العدد 5013 - السبت 28 مايو 2016م الموافق 21 شعبان 1437هـ

الدسلكسيا (عسر القراءة)

د. زهراء عيسى الزيرة – رئيسة المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة 

28 مايو 2016

هل ابني لديه صعوبات تعلم؟ هل لديه تشتت في الانتباه؟ هل لديه فرط نشاط واندفاعية؟ هل لديه مشاكل نطقية تمنعه من التواصل مع الآخرين وتعيق تعلمه؟

أسئلة تجيب عليها المؤسسة البحرينية في التربية الخاصة.

تكثر هذه الأسئلة عندما يراجعني الأهل في المؤسسة و كلهم حيرة!!

لماذا ابني الذكي لا يستطيع القراءة والكتابة؟

لماذا ابني علاماته متدنية رغم الوقت الطويل الذي أقضيه معه لعمل الواجبات والمراجعة للامتحانات ؟

لماذا يستطيع ابني أن يجيب عن جميع الأسئلة عندما أسئله في البيت وعندما يذهب للمدرسة ينسى كل شيء؟

لماذا تبكي ابنتي كل يوم منذ 3شهور عندما تريد الذهاب للمدرسة وترفض الدخول للصف؟

أسئلة كثيرة يطرحها الوالدان عند مراجعة المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة. وينتظرون الإجابة بفارغ الصبر، وهم يتمنون أن أطمئنهم وأخبرهم (كما يخبرهم البعض) «لا مشكلة لدى ابنكم/ ابنتكم سيكبر وتحل كل مشاكله!! « أو يقولون أن الجدة أو العمة تقول «والده كان شقي أكثر منه وكان يُطرد من المدرسة ولكن ما شاء الله كبر واشتغل وتخرج وتزوج!! «

السؤال هل حُلت مشاكله عندما كبر؟ أم أنه حمل مشكلته معه وتراكمت المشاكل وأصبحت غير قابلة للحل؟ فلا مناص إذن إلا أن نتعايش مع تلك المشاكل والحياة لا تتوقف وتمر الأيام والشهور والسنين وكل شيء يكبر ويمضي في سبيله.

السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تريد لهذا الابن/ الابنة أن تكبر؟

هل تريده يكبر جسدياً وتبقى قدراته ومعاناته التي اعطاها الله إياه محبوسة لا يعرف المدرس العادي أن يطلقها ولا تعرفي أنتِ كأم أن تطلقيها فتبقي محبوسة بداخله تستهلك طاقاته في سلوكيات غير هادفه محاولة منه ان يجاري أقرانه أن يقرأ ويكتب ويحصل على نجوم وهدايا من المعلم.

أعزائي الوالدين:

أبنائكم بحاجة إليكم لتتفهموا مشكلاتهم فالطفل الذي يعاني من تشتت في الانتباه وفرط النشاط (ADHD) ليس «شيطاناً» كما يطلق على نفسه وليس «عنيداً ورأسه يابس» كما يطلقون عليه بل هو لديه مشكلة ولا يعرف كيف يحلها فهو بحاجة إلى مساعدة، بحاجة إلى من يمد له يد العون وينتشله من المتاهة التي هو فيها، متاهة الخوف، التهريج، والسرحان، والتشتت، والحركة المفرطة التي لا تهدأ مع استفزاز الآخرين والعنف والإحباط. هو بحاجة إلى والدين متفهمين بالدرجة الأولى لا يطلقون عليه صفات «كسلان، عنيد، غبي، ما يفهم» ولا يقبلون أن يسيئ أحد إلى ابنهم وينعته بتلك النعوت، لأنه في النهاية يصدق ما يقال له ويتقمص كل تلك الصفات ويجسدها ويتصرف بناءً عليها.

هناك مقالات ومواقع وفيديوهات مفيدة تفيد الوالدين على موقع المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة www.bised.org.

عالمياً هناك 8-15% من السكان في أمريكا والدول الأوربية لديهم الــ (ADHD) ولديهم قوانين خاصة بهم تحميهم وتحمي حقوقهم في التعليم والعمل والحياة وبشكل عام.

وكذلك الأمر ينطبق على من لديهم أي نوع من صعوبات التعلم إن كان عسر قرائي(Dyslexia) أو صعوبة في الرياضيات (Dyscalculia) أو صعوبة في الكتابة (Dysgraphia) أو أي صعوبة أخرى تعيق عملية تعلمه الطبيعية رغم إن قدراته العقلية طبيعية أو قد تكون أعلى من الطبيعي كما كان الحال لدى أديسون وآينشتاين ومئات من الأفراد الناجحين والمتميزين في الحياة.

وحيث إن التعليم مبني على القراءة والكتابة أساساً، فعملية التعليم تتوقف منذ بداياتها إذا كان الطالب يعاني من تلك الصعوبات وتستمر معه إذا لم يتوقف الوالدان ويحاولا حل تلك المشكلة بدلاً من إنكارها وبأن «ولدنا ما فيه شيء» ويضغطا على الطفل بأن يقضوا معه ساعات طويلة كل يوم لعمل الواجبات ثم إرساله للمعاهد الخاصة والتي لا يتعلم فيها شيء لأن التعليم الجماعي لا يفيد من لديه صعوبة في التعلم أو إرساله إلى التقوية هنا وهناك، كذلك دروس التقوية أيضاً لا تفيد لأن الطفل بحاجة إلى برنامج علاجي أكاديمي أو سلوكي أو نطقي بعد إخضاع الطفل لعملية تقييمية منظمة باستخدام الاختبارات والمقاييس المناسبة التي تبين وتشخص مشكلته بالتحديد وبعد ذلك يتم تصميم الخطة العلاجية الفردية لهذا الطالب لحل الصعوبات التي لديه.

إن التخبط العشوائي والإنكار لمشكلة الطفل تزيد من حدة الصعوبات وتزيد الفجوة الموجودة عند الطفل بين ما يعرفه وما يجب أن يعرفه، والأسوأ من ذلك أن الضغط على الطفل يرفع منسوب التوتر إلى أعلى درجاته بين الأم وابنها وتنهار العلاقة الحميمة ويتحول البيت إلى حلبة شجار وصراخ ومشاحنات وربما ضرب.

عزيزتي الأم .. عزيزي الأب

تذكروا أن كثير من عباقرة وعظماء في العالم من فنانين وعلماء ورجال أعمال كان لديهم نوع من أنواع صعوبات التعلم أو كان لديهم اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ورغم ذلك أثبتوا للعالم أنهم عظماء في مجالاً ما وذلك لأن كان هناك من يؤمن بهم، ويساعدهم ويأخذ بيدهم ليصلوا إلى بر الأمان.

العدد 5013 - السبت 28 مايو 2016م الموافق 21 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً