قدم مؤتمر «شباب ضد التطرف»، في ختام أعماله أمس الإثنين (30 مايو/ أيار 2016)، 9 توصيات، تقدمتها المطالبة بإنشاء لجنة وطنية ووضع استراتيجية إعلامية، لمكافحة التطرف والإرهاب.
بجانب ذلك، دعا المؤتمر، الذي ناقش في مركز عيسى الثقافي وعلى مدى يومين، 18 ورقة علمية لـ 30 شابّاً جامعيّاً، إلى إبراز الرموز الدينية والثقافية المعتدلة، وفرض الرقابة على الأفراد والمؤسسات والمنابر الدينية والسياسية الداعية إلى الكراهية والاقصاء والمحرضة على العنف والإرهاب، ومعاقبتها ضمن جزاءات وعقوبات في نطاق القانون وفي إطار حرية ممارسة الحقوق وإبداء الرأي، بما يؤدي إلى تجفيف منابع التطرف.
وتعقيباً على ذلك، رد نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، على سؤال لـ»الوسط»، بشأن السبيل لأن ترى هذه التوصيات، النور، فقال: «الجهات المعنية هي المطالبة بتلقف هذه التوصيات وتبنيها، سواء في المؤسسة العامة للشباب والرياضة أو أية مؤسسة أخرى، أو حتى مؤسسات خدمة المجتمع».
ورفض الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، القول بأن توصيات مؤتمر «شباب ضد التطرف»، شابها التطرف، تحديداً تلك التي تدعو إلى تغليظ العقوبات بحق المؤسسات والأفراد والمنابر، المحرضة على الاقصاء والتطرف، وقال: «التوصيات لا تذهب مباشرة إلى كل هؤلاء، بل تذهب إلى السلطة التشريعية لوضع تشريعات تحمي الشباب ممن يستخدم سواء المنابر الدينية أو الجمعيات أو غيرها، لزرع بذور التطرف».
كما نوه الى أن «مركز عيسى الثقافي لا يستطيع أن يتبنى إنشاء لجنة وطنية، فهذا ليس من اختصاصه، لكن أيّاً كان التوجه بشأن ذلك سندعمه».
وأضاف «العبء الأكبر لن يقع على المركز، بقدر ما هو واقع على الطلبة المشاركين، وذلك عن طريق تواصلهم واستخدام كل الوسائل المتاحة لديهم من قنوات التواصل الاجتماعي الى الاتصالات فيما بينهم من خلال مؤسساتهم التعليمية وغيرها في المجتمع».
وتابع «سيكونون مهيئين لأن يكونوا سفراء لشباب ضد التطرف، سفراء للتسامح، سفراء للتعايش السلمي وغير ذلك مما نأمل أن نكون قد زرعناه خلال هذه الفترة، فكل التوصيات المقدمة هي من الطلبة أنفسهم، من تجاربهم في الحياة ومن احتكاكهم مع بعضهم بعضاً، وبالتالي هي متاحة لهم، وبدوره سيرحب مركز عيسى الثقافي بالأنشطة ذات الصلة بالشباب ومكافحة التطرف والإرهاب، وخاصة حين تأتي هذه المقترحات أو المشاريع من الشباب أنفسهم»، لافتاً الى أن مركز عيسى الثقافي، سيواصل مسيرته لتبنّي هذا الشعار «شباب ضد التطرف»، بالاضافة إلى كل الجوانب المهمة لفئة الشباب».
«شباب ضد التطرف»
لـ «الوسط»: نحن أدرى بمشاكلنا
وخلال مؤتمر «شباب ضد التطرف»، حاورت «الوسط»، عدداً من الشباب المشاركين، ممن رأوا أن الحاجة ماسَّة للشباب للتعرف على مكامن الخلل والعلاجات الناجعة، وذلك على طريقة «الشباب أدرى بمشاكلهم».
يقول الشاب بدر عبدالعزيز (طالب في جامعة البحرين، كلية الحقوق)، معرفًا التطرف بأنه «الغلو في الشيء، وعدم تقبل الآخرين»، مشيرا إلى أن المشكلة سواء في البحرين أو في العالم، بدأت في الانتشار بسرعة كبيرة تحديداً مع التطور الحاصل لوسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة مع الشباب ممن لم يتلقوا النصح داخل المجتمع، حتى باتوا الأكثر عرضة للمشكلة».
وطالب عبدالعزيز، المجتمع بوضع الحلول الجذرية لبدايات المشكلة، وذلك عبر الاستعانة بالأسرة والمدرسة واختيار المربين من ذوي الكفاءة العالية، جنبا إلى جنب المسألة العلاجية في السجون، وتفريق المتطرفين عن المجرمين.
وعن رأيه في أسباب نمو مشكلة التطرف، قال: «علينا بداية أن نشير إلى أن الفئة المتطرفة لا تمثل المجتمع، ولا تعبّر بأي حال من الأحوال عن السواد الأعظم من الناس والذين ينتمون إلى مساحات الاعتدال والتسامح».
ويحمّل عبدالعزيز، الجانبين الرسمي والأهلي، مسئولية احتضان الشباب وتوفير احتياجاتهم، وذلك عبر إنشاء الأماكن التي تقي الشباب شر الفراغ.
وتقييماً لدور الإعلام وخاصة الصحافة المحلية تجاه مشكلة التطرف، قال عبدالعزيز: «الإعلام سلاح ذو حدين كما هو معروف، وصحافتنا تمارس دورا إيجابيا لكنها في نظر البعض تمارس بعض الأدوار السلبية، ولذا فإني أرى أن عليها تكثيف الحملات التوعوية بشأن عناوين التعايش والتسامح بين الديانات، والتشدد على نبذ الطائفية في المجتمع».
من جهتها، قالت الشابة سارة إبراهيم الجهيران (طالبة في جامعة البحرين، كلية الحقوق)، إن مشكلة التطرف حديثة تهدد الصغير والكبير، وينبغي التعامل معها بجدية واتخاذ جملة إجراءات.
وترى الجهيران أن السنوات الخمس الفائتة ساهمت في ظهور المشكلة بدرجة أكبر حتى ظهرت معها الحزازيات بمستوى لا يمكن إنكاره، وهي تعول في البحث عن المخارج على فئة الشباب، فـ»أصحاب المشكلة أدرى بأسبابها وعلاجاتها»، على حد قولها.
وفي الحديث عن أسباب انجذاب الشباب للتطرف، لفتت الجهيران إلى أن الفهم المغلوط للدين أنتج عقولاً تخاف من الدين أكثر مما تحب، معتبرة أن المخارج تبدأ من كل من التعليم والأسرة والحكومة، فلكل جانب دوره الهام في توعية الشباب ومنحهم المساحات المخصصة للنقاش والتعبير عن الرأي، دون خوف أو تردد.
في الحديث عن التطرف: الأنظار تتركز ناحية «تويتر» والأسرة والمناهج
وتطرقت عدد من الأوراق العلمية المقدمة من قبل فئة الشباب في مؤتمر «شباب ضد التطرف»، إلى أهم العناوين التي تشكل مغذيات لظاهرة التطرف، من بينها وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوا بالذكر موقع «تويتر»، إلى جانب الأدوار المناطة بكل من الأسرة والمدرسة.
بشأن ذلك، تحدثت الطالبة في جامعة العلوم التطبيقية مريم أحمد في ورقتها التي حملت عنوان «التحديات التي أمام الشباب البحريني لبناء مستقبل أفضل»، مشيرة الى ان الغالبية ممن شملهم مسح، وجهوا أصابع الاتهام ناحية مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضافت «وجد هؤلاء أن من يستقبل المعلومات التي يتم الحصول عليها من موقع «تويتر»، يطغى عليهم التلقين لا التفكير، في الوقت الذي شددوا فيه على الحاجة للقراءة والتحليل والفهم، للتفريق بين ما هو خاطئ وما هو صحيح».
وأوصت الورقة العلمية المقدمة في ثاني أيام المؤتمر، بأهمية التعرف على الثقافات الأخرى للانتقال لمرحلة فهمها، ودعم النساء عبر تعزيز فرص المساواة، ويشمل ذلك موضوعات البعثات من أجل الحد من نسب البطالة، إلى جانب بث حملات التوعية في أوساط الشباب بصورة مستمرة.
من جانبه، استعرض الشاب محمد عيسى الحمادي (الكلية الملكية للشرطة)، ورقته العلمية التي جاءت تحت عنوان: «حماية الشباب من الأفكار المنحرفة»، فقال: «تبين ان 95 في المئة من حالات الارهاب المنظم بدايتها كانت تطرفاً، ومثال على ذلك ما نراه لدى (داعش) وغيرها من التنظيمات الارهابية».
ومجدداً، رأى الحمادي ان تطور وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جميع الفئات العمرية فيها دون رقابة كافية، فاقم من حجم المشكلة.
وعن كيفية حماية الشباب من خطر التطرف، قال: «الأسرة هي البداية، وللمدرسة دورها الهام أيضاً، فالأطفال والشباب يقضون فيها نصف أوقاتهم ويخالطون فئات مختلفة»، مطالبا في هذا الصدد وزارة التربية والتعليم بابتكار مناهج جديدة لحماية الشباب من التطرف، الى جانب ربط المدرسة بالمجتمع المحلي، كما تطرق إلى الأدوار المهمة التي تلعبها وسائل الاعلام.
بجانب ذلك، تحدث الحمادي عن أهمية تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية، بما في ذلك المساجد، وقال: «تعمل الجماعات المتطرفة على أخذ الشباب وجعلهم يعتكفون في المساجد لتغيير أفكارهم، وعلينا استعادة الدور الصحيح لهذه المؤسسات، وهنا انا أدعو ادارة الأوقاف لمراقبة المساجد ورجال الدين، واشتراط الترخيص لإلقاء الخطب».
وبعد أن استعرض تجربة وزارة الداخلية في احتواء الشباب، انتقل الحمادي لتوصيات ورقته، والتي اشتملت على «مراجعة المناهج التربوية، تنشيط مؤسسات رعاية الشباب، إجراء دراسات علمية كافية عن ظاهرة التطرف، وقيام المؤسسات التربوية والاعلامية بدورها التوعوي».
العدد 5015 - الإثنين 30 مايو 2016م الموافق 23 شعبان 1437هـ