الشكل والمظهر العام يعطيان الانطباع الأول عن الشخص، حينما تقع عينك على شخص في أول اتصال معه يسارع الدماغ ليحلل الصورة ويشكل انطباعات عن المقابل رجل أم إمرأة، بهي المنظر أو غير ذلك، سمين أو معتدل القوام، وغيرها من المعلومات المخزونة والتي تظهر سريعاً ليمنح الانطباع الأول.
المهارة العالية التي يمتلكها الدماغ تستطيع أيضاً التقاط السمات المميزة أو الإستثنائية، فلا تجتهد في تميز شخص حنطي البشرة بشعر أشقر، ولا سمين بساقين ضعيفين، وتتوقف مدهوشة عند رجل بصدر ممتلئ.
إمتلاء الصدر عند الذكور في مراحل المراهقة أو ما بعدها أمر مخجل جداً ويوقع صاحبها في خجل، فحالة التثدي تعطي انطباعات كثيرة وفي اتجاهات متعددة لدى الآخرين، فمنهم من يعده متأنثاً، وآخر يعده مسكيناً لأنه في هذه الهيئة، وثالث ينال بالسخرية منه. وكل تلك الانطباعات تسيء لرجل مريض بحاجة للعلاج، وهذا الانطباع الرابع العقلاني والسليم.
استشاري الجراحة التجميلية د. سعيد علام في مستشفيات المانع يشجع بقوة أن يتعامل الناس مع المصابين بالتثدي كونهم مرضى بحاجة للعلاج، ويرفض النيل منهم بنظرة استنقاص أو سخرية، ورأى أن العلاج التجميلي ليس ترفاً بل ضرورة.
وقال: "التثدي مرض يصيب الذكور بسبب خلل هرموني يفقد فيه التوازن بين هرموني الأستروجين والتستوستيرون، وقد تصيب ثدي واحد فقط أو الثديين معاً بصورة متجانسة أوغيرمتجانسة في بعض الأحيان وهو ورم حميد". وأضاف: "ليس هناك فئة عمرية محددة للتثدي فقد يصيب الأطفال حديثي الولادة والأولاد في سن البلوغ ومراحل سنية بعد البلوغ لأن التغيرات الهرمونية قد تحدث في أي ٍ من هذه الفترات العمرية".
وأفاد أن الأمراض عادة ما تكون مضاعفاتها عضوية، وقليل منها تصاحبها مضاعفات نفسية، ولكن التثدي مضاعفاته نفسية وتضاف إليها اجتماعية. وأكمل: "المصاب بالتثدي سيعاني بشكل أو بآخر من انعدام الثقة بالنفس، وسيتألم نفسياً (جراء النظرات الساخرة أو المهينة التي تشير إلى كونه متشبهاً بالنساء، ولتلك النظرات أو النبس أو اللمز الأثر السلبي الكبير على النفس)، وتزيد المضاعفات النفسية مع بناء حدود اجتماعية فيخجل من ممارسة الرياضة بأنواعها المختلفة وعلى الخصوص السباحة حرصاً منه على عدم إبراز القسم الأعلى من جذعه".
وزاد د.علام: "ويتحكم المرض أيضاً في الملابس أيضاً فيحرص "المتثدون" على لبس الفضفاض من الثياب لإخفاء ما يمكن إخفاؤه من الصدر البارز والمتضخم".
المعرفة والشجاعة
وعن العلاج الممكن، أجاب: "نحتاج قبل العلاج لأمرين أساسيين الأول المعرفة، للأسف يتعامل الكثير مع هذا المرض على أنه حالة تضخم استثنائية لا علاج لها، والحقيقة غير ذلك. والثاني الشجاعة لمواجهة الذات بأنه مرض يجب الشفاء منه، ومواجهة النظرات والتعليقات بأن بروز صدر "المتثدي" مرض".
وأبدى د. علام اعجابه بقصة شاب في مواجهة التثدي، وقال: "من أبرز أمثلة الشجاعة في هذا المجال ما فعله شاب سعودي بنشر قصته مع التثدي بالصور لتعريف المجتمع بما عاناه وكيف نجح في التخلص من الهم الجاثم على صدره". وأوضح: "الشجاعة الفائقة تمثلت بنشره صور شخصية له قبل العلاج وبعده. وساهمت المبادرة الجريئة في تعريف المجتمع السعودي بالمرض ومسارعة المصابين به للجوء للأطباء المختصين طلباً للعلاج".
وبيّن: "بعد هذه المقدمة الضرورية استطيع الآن التحدث عن الحلول العلاجية، أولاً نشخص الحالة فهناك فرق بين الشحوم في منطقة الصدر التي تزول بالأنشطة البدنية وتحسين النظام الغذائي، وبين التثدي الذي هو عبارة عن غدد وكما أسلفنا فهو ورم حميد ولا يزول بممارسة الرياضة أو برامج غذائية". وأضاف: "هناك برنامجان علاجيان رئيسيان في هذه الحالة الأول: دوائي، والثاني: جراحي".
وواصل: "الدوائي الذي يعمل على إعادة التوازن بين الهرمونات، وهذا يكون في بداية ظهور المرض في مرحلته الأولى. أما الجراحي فنتائجه سريعة وواضحة ونقوم فيها بإستئصال الغدد الثديية المتضخمة، وكذلك شفط الدهون الزائدة من الثديين.
المتابعة توصل للعلاج الأمثل
وشدد على ضرورة متابعة العلاج مع الطبيب للحصول على النتيجة المثلى، ومحذراً من التهاون في ذلك، وعلل: "يعاين الطبيب مريضه وخصوصاً بعد الجراحة للتأكد من سلامة العملية وعدم وجود أي التهاب يمكن أن يتسبب بأي مضاعفات تضر المريض، ولذا فإن مستشفيات المانع تمنح المرضى زيارات مجانية تمتد لثلاثة أشهر للمتابعة وتعتبر ذلك جزءاً من العلاج، وتهدف بذلك إلى توفير العلاج الأمثل للمرضى".
وأكد أنه شخصياً يتابع مرضاه ولا يتردد في الإتصال بهم إذا لم يحضروا جلسات المتابعة، وقال: "يتوانى بعض المرضى في المراجعة لأسباب عديدة، ومنها الشعور بالتحسن الكبير معتقدين أنهم ليسوا بحاجة للمتابعة. ويشكل بُعد المسافة عائقاً أمام آخرون، كما وأحرص هنا على توظيف التقنية عبر التواصل معهم عبر الهاتف وبرامج التواصل الاجتماعي كالواتساب وأحثهم على عيادة أطباء متخصصون في مناطقهم وموافاتي بالتفاصيل بغرض سد خلة في برنامج المتابعة بالحدود الممكنة".
وحذر من الإهمال أو التسويف في المتابعة بعد العملية الجراحية خصوصاً، وأوضح: "يستطيع الطبيب تدارك أي التهاب بشكل مبكر وإبقائه في حدوده الدنيا بتدخلات بسيطة، ولكن إذا تأخر المريض في عرض التطورات في حالته على الطبيب فإن فترة العلاج ستطول وسيختلف بحسب حجم المضاعفات وقد تصل إلى تدخل جراحي". وأكمل: "على الرغم من توافر الحلول العلاجية إلا أننا نخشى أن يتسبب الإهمال والتسويف في التعامل مع المضاعفات لتدخل جراحي آخر، فأمهر جراح لا يمكنه أن يعطي نفس نتائج الجراحة الأولى، ليس عيباً فيه ولكن لضعف الأنسجة التي أجري عليها جراحتين في وقت قريب".
وأبدى استشاري الجراحة التجميلية أسفه من قصور الثقافة الطبية في المجتمع مما يجعلهم عرضة للخداع عبر اللجوء لحلول علاجية ذات صبغة تجارية لا توصل إلى نتائج حقيقية. وأشار إلى الحملات التجارية التي تروج لبعض المنتجات ككريمات تكبير أو تصغيرالصدر وغيرها من المنتجات التي يصرف عليها الكثير من الأموال للحصول على شكل مثالي وجميل، واستدرك: "الحقيقة أن الترويج لتلك المنتجات مضلل ويشعر المرء أن الحل سيكون باستخدامها. وأؤكد أن مراجعة الطبيب المختص أفضل طريقة للحصول على أفضل نتيجة".
ودعا أجهزة الإعلام المختلفة بأخذ دورها في تزويد المجتمع بالثقافة الصحية السليمة.
وختم اللقاء بالتذكير أن قسم الجراحة التجميلية في مستشفيات المانع لديه العديد من البرامج العلاجية مثل عمليات تجميل الأنف، وعمليات الثدي من تصغير وتكبير ورفع للنساء، وعمليات التثدي كما أسلفنا للرجال، وعمليات شد البطن وشفط الشحوم، وعلاج آثار الحروق وغيرها.
وكشف أن المانع سيطلق قريباً عمليات زرع الشعر والتي تعتبر الأولى في نسب الأمان بالنسبة للعمليات الجراحية لأنها غير متصلة بأجزاء حيوية في الجسم.
العدد 5013 - السبت 28 مايو 2016م الموافق 21 شعبان 1437هـ