مرةً أخرى تعود النقاشات والسجالات الغير مبنية على أساس منطقي أو حتى على أي فهم لدور مختلف الأطراف والجهات في النضال والعمل على تطور المجتمع، فمرة أخرى في أقل من أربعة أشهر يعود النقاش العقيم بين من يطالب الجمعيات السياسية المعارضة بإعلانها الصريح عن فشلها والتخلي عن قيادتها للشارع البحريني والانزواء بعيداً عن المشهد السياسي، مشترطاً على هذه الجمعيات الدخول في الانتخابات المقبلة في 2018 أو تقديم ما يثبت أنها حققت مكاسب عملية على الأرض، أو تقديم مخارج ناجحة للأزمة الراهنة في البحرين، في حين يدافع الجانب الآخر عن هذه الجمعيات متهماً من يثير هذه الاتهامات بالعمالة حيناً، والتعب من العمل النضالي أو حتى السعي لضرب الحراك السلمي في البحرين، وتحقيق مصالح شخصية على حساب جراحات أبناء الوطن.
ليس من الوارد هنا التعرض لأسماء بعينها أو تاريخ هذه الأسماء والشخوص، فليس من الصعب في مجتمع صغير كالبحرين معرفة مواقف وتاريخ أي شخصية كانت مهما حاول الخداع أحياناً أو التخفّي بأقنعة مختلفة في كل فترة من الفترات، فالمسألة هنا ليست شخصية أو ذات طابع فردي وإنما قضية مصيرية عامة.
كما أن المسألة لا تنحصر في مشاركة الجمعيات السياسية في الانتخابات المقبلة من عدمها، فلكل امرئ تحليلاته ومرئياته الخاصة في هذا الجانب، إنّما الأهم هو الإيحاء بمحاكمة الجمعيات السياسية بشكل صوري والحكم عليها بالتخلي عن دورها، وخصوصاً مع ما يشاع من نية من يهاجمون الجمعيات المعارضة في تكوين جمعية سياسية جديدة أكثر ليونة وأكثر انسجاماً مع متطلبات المرحلة المقبلة.
ومع جميع المحاذير التي يمكن طرحها في العمل السياسي الديمقراطي والتي من أهمها أنه لا أحد يمتلك الحق في إقصاء الآخر، وأن الممارسة الديمقراطية يجب أن تمارس من خلال وفي الجمعيات السياسية المعارضة المنادية بها قبل غيرها من الأطراف السياسية الأخرى، وأن تؤمن هذه الجمعيات قبل غيرها أيضاً بحرية الرأي والفكر وتستوعبه وتدعو إليه، فإن التوجس أو الخوف من الدعوة لسحب البساط من تحت أقدامها ليس مبرراً على الإطلاق.
خلال السنوات القليلة الماضية كانت هناك أكثر من محاولة لخلق كيانات أو إنشاء جمعيات سياسية بديلة، وجميع هذه المحاولات قد باءت بالفشل الذريع، ويمكن تأكيد القول بأن جميع المحاولات اللاحقة ينتظرها نفس المصير المحتوم، فهنالك العديد من الشروط الذاتية والموضوعية يجب توافرها أولاً لكي تنجح أي جمعية سياسية في التكوين، أهمها الأيدلوجية أو المرجعية النظرية الفكرية والسياسية المتفق عليها من جميع الأعضاء، بل والإيمان التام بهذه المرجعية، ومن يقرأ الساحة المحلية يرى أن البحرين قد استنفدت جميع هذه المرجعيات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ولم يبقى غير التوجه الليبرالي الذي وإن كانت جذوره نبتت في البحرين من خلال شخصيات مهمة ومؤثرة في الدوائر والمؤسسات الرسمية والخاصة، إلا أن جمعها في قالب واحد من الصعب تحقيقه في الفترة الحالية، حتى وإن تحقّق ذلك من خلال المحاولات التي يتبناها البعض بين الفنية والأخرى «ومن بينها ما يتم الحديث عنه الآن من تأسيس جمعية سياسية جديدة- على الرغم من أن الأسماء المتداولة ليست من هذا التيار أو المؤثرة فيه- لتحل محل الجمعيات السياسية المعارضة»، فإن التوجه العام في الشارع البحريني بشقيه، بعيدٌ كل البعد عن هذا المسار في الوقت الراهن وحتى سنوات مقبلة ليست بالقليلة على الإطلاق، ما يعني أن هذه البذرة ستبقى لمدة طويلة دون أن تنبت لها فروعاً تظلل مجاميع محسوسة من المواطنين، ما يشكّل لها جذعاً أو قاعدة جماهيرية مؤثرة. ولذلك نقول: لتبقَ الساحة مفتوحةً دون وجل أو خوف لمن استطاع إليها سبيلاً.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 5015 - الإثنين 30 مايو 2016م الموافق 23 شعبان 1437هـ
الشعب والشارع العام لديه قناعة تامّة وراسخة بمطالبه وما يريد وهذه المحاولات لا تلقى أي أذن صاغية وهي اضاعة وقت وقد اثبتت السنوات السابقة ذلك.
ومن يريد ان يحرق اوراقه فليتقدم بأي مشروع وليرى النتيجة ..
لسنا شعب لدينا غبش في الرؤية
لنلتف حول مبادئ الاسلام وكلمة الحق حتى لا تضييع الحقوق ولا نخاف الا الله هو التوفيق
ارجاع الحقوق المسروقه اولا قبل اى كلااااام.