طالعتنا صحيفة "الوسط" في عددها ليوم الأربعاء (12 إبريل/ نيسان 2016) بتصريح جمعية البحرين للتأمين ورغبة الشركات المنضوية تحت هذه الجمعية بالسعي لدى مصرف البحرين المركزي، وهو الجهة الرقابية على شركات التأمين، للنظر في زيادة أقساط تأمين السيارات الطرف الثالث. واستندت الجمعية في تقديم رغبتها إلى دراسة اكتوارية، يبدو أنها تدعم هذه الحاجة، ومن جهة أخرى أن تلك الأقساط لم تتغير منذ العقدين من الزمن.
من اللازم في اعتقادي أن يدلي كل من له رأي في هذه المسألة بدلوه حتى لا نكون نحن، معاشر المستهلكين، متلقين فقط لتلك الصدمات التي باتت تنهك جيوبنا وخاصة المعتمدين منا على رواتبهم التقاعدية.
ليست عندي بدءاً أية أرقام استند إليها في هذا التعليق سوى خبرتي المتواضعة في التأمين، ومحاولاتي أن أكون على علاقة مستمرة بالسوق، من باب الحنين المهني فقط. عندما التحقت بالعمل في التأمين كان عدد الشركات حينذاك في السبعينات من القرن الماضي لا يتعدى عشر شركات، بما في ذلك شركتان بحرينيتان هما صندوق التعويضات وشركة البحرين للتأمين. كان للشركات الباقية وجميعها أجنبية جمعية تعنى بجميع أوجه العمل، من أسعار وشروط وإجراءات. لم تشكُ أي من تلك الشركات في أي وقت من الأوقات من خسائر، لا في تأمين السيارات ولا في الفروع الأخرى، وذلك مرده إلى الانضباط التام في ممارسة المهنة. أعتقد أن العدد الحالي للشركات العاملة في البحرين لا يقل عن 22 شركة وذلك راجع بالتأكيد للمناخ الإيجابي الذي تحظى به مملكة البحرين في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية.
وحيث إن الشكوى المرفوعة من جمعية البحرين للتأمين هي شكوى صادرة من كثير من تلك الشركات وليست كلها. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال طبيعي... لماذا يخسر البعض ويربح البعض؟ الإجابة ببساطة هي في تطبيق المعايير المهنية الدقيقة والصارمة في الاكتتاب، وليس بالأمر سر. فنجاح أية شركة تأمين عائد للإدارة المنضبطة لمحفظة التأمين، سواء من جهة الاكتتاب أو التعامل مع التعويضات أو غيرها من الأمور الإدارية التي من شأنها خفض كلفة المطالبات. هذا العدد الكبير للشركات التي تعمل ضمن مساحة جغرافية محددة لابد أن تشتعل فيما بينها المنافسة لدرجة لا يمكن توقع غير الخسارة من ورائها. إن افتتاح أية شركة جديدة لابد أن يكون معناه خسارة الشركات الأخرى لجزء من محفظتهم لصالحها، وهكذا نرى أن الأقساط لا تنمو إلا بدرجة بسيطة في مقابل ازدياد كلفة المطالبات. أما ازدياد كلفة المطالبات فمرده إلى عوامل خارجة عن إرادة الشركات، ومنها أحكام المحاكم التي تأتي في الغالب بأكثر من توقعات الشركة، وكذلك التغيير المستمر في مبالغ التحمل التي تتحملها شركة التأمين من حسابها في اتفاقات إعادة التأمين، والتسيب الواقع في سوق إصلاح السيارات، من قطع غيار وكلفة اليد العاملة.
وحيث إن هذا الموضوع يطول البحث فيه، فإني أود أن أطرح بعض التساؤلات على الجمعية، للرد عليها من أجل مشاركتنا نحن المستهلكين في أمر نحن في النهاية من يدفع ثمنه:
1 - هل يمكن للجمعية التصريح للجمهور بأرقامها وإحصاءاتها التي تبرر تطلعها إلى الزيادة؟
2 - هل أخذت الدراسة الاكتوارية القسط الخاص بالطرف الثالث وهو الذي يشكل جزءاً ذا قيمة كبيرة من أقساط التأمين الشامل؟
3 - هل يمكن للجمهور معرفة سياسات الشركات تجاه وكلاء السيارات المحتكرين لقطع الغيار، والمتحكمين في تحديد قيمة اليد العاملة، مستغلين في ذلك رغبة أصحاب السيارات في إجراء أعمال إصلاح سياراتهم لدى الوكيل... وسؤال موجه إلى الجهات الرقابية... هل السوق قادرة فعلاً على استيعاب هذا العدد من الشركات؟ أم لايزال الباب مفتوحاً أمام المزيد منها؟ أم أن هناك توجهاً إلى تقليص هذا العدد؟
أرجو ألا يتم إهمال السؤال المطروح سابقاً وهو الأهم في نظري... لماذا يخسر البعض ويربح البعض؟
لا أريد التطويل وهو مطلوب هنا، غير أن النقاش سيأخذنا إلى منعطفات فنية لا تهم القارئ حاليّاً، ولكن لو سمح بالزيادة هنا فإن الزبون سيظل دائماً رهينة لمدى كفاءة الشركات العاملة، التي إن خسرت فستقوم كالمعتاد، بإجراء دراسة اكتوارية والتظلم لدى الجهات الرسمية طلباً في زيادة أخرى للأسعار، وهكذا.
أحمد محمد
زيادة اقساط على ويش يحسره >>>
نصب وحتيال