البحرين تمكننا أن نطرح بعض القضايا الصعبة، بطريقة قد لا تتمكن دول أخرى من طرحها. لدينا علاقات قوية مع حكومة البحرين، وهي علاقة تمتد لقرنين من الزمان، ولدينا أيضاً علاقات تجارية، لكن هذه العلاقات التجارية لا تمنعنا من طرح القضايا الصعبة والمهمة حول حقوق الإنسان وحكم القانون والديمقراطية. وفي الواقع، أكثر من ذلك، إننا نستثمر الكثير من الوقت والجهود والإمكانات من أجل مساعدة البحرين في تحقيق تقدم مهم في هذه المجالات، وقد طرحت عدة قضايا لها علاقة بحقوق الإنسان وحكم القانون والديمقراطية على أعلى المستويات خلال اجتماعاتي اليوم.
هل هذا يشمل جميع المواضيع المطروحة حالياً، بما في ذلك الحكم على رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان؟
- هذا الموضوع كان على أجندة اجتماعات اليوم مع نائب رئيس مجلس الوزراء، ومع وزارة الخارجية، وأأمل أنه كان لما طرحته تأثير. ما أود التأكيد عليه، إنني أوضحت موقفنا، نريد رؤية تقدم ملموس باتجاه تحقيق مجتمع أكثر عدالة وشفافية، وهذا يتضمن محاكمات عادلة. إنها العلاقات القوية التي تجمعنا والتي تفسح لنا المجال أن نؤثر في هذا المجال، لأنه لدينا هذه الصداقة. ولكن أنا واضح جداً، إننا لا نتردد في طرح مواضيع حقوق الإنسان في البحرين أو في أي مكان آخر في العالم.
كان مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب خوان مانديز قد طلب زيارة البحرين خلال السنوات الماضية، فهل ترون أهمية لمثل هذه الزيارة؟
- ليس لدي اطلاع بآخر التطورات حول هذا الموضوع، ولكن أعتقد أنه من المفترض السماح لمقرر الأمم المتحدة حول التعذيب خوان مانديز بزيارة البحرين، وهذا أمر مهم حقاً.
كيف ترى مشاركة البحرين في الجهود المبذولة ضد «داعش»؟ وهل هناك المزيد مما يمكن للبحرين القيام به؟
- إننا نشكر البحرين لجهودها في تسهيل عمل خلية الاتصالات الاستراتيجية التي تتولاها وزارة الخارجية البريطانية، وهي وحدة جديدة متخصصة لتحدي تواجد المتطرفين في العالم الافتراضي (أونلاين)، وهذه الوحدة تجمع أفضل الخبرات من أنحاء العالم لمواجهة الأيديولوجية المسمومة التي تحاول التأثير على الشباب في كل أنحاء العالم. والبحرين حصلت على ترشيح للعمل في هذه الوحدة في وزارة الخارجية البريطانية، وهي جهود تضم خبرات من 60 بلداً يعملون في تحالف لمواجهة «داعش»، وهذا أمر لا يؤثر فقط على الشرق الأوسط، وإنما يؤثر على المجتمعات حول العالم، ولقد رأينا هجمات في باريس وبروكسل ورأينا كيف يتم تجنيد أشخاص من المملكة المتحدة وغيرها، ولذا فإن من المهم أن يتعاون الجميع من أجل مواجهة التطرف والتأكد أن العالم المسلم الهادئ لا يتم اختطافه من قبل المتطرفين.
كيف ترى عملية الإصلاحات في البحرين على ضوء ما يجرى من أحداث إقليمية؟
- جزء من أهداف زيارتي هذه هو التأكد من أن عملية الإصلاح تستمر، وهذا أمر مهم جداً، ففي القرن الحادي والعشرين نسعى للتأكد ان حرية التعبير يتم تشجيعها، وان حكم القانون يطبق، والأحزاب السياسية يسمح لها بالتطور. ولكن مع حرية التعبير تأتي المسئولية فيما تقوله. لنكن واضحين، بريطانيا احتاجت الى قرون للوصول الى ما وصلنا إليه الآن، وفي العادة فإن المجتمعات المحافظة ترى خطوات التغيير قد تكون محبطة أحياناً، ولكن التغيير ينبغي أن يحصل بمعدل عملي لكل بلد.
وهل تتعاون معكم البحرين؟
- نعم، أنا سعيد بأن أقول إن البحرين تتعاون، وهناك طريق طويل، نرى أن هناك تعاوناً في عدة مجالات، منها أننا وضعنا في نقاشاتنا اليوم تصورنا لما نطمح الوصول إليه في هذه المجالات، بريطانيا تطلبت مسيرة 800 عام منذ التوقيع على الميثاق العظيم (في 1215م) للوصول الى ما وصلت إليه، والبحرين حصلت على استقلالها في نهاية القرن الماضي، والكل يريد التغيير، والكل يهتف من اجل التغيير، ولكن هذا يتطلب وقتاً لكي تتسق العملية. ونحن نريد ان نشجع ونساعد في عدة برامج ونشارك بخبراتنا في إصلاح الشرطة، وإصلاح القضاء، واصلاح السجون، وديوان المظالم، وهذه مجالات عديدة تستطيع ان تساهم بريطانيا فيها.
هل هناك تكلفة لهذه المساعدات المقدمة؟ وما هو رأيكم بالوضع في سورية والعراق؟
- ليس لدي القيمة الكلية للجهود التي نبذلها، هناك وزارات أخرى في بريطانيا كوزارتي الداخلية والعدل، ولذا ليس لدي معلومات عن الكلفة لهذه البرامج. كل ما اقوله ان البحرين لها الأولوية في الحصول على المساعدة، وهذا أفسح المجال لنا لعلاقات مميزة مقارنة مع الدول الأخرى، ونرى رغبة من البحرين انها تريد التقدم إلى الأمام، وهذا مهم جداً، لأنه من دون ذلك لن نستطيع استثمار الجهود المذكورة.
بالنسبة إلى سورية، إنها تحدٍّ كبير للمنطقة، لانتشار عدم الاستقرار، ومع الأسف فإن محادثات جنيف لم تتحرك بالإيجابية التي ينبغي لها. إنه في يد روسيا ان نرى نهاية للاعتداءات التي حصلت مؤخراً، ولاسيما في إدلب. هناك تحديات كبيرة، والأمر يعود للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان يستخدم نفوذه على بشار الأسد.
هل ترى أن الحرب الحالية على تنظيم «داعش» ستنتهي في أي وقت قريب؟
- إن النجاحات (ضد داعش) في العراق لابد من الإشادة بها، كما ان التقدم في الفلوجة الذي يأتي بعد تحرير تكريت والرمادي، يوضح أن هناك حاجة لعملية سياسية لكل العراق وان الحاجة لهذه العملية مازالت قائمة، والسبب في انتشار التطرف في أي مكان هوغياب القانون وهيكلية الحكومة، وقد رأينا ذلك في ليبيا ونيجيريا والصومال، ومن المهم ان نوفر مساعدات لهذه الدول لتطوير أنظمتها الحكومية لكي لا يكون هناك فراغ يفسح للتطرف بالانتعاش.
ما هي آخر التطورات بشأن التسهيلات العسكرية البريطانية الجديدة في البحرين؟
- نقدم الشكر الجزيل للسلطات البحرينية للسماح باستخدام القاعدة في الجفير، ومن أجل إفساح المجال للبواخر الحربية وحاملة الطائرات والمدمرات أن تحط في البحرين، وأن نعمل مع البحرينيين من أجل أن نجعل الخليج منطقة أكثر أمناً. بالنسبة لنا، فإن هذا الأمر في غاية الأهمية، أن يكون لنا تواجد بحري عسكري، وأن نعمل يداً بيد مع البحرينيين. هذا القاعدة الجديدة تعتبر فصلاً جديداً في التعاون العسكري.
متى سيتم افتتاح القاعدة؟
- في العام المقبل. في جانب معين إنها مفتوحة الآن بصورة جزئية، وهناك عمل ولكن الافتتاح سيكون في العام المقبل. وهذه ستكون جزءاً من استراتيجية بريطانيا في المنطقة، لأن الخليج مهم بالنسبة لبريطانيا، ونحن ننظر الى الامام لأننا بلد له توجه عالمي، والكثير من شركاتنا البريطانية لها مصالح هنا في البحرين والخليج، وأمنكم هو أمننا، ولذا فإننا وكحلفاء قدامى نعمل مع بعضنا البعض.
كيف تفسر ظهور «داعش»؟
- كما شرحت إن غياب الحكومة في بلدين أعطى فرصة لذلك. في العراق تحت حكومة المالكي شعر السنة أنهم لم يعاملوا بطريقة جيدة، وبغداد لم تعطهم الفرصة لتمثيلهم بحسب ما توقعوا، وهذا أدى الى نشوء التطرف، وبعضهم اتجه الى اسماع صوته عبر هذه الوسائل. وفي سورية ايضا، فإن المعتدلين السنة لم يجدوا لهم مساحة بعد انتفاضة 2011، والكثير من المناطق قررت ان تدافع عن نفسها، واصبحوا جزءا من الجيش السوري الحر، وهناك من السنة من قرر أن يشكل جماعات متطرفة، وسعوا إلى إنشاء خلافة مماثلة لما كان يتواجد في القرن السابع الميلادي. والآن نرى الجانب الوحشي للمتطرفين، ولذلك فإن العالم أدان ذلك، وتجمعوا مع بعضهم لتشكيل تحالف والآن يحاصر ببطء ولكن بفاعلية، «داعش»، بهدف القضاء عليه.
كيف تفسر زيادة اللاجئين البحرينيين في بريطانيا؟
- ليس من السهل أن أعلق على كل قضية، بريطانيا لديها تاريخ تفخر به، إنها بلد آمن لأي شخص يتقدم باللجوء اليه، وأنا من وزارة الخارجية، وليس الداخلية، ولذا ليس لدي تعليق على هذه القضايا.
لما لا يتردد الغرب في مواجهة حزب الله اللبناني؟
- لبنان بلد معقد، ونحن نشجع على التئام البرلمان من أجل انتخاب رئيس للبلاد الذي حرمت منه لبنان. دور حزب الله معقد، انه متأثر بايران، وهذا أنموذج لكيفية استخدام إيران جهات لإثارة عدم الاستقرار. وهناك امثلة أخرى، بما في ذلك في البحرين. نحن ندعو ايران بعد توقيع الاتفاق النووي ان تتبع نهجاً مسئولاً. حزب الله جزء من التركيبة الحكومية في لبنان، وهذا سيتطلب من الحزب ان يتصالح وان يدخل في الساحة السياسة الكاملة، وليس في تثبيت مكانته العسكرية والمحافظة على علاقاته مع إيران.
لقد رحبتم باطلاق سراح الناشطة زينب الخواجة، فهل أن موقفكم تجاه الوضع في البحرين مماثل لبيان الاتحاد الاوروبي الذي صدر بعد إصدار الحكم على الشيخ علي سلمان؟
- إننا نفضل الحوارات الخاصة، وليس معنى أنكم لا تسمعون تلك الحوارات اننا غير مهتمين بما يجري. هذا ليس صحيحاً. نود رؤية مسار عقلاني للمصالحة السياسية، ونريد ان نصل الى مكان حيث تكون جميع الاحزاب السياسية، ومنها الأحزاب المعارضة قادرة على التعبير عن رأيها بصورة مسئولة، وان تشارك من اجل تحقيق مصالح البلاد.
ذكرت تدخلات إيران في المنطقة، بما في ذلك في البحرين، فهل تفعل بريطانيا أي شيء نحو ذلك؟
- إيران، كما قلت، دخلت في مرحلة مثيرة للاهتمام، ولديها القدرة لو اختارت ان تنخرط في مواقف اكثر مسئولة. نحن لسنا مرتاحين لنفوذها عبر جهات وكيلة proxy influence، ولحد الآن لم تتغير اساليب إيران. ولكن انتخابات مجلس الشورى الاخيرة جاءت بنتائج مثيرة للاهتمام، وكذلك في مجلس الخبراء، والخطاب المستخدم من قبل الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف يجد ترحيباً أكثر، عندما نقوم بمقارنته بخطاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. ان الافعال هي التي ستحدد في نهاية المطاف الأمر، ونحن نشجع ايران في اتخاذ مواقف مسئولة وان تجد نهجاً أكثر ملاءمة لتلعب دوراً إيجابياً، وأن تساهم في حل أزمات، مثل ما يحدث في اليمن، ولبنان وسورية، حيث يواصلون دعمهم لبشار الأسد.
العدد 5018 - الخميس 02 يونيو 2016م الموافق 26 شعبان 1437هـ