نسيج لمفاوي يقع في المجاري العليا للتنفس يقف وقفة الحارس الأمين ويتصدى للميكروبات بقوة ويمنعها من الدخول للجسم. مهمته ليست سهلة ومتعبة في ذات الوقت، وكثيراً ما يضحي براحته ونفسه لحماية الجسم، فاللوزتان عرضة للإلتهابات لتقي بقية الجسم من مخاطر طبية متعددة.
استشاري أمراض وجراحة الأنف والأذن والحنجرة د. رمزي العريض شرح في لقاء مع «الوسط الطبي» المخاطر التي تتعرض لها اللوزتين. ودعا إلى الإهتمام بتغذية الأطفال على وجه الخصوص واتباع نظام غذائي صحي يقوي من المناعة ليساعد اللوزتين في وظيفتها.
وشدد على ضرورة العناية بصحة الأطفال وعدم التهاون مع التهابات اللوزتين التي قد تنتج عنها مضاعفات كالإختناق الليلي.
نترك القارئ مع اللقاء الذي ضم تفاصيل كثيرة:
لماذا تعد اللوزتين من أكثر الأعضاء تعرضاً للإلتهاب؟
بسبب وظيفتها وموقعها في الجسم. فاللوزتين نسيج لمفاوي يفرز أجسام مضادة تقاوم البكتيريا والجراثيم التي تدخل الجسم عن طريق الفم وهو أكبر فتحة في الجسم، فاللوزتان تتأثران بتغير درجة الحرارة والهواء الملوث، وتتأثران بالعدوى أيضاً.
كل ما ذكرته يجعلهما عرضة للالتهاب باعتبارهما من أجهزة المناعة الأولى في الجسم اللتان تواجهان بشكل مباشر مسببات الأمراض.
لم تنتشر التهاباتها بكثرة عند الأطفال؟
من الطبيعي انتشارها بين الأطفال، فأجهزتهم المناعية لا زالت في طور النمو من جهة ومن جهة أخرى فإن طريقة تعرفهم على الأشياء تتضمن التجربة عن طريق وضع الكثير من الأجسام في أفواههم للتعرف هل يمكن أكله أو لا؟ وكيف يكون مذاقه؟
إذ يتم التعلم في الغالب بأيدٍ غير نظيفة فتدخل كميات كبيرة من الميكروبات التي تتصدى لها اللوزتان بقوة ما يعرضها للالتهاب.
ما هي الأعراض والمضاعفات التي تحدثها التهابات اللوزتين؟
يجب التفريق بين الآلام في المجاري التنفسية العليا من بلاعيم، وزوائد لحمية، ولوز. فليس كل ألم في هذه المنطقة ناتج عن اللوزتين، ومع الشعور بالألم في هذه المنطقة يكون اللجوء للطبيب ضرورة وخصوصاً عند الأطفال لأمرين مهمين الأول: تشخيص موضع الألم ومسبباته بدقة. والثاني: رصد الحالة في السجل الطبي للمريض التي من شأنها مستقبلاً مساعدة الطبيب في التشخيص واختيار العلاج المناسب.
أما الأعراض فهي صعوبة في البلع، وتضخم اللوزتين الذي يؤدي في حالات إلى اختناق ليلي بسبب انسداد مجرى التنفس أو شخير.
بعد التشخيص نستطيع أن نضع البرامج العلاجية المناسبة لكل حالة عن طريق الأدوية من المضادات الحيوية إلى أدوية تخفيف الاحتقان ومضادات الألم، وأدوية تعقيم الفم التي تستخدم بالمضمضة.
نفهم من ذلك أنكم لا تفضلون الإستئصال؟
كطبيب أبحثُ عن أفضل الحلول العلاجية للمريض بأقل قدر من الألم، وإذا كان بالإمكان علاج اللوزتين بدون جراحة فلا داعي للجوء إليها. وإذا كانت الحالة تستدعي استئصالها فلن نتأخر في إزالتها.
متى يصبح استئصالها ضرورة؟
كما أسلفت، اللوزتان عضو دفاعي فعال في صد الميكروبات الضارة في الجسم، ولكن يصل إلى مرحلة من الإرهاق والتعب يتحول فيها إلى عضو متعب للجسم.
فنقرر إزالته إذا إلتهب 3 و 4 مرات خلال عام، وفي هذه الفترة نحاول كبح جماح الإلتهابات بالأدوية والالتهاب المتكرر يشير إلى أن الإزالة هي الخيار المناسب في هذه الحالة.
ويساعدنا في اتخاذ القرار بشكل دقيق السجل الصحي للمريض الذي يبين عدد الالتهابات خلال العام، وغيرها من الملاحظات.
ما هي آخر التقنيات في مجال جراحة اللوزتين؟
الطبيب يحاول وما زال يحاول تقديم جراحة بأقل قدر من الألم، وأكثر دقة بحيث تكون أقل ضرر للأنسجة المجاورة تساهم في التسريع من شفاء المريض. فطريقة الإزالة يلعب فيها خبرة الطبيب وتقنيات الإزالة دور كبير.
نشهد اليوم خيارات كثيرة في طريقة الإزالة فمن المشرط الطبي إلى المقص الكهربائي، إلى جهاز الموجات الراديوية الموجهة، وحتى الليزر وهو قليل الاستعمال في الوقت الحاضر.
هل هناك نصائح يمكن إجرائها في البيت لمساندة العلاج؟
نعم، هناك نصائح وقائية أهمها إبعاد الطفل عن أماكن العدوى – وخصوصاً الطفل لضعف جهازه المناعي – فننصح أهالي الأطفال الذين يصابون بإلتهابات حادة بإبعاده عن بقية الأطفال في فترة المرض حتى لا ينقل لهم العدوى التي من الممكن أن تنتشر في أماكن تجمعهم كرياض الأطفال وغيرها.
ومن المهم جداً تحسين نظامهم الغذائي والإعتماد على الغذاء الصحي الذي من شأنه تقوية الجهاز المناعي.
وكنصائح عامة يجب عدم تعريض الفم لتغيرات حادة في درجات الحرارة.
وهناك نصائح مهمة أحب توجيهها لوالدي الأطفال الذين تجرى لهم عمليات استئصال اللوزتين، أولها يجب عدم القلق من وجود ألم الحلق في الأسبوع الأول بعد العملية لأن ذلك طبيعي ويجب ملاحظته وعدم اهماله. والثانية يجب إطعام الطفل بعد العملية بأساليب ذكية بتقديم الطعام الذي يرغب فيه. أما إذا قدمت له أطعمة لا يرغب فيها فقد يرفضها بذكاء ويحتج بأنه لا يستطيع الأكل بسبب آلام في حلقه.
هل هناك علاقة بينها وبين الزوائد الأنفية؟ وما هي؟
نعم، فهما يشتركان بكونهما نسيج لمفاوي في منطقة المجاري التنفسية العليا. وقد نضطر لإزالتهما معاً في عملية جراحية واحدة إذا أثبتت الفحوصات أنهما بحاجة للإزالة.
وبذلك نجنب المريض الخضوع للعملية وهذا لا يعني التلازم بالضرورة.
هل من كلمة أخيرة؟
أود التشديد على عدم التهاون مع التهابات اللوزتين خصوصا عند الأطفال، لأن الكثير من أولياء الأمور يتعاملون معه باعتباره مرضاَ شائعاً وأن الطفل سيتحسن مع الوقت.
ونفضل عرض الطفل على الطبيب في مراحل مبكرة للحد من أعراض ومضاعفات المرض، وسيساهم ذلك في بناء سجل صحي يمكن الأطباء من قراءة الحالة الصحية للمريض بشكل دقيق وموسع.
العدد 5013 - السبت 28 مايو 2016م الموافق 21 شعبان 1437هـ