وقف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند جنباً إلى جنب مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الأحد (29 مايو/ أيار 2016) لإحياء ذكرى مرور مئة عام على «معركة فيردان» بين بلديهما، وذلك في آخر معركة دموية في الحرب العالمية الأولى، قُتل خلالها 300 ألف جندي خلال 300 يوم، ولعَلَّ مقبرة تلك المدينة تُذكِّر البلدين اللذين تقاتلا منذ سبعينات القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، وتمكنت ألمانيا من غزو فرنسا ثلاث مرات، وقاتلا بعضهما البعض بصورة بشعة.
الساسة في البلدين كانوا متهوّرين، وكانوا لا يحترمون قيمة الإنسان؛ ولذلك كان بإمكانهم أن يُرسلوا أبناء بلديهم للتقاتل في الخنادق، والعيش كالجرذان، وبين الجرذان، والموت بصورة بشعة، بينما الساسة كانوا يُشعلون الأحقاد ويتسبّبون في هلاك الحرث والنسل. بعد مئة عام، وقف زعيما البلدين في عصر مختلف، وأمامهما تحديات مختلفة. وبعكس ساسة ألمانيا قبل مئة عام، فإنّ ساستها اليوم يتحمّلون الأعباء من كُلِّ جانب من أجل منع اندلاع الحروب، ومن أجل استيعاب المهاجرين الذين يفرُّون من معارك طاحنة في منطقتنا تسعى إلى أن تنافس ما جرى في مدينة «فيردان» الفرنسية.
الرئيس الفرنسي ذكر في كلمته وهو بالقرب من المستشارة الألمانية «نتصدّى جنباً إلى جنب للتحديات اليوم... وقبل كُلِّ شيء من أجل مستقبل أوروبا؛ لأننا كما نعرف، بعد خيبة الأمل تخلّصنا من الأوهام». أمّا ميركل فقالت: «في الاتحاد الأوروبي ستكون لدينا دائماً رؤى مختلفة بشأن قضايا بعينها. هذه هي طبيعة الأشياء لكن هذا الأمر سيكون مُهمّاً إذا أظهرنا قدرتنا على تقديم تنازلات من أجل الوصول لاتفاق».
هذان البلدان كانا يقتتلان في الماضي، أمّا اليوم فإنّ قائديهما يؤكدان أنهما سيبقيان أعمدة لقارة أوروبية آمنة ومستقرة ومزدهرة، وذلك عبر تغليب الحكمة والعدالة والديمقراطية على وجهات النظر الضيقة التي كانت تتسبب في إشعال الأحقاد، إشعال الحروب التي لا تنتهي إلا والمآسي قد انتشرت في كُلِّ مكان. ولعلّنا علينا في منطقتنا أن نتعلم من دروس الماضي، ودروس الآخرين، وكيف أنّ تنافس دول أوروبا الكبرى كاد أن يهلكهم، ولكنهم انطلقوا نحو مستقبل مختلف يواجه التحديات بروية وهمم عالية، بعيداً عن ثقافة الكراهية التي تحرق الأخضر واليابس.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 5014 - الأحد 29 مايو 2016م الموافق 22 شعبان 1437هـ
الأمور وصلت لهذه الحالة في أوروبا بعد أن حكمت الدمقراطيات الدول، هذا الشيء ممكن في دول المنطقة إذا طبقت الديمقراطيات فقط.
سيأتي اليوم الذي يتخلص فيه أهل المنطقة من الكهنوت و عندها فقط سيعيشون بأمان و من غير إرهاب و تطرف