قالت الناشطة النسائية فوزية مطر إن «واقع العمل النسائي الحالي يظهر أن البحرينيات عازفات عن دخول الجمعيات النسائية، كما أن الشابات مشغولات عن العمل النسائي بأمور أخرى».
ودعت مطر في ندوةٍ قدّمتها في مقر جمعية المنبر التقدمي في مدينة عيسى مساء الأحد (29 مايو/ أيار 2016)، تحت عنوان «مؤسسات العمل النسائي الأهلي الواقع والتحديات»، إلى «الوصول إلى الشباب الكترونياً من خلال المنصات التي يرتادونها، ليس لعرض فعاليات الجمعيات النسائية وإنما عبر عملٍ منظم تقوم به لجنة خاصة بالنشر الالكتروني في كل جمعية تقوم بنشر ثقافة حقوق المرأة».
وأفادت مطر في مستهل ندوتها أن «العمل النسائي الأهلي مرّت بثلاث انطلاقات، وهذه المحطات ترتبط بحراك شعب البحرين الوطني، الانطلاقة الأولى كانت في الخمسينيات وجاءت كثمرة لتوسّع تعليم البنات في البحرين، ولما جرى من انفتاح ثقافي نسبي، إلى جانب صعود الحركة السياسية، فتأسس نادي سيدات البحرين العام 1953، ومن رحِمِه خرجت جمعية نهضة فتاة البحرين العام 1955، وجمعية رعاية الطفل والأمومة العام 1960». وأضافت «الانطلاقة الثانية كانت في فترة السبعينيات مع تبلور التوجه نحو استقلال البحرين وتصاعد الحركة السياسية في البلد، وتنامي قوة اليسار بمختلف تلاوينه، ففي العام 1970 خرجت جمعية أوال النسائية والرفاع النسائية وفتاة الريف التي لم تشهر وقتها، ولكنها ظلت تعمل حتى إشهارها في الألفية الثالثة، حتى جمعية نهضة فتاة البحرين حدث لها نقطة تحوّل كبيرة بدخول نساء شابات لها وطرحت برامج عمل جديدة تلاءم المرحلة».
وأردفت مطر «الانطلاقة الثالثة مع دخول الألفية الثالثة وتولّي جلالة الملك مقاليد الحكم ونهوض الحركة السياسية ترافق مع نهوض مجتمعي كبير، وتوجهت العديد من الفئات لتشكيل جمعيات تعبّر عن رأيها، وفي هذا الاتجاه تأسست مجموعة من الجمعيات النسائية، وأيضاً الاتحاد النسائي البحريني». وأوضحت أن «الاتحاد النسائي جاء تتويجاً لجهود الجمعيات النسائية، ومرّ قبل تأسيسه بمخاض عسير قبل أن يُشهر مطلع الألفية من قبل 12 جمعية، وعمل على مسك ملفات حقوق المرأة وعمل عليها بجد، وفتح قنوات تواصل مع المؤسسات الرسمية والأهلية، وفي هذا المجال أصدر الاتحاد عدة مطبوعات تثقيفية عن حقوق المرأة». وتابعت «الجمعيات النسائية تنفذ مشاريع تنموية مهمة في مجال تمكين المرأة، والاتحاد النسائي يحمل ملفات مهمة حول حقوق المرأة، ولكن هناك تحديات تواجه هذه الجمعيات، ومن ضمنها نقص الكادر البشري، وتسرّب العضوات وذهابهن إلى مختلف مناحي الحياة، ويعود ذلك إلى قلة البرامج التي تجذب النساء وانشغال البعض في تكوين الأسر، بالإضافة إلى تنامي المد الديني من الطائفتين منتصف الثمانينيات وكسب الكثير من الشابات للانضمام إلى العمل الخيري أو الدعوي، ما أثّر كثيراً على الجمعيات النسائية ذات التوجهات الوطنية، خاصةً أن هذه الجمعيات النسائية كانت قد تجاوزت العمل الخيري إلى المطالبة بحقوق المرأة، ما أدى إلى عزوف الكثير من النساء من الانضمام لها».
وواصلت مطر «مع دخول الألفية الثالثة خرجت القوى السياسية إلى العلن ونشطت نساؤها في هذا المجال، على صعيد قوى اليسار ولخبرته في العمل المنظم، فقد كانت له أجنحة نسائية وشبابية وعمالية، فجرى التوجه لتكوين تنظيمات تمثل هذه القوى، وضمن هذا التوجه تم تأسيس جمعيات نسائية جديدة، وبدورها حدت جمعيات الإسلام السياسي حذو اليسار وعملت على تكوين أجنحة لها تمثل فئات المجتمع المذكورة وتمثل وجهات نظرها». وأردفت «كما تأسست جمعيات نسائية غير سياسية، وموجة تأسيس الجمعيات النسائية كانت كبيرةً، ففي العام 2002 تأسست جمعية مدينة حمد النسائية، وفي العام نفسه تأسّس فرعٌ لجمعية نهضة فتاة البحرين في المحافظة الوسطى، كما تأسّست الجمعية البحرينية لتنمية المرأة، وفي العام 2003 تأسّست جمعية المحرق النسائية الاجتماعية الثقافية، وفي العام 2004 تأسّست جمعية المرأة المعاصرة، وفي العام 2006 تأسّست جمعيات أخرى عديدة، وفي العام 2009 تأسّست جمعية سترة للإرتقاء بالمرأة، ووصل العدد إلى 19 جمعية نسائية وفرعاً إضافياً لجمعية نهضة فتاة البحرين، بالإضافة إلى الاتحاد النسائي الذي يضم حالياً 9 جمعيات كما هو مثبت على موقع الاتحاد». واعترفت مطر بالقول: «رحّبت بتزايد الجمعيات النسائية واعتبرته نوعاً من حرية التعبير، ولكنني اعترف اليوم أنني كنت مخطئةً في هذا الأمر، فقد خرجت النساء اللاتي كن عضوات في الجمعيات النسائية القديمة إلى جمعيات نسائية جديدة محسوبة على التيار الذي يمثلهن، ومنهن كانت أهم الوجوه القيادية في الاتحاد النسائي. لقد أصبح المكوّن النسائي القليل أصلاً يدور ذاته ما بين الجمعيات النسائية والسياسية والاتحاد النسائي». وتابعت «ومع الوقت واجهت الجمعيات النسائية صعوبات في توفير الكادر البشري، وأصبحت الناشطات مثقلاتٍ جداً بمهام متنوعة بما يفوق طاقتهن بكثير، وجرى تداخلٌ في طبيعة المهام بين الجمعيات النسائية والسياسية والاتحاد النسائي، واضطرت جمعية النهضة إلى إغلاق فرعها في المحافظة الوسطى، كما خفّ نشاط الجمعيات الجديدة، وأصبح بعضها يُذكر بالاسم دون نشاط يذكر».
وبيّنت أن «جمعية المستقبل النسائية جمّدت عضويتها في الاتحاد، ومؤخراً خرجت من الاتحاد رعاية الطفل والأمومة، وأظهر آخر تحديثٍ لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية حدث في (مارس/ آذار 2016) أن هناك جمعيات نسائية مسجّلة دون تحديثٍ لبياناتها ومن ضمنها جمعية المستقبل وجمعية المحرق الاجتماعية الثقافية وجمعية باربار النسائية».
وأفادت مطر أن «الجمعيات النسائية الآن تعاني من التناقص في عدد عضواتها وعدد الناشطات فيها، وعدم قدرتها على تفريخ قيادات جديدة، وهذه حالة شبه عامة في مؤسسات المجتمع المدني، وربما باتت ظاهرة عربية عامة».
وأشارت إلى أن «التحدّي الآخر هو الفعاليات التثقيفية والتنموية، إذ أن واقع الحال أن الجمعيات النسائية والاتحاد النسائي ينظم فعاليات لا يحضرها إلا ناشطات من داخل هذه الجمعيات، وبالتالي فإن سبل التوعية لا تصل لمن يحتاجها، بل تصل إلى نساء يملكنها أصلاً، وأخشى أن أقول لأن تنظيم الفعاليات بات نوعاً من الترف الفكري».
وواصلت قائلة: «أثبتت الزوبعة الأخيرة بشأن اتفاقية السيداو أن المجتمع في وادٍ ومؤسسات العمل النسائي في وادٍ آخر، ولكن ليس معنى ذلك أن يتوقف النشاط التوعوي التثقيفي، والمطلوب الآن هو الوصول إلى الشباب الكترونياً من خلال المنصات التي يرتادونها، ليس لعرض فعاليات الجمعيات النسائية وإنما عبر عملٍ منظم تقوم به لجنة خاصة بالنشر الالكتروني في كل جمعية تقوم بنشر ثقافة حقوق المرأة».
وأردفت «ومن ضمن التحديات أيضاً هو الوقفات التقييمية والتقويمية، فعلى الرغم من قيام غالبية الجمعيات النسائية بإجراء وقفات تقييمية لها، إلا أن ذلك لا يتبعه تقويم وتصحيح، والسبب في رأيي يعود إلى تراكم المسئوليات والأعباء داخل هذه الجمعيات، إذ أن من المهم تقييم العمل وتقديم أسئلة واضحة عن سبب فشل أي مشروع قامت به هذه الجمعيات، وفي تقديري، لو قامت هذه الجمعيات بالتركيز على جمعيات أقل تتناسب مع إمكانيات كل جمعية لتوفر الوقت والمجال لإجراء التقويمات اللازمة».
وختمت مطر بالقول: «أما التحدي الأخير فهو المعوّقات الرسمية، إذ أنه من مطلع السبعينيات كانت الجمعيات النسائية تعمل تحت قيود صعبة، وكانت مقيدةً فيما يتعلق بجمع التبرعات والفئات المستهدفة للبرامج، وتشكيل الوفود التي تذهب للخارج، وفي الثمانينيات زاد الطين بلةً مع صدور قانون الجمعيات الاجتماعية والأهلية العام 1989، الذي قرّر قيوداً إضافيةً على الجمعيات، وعندما دخلنا مرحلة الانفراج في الألفية الثالثة وقدّمت وزارة التنمية الاجتماعية تعديلاً على القانون، وجدنا أنها تضيف المزيد من القيود على العمل الأهلي. واليوم فإن القانون وتعديلاته في عهدة المجلس النيابي، وما تزال الجمعيات النسائية من ضمن بقية الجمعيات الأهلية تخضع إلى القانون وتعديلاته الجديدة التي لم تقرّ للآن، وهذا أحد الملفات التي أبلى فيها الاتحاد النسائي بلاءً حسناً للوصول إلى قانون أفضل».
العدد 5016 - الثلثاء 31 مايو 2016م الموافق 24 شعبان 1437هـ