قال العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة البنك الدولي المالي "خواكيم لفي" في مقال له نشره موقع "البنك الدولي" في (16 مايو / أيار 2016) أن ما يقدر بنحو 1.2 مليار نسمة - تقريبا شخص واحد من كل خمسة أشخاص في العالم - يعيشون في المناطق المتضررة من الصراع والهشاشة اليوم. يفر بعض هؤلاء الناس من الحرب، في حين أن غيرهم استطاعوا النجاة من كوارث طبيعية. ويحاول أغلبهم كسب لقمة العيش في بيئات شديدة الصعوبة.
هذه ليست أرقام مجردة - نحن نتحدث عن أناس حقيقيين، لهم مشاكل حقيقية. وبالتالي، علينا أن نسأل أنفسنا، سواء في القطاع العام أو الخاص، ما الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدهم.
نعلم أن القطاع الخاص هو قوة لا غنى عنها لتحقيق النمو الاقتصادي. وهو أيضا عنصر حاسم في البلدان الخارجة من أزمات. فهذه المجتمعات تحتاج إلى استثمارات لخلق فرص العمل، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتوليد الإيرادات الضريبية، وتعزيز البنية التحتية، وخلق بادرة أمل لشعوبها. ببساطة، أي مجتمع يجد مصلحة اقتصادية في السلام يكون أقل عرضة للعودة إلى الصراع.
ومع ذلك، فإن المستثمرين في أغلب الأحوال يعتقدون أن ممارسة الأعمال في بيئات الهشاشة والصراع أمر شديد الخطورة. يمكن بالطبع أن يواجه المستثمر تحديات كبيرة في هذه البلدان. لكن الفرص ضخمة أيضا.
وحين تشير أسعار الفائدة المنخفضة للغاية في عديد الأماكن إلى وجود فائض في رؤوس الأموال نسبةً إلى الاستثمار الفعلي، ينبغي أن نسأل أنفسنا كيف يمكن أن يساعد التمويل على سد الفجوة بين احتياجات المدخرين حول العالم واحتياجات القطاع الخاص فيما يطلق عليه الأسواق الهشة.
في 18-19 مايو/آيار، تستضيف مجموعة البنك الدولي في دبلن مؤتمرا بعنوان إطلاق عنان الفرص في الأسواق الهشة التابع لمنتدى تمويل التنمية 2016، حيث يجتمع مستثمرون من القطاع الخاص، ورواد أعمال من الأسواق الناشئة، وعاملون في الخطوط الأمامية وغيرهم من الشركاء من أجل التوصل إلى بدائل وخيارات للحد من عدم التوافق بين رأس المال الباحث عن فرص استثمار وبين القوى العاملة الحاشدة في عديد من البلدان المختلفة.
إننا نعرف ماهي المعوقات العديدة أمام توفيق توقعات المستثمرين ورواد الأعمال في الأسواق الهشة. فضعف المؤسسات الحكومية والأطر القانونية والتنظيمية المتراخية ونقص مرافق البنية التحتية والخدمات كل ذلك يجعل ممارسة أنشطة الأعمال أمرا صعبا. وتستشهد الشركات بضعف إمكانية الحصول على الكهرباء والتمويل، فضلا عن غياب الاستقرار السياسي باعتبارها أهم ثلاثة حواجز تعوق النمو في هذه البلدان، وذلك وفقا للتصنيفات الواردة في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لمجموعة البنك الدولي.
ويتطلب جذب الاستثمارات مساعدة الشركات والمواطنين على تحقيق الرخاء من الحكومات دعم وتحسين النظم الضريبية وإدارة المصروفات العامة لزيادة الخضوع للمساءلة وإعادة بناء الثقة وزيادة الموارد المحلية مستقبلا.
وتساند مجموعة البنك الدولي الدول الهشة، وتعمل معها لتحسين مناخ الاستثمار، وزيادة إمكانية الحصول على التمويل، بما في ذلك للشركات الصغيرة، وتعبئة الاستثمارات المحلية والدولية.
واستثمرت مؤسسة التمويل الدولية، ذراع المجموعة لمساندة القطاع الخاص، 2.5 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث الماضية في الأسواق الهشة في مشاريع توليد الكهرباء، وإحياء شبكات الاتصالات، وزيادة الأمن الغذائي، ومساعدة رواد الأعمال على الحصول على التمويل، وخلق فرص عمل للنساء والشباب.
ويحقق هذا النوع من الاستثمار نتائج حقيقية في جميع أنحاء العالم. ومنها على سبيل المثال، محطة أزيتو لتوليد الكهرباء في ساحل العاج. فقد استثمرت مؤسسة التمويل الدولية 125 مليون دولار ورتبت لمجموعة قروض بإجمالي 345 مليون دولار من مؤسسات تمويل التنمية الأوروبية الخمس وبنك التنمية لغرب أفريقيا. وساعد البنك الدولي الحكومة على وضع إطار تنظيمي قوي، في حين قدمت الوكالة الدولية لضمان الاستثمار تأمينا ضد المخاطر السياسية. وستزيد أكبر شركة مستقلة لتوليد الكهرباء في أفريقيا جنوب الصحراء طاقتها بنسبة 50 في المائة وتخدم أكثر من مليوني شخص إضافي.
وينبغي أن يستمر إعداد هذه الاستراتيجية ونشرها. فعلينا مواجهة التحديات وإيجاد الحلول في قطاعات مختلفة من سلاسل قيمة الاستثمار في البلدان الهشة وكذلك في الأسواق الناشئة بشكل عام.
وفي القسم الخاص بعمليات التوزيع من سلاسل القيمة هذه، فإن تصميم مشاريع ذات جودة عالية ومعالجة العقبات التنظيمية سيساعدان على خلق فرص استثمارية جذابة يمكن تمويلها.
ويشمل القسم الخاص بعمليات المرحلة الوسطى أدوات تخفيف المخاطر التي يمكن أن تقدمها المؤسسات المالية المتعددة الأطراف، فضلا عن توحيد العقود. ونحتاج هنا إل هياكل مالية قوية مع تقليل العبء المعلوماتي على المستثمرين.
أما في القسم الخاص بعمليات الإنتاج، فإن خلق بيئة توفر قدرا كافيا من التوجيه والحوافز للمستثمرين وتسمح للأوراق المالية في مجال البنية التحتية بأن تصبح من فئات الأصول سيكون أمرا ضروريا لإطلاق العنان لنسبة أكبر من محافظ المؤسسات الاستثمارية، وخاصة في أدوات الدخل الثابت. ويمكن أن يكون إنشاء مؤشرات للأسهم والسندات نقطة انطلاق لهذا الغرض، حيث تصبح مرجعا لا غنى عنه لوضع المعايير واستراتيجيات لمحافظ التحوط من أجل مجموعة أوسع من المستثمرين.
وينطبق الأمر نفسه على تطوير أسواق رأس المال المحلية، لتجلب بذلك جزءا أساسيا آخر للمساعدة في تعبئة التريليونات اللازمة لمساعدة الدول الخارجة من الصراع والاضطرابات.
ويعمل عديد من المشاركين في المنتدى على الخطوط الأمامية وهم في وضع يتيح لهم تقديم فكرة متعمقة عن كيفية تحقيق سلاسل القيمة هذه وتطوير روابطها الرئيسية. إن مجموعة البنك الدولي على استعداد للاستماع والتعلم من مثالهم. ومعا، يمكن أن نوفر مساعدة اقتصادية لهذه المجتمعات على إعادة البناء والازدهار.
كيف يمكن أن نحقق التقدم في البلدان التي تعاني من الهشاشة والصراع والعنف؟ يمكنك الانضمام إلى حدث يبث على موقع البنك الدولي مباشر من منتدى تمويل التنمية في دبلن الساعة 11:05 صباحا بتوقيت أيرلندا (06:05 شرق الولايات المتحدة) يوم 18 مايو/آيار.