أطلقت جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، بقيادة أمينها العام رضي الموسوي صباح يوم أمس السبت (28 مايو/ أيار 2016)، وثيقة وصفت بأنها «تاريخية» تمثل رؤية الجمعية للدولة المدنية الديمقراطية تقوم على خمسة مرتكزات أساسية هي: المواطنة المتساوية، الديمقراطية، الفصل بين السلطات، حقوق المرأة، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
كما دشنت الجمعية في مؤتمر صحافي أمس رؤيتها لمصالحة وطنية ناجزة تقوم على أساس العودة لروح ميثاق العمل الوطني من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
وجاء في الوثيقة التي قدمها الموسوي «إننا في جمعية «وعد» نتمسك بمفهوم الدولة المدنية الديمقراطية، وهي الدولة الوطنية الدستورية القائمة على التعددية الحزبية سياسياً وتنوع التيارات الفكرية، فالدولة المدنية لا تقوم على خلط الدين بالسياسة، وهي لا تعادي الدين ولا ترفضه، بل إن الدين يعتبر جزءاً لا يتجزأ من منظومة الحياة والحريات فيها، بوصفها دولة جامعة ومعبرة عن كل مكوناتها الأيديولوجية والفكرية والسياسية والأثنية والعرقية، وترفض تسخير الدين في تحقيق أهداف سياسية، فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية وعلى مبادئها الديمقراطية. كما تقتضي الدولة المدنية بأن يكون الرابط الاجتماعي بين الناس مدنياً وليس عقائدياً أو قبلياً وأن تكون وظيفة الدولة تنظيم الحياة المشتركة وإدارة التعايش والاختلاف بما يمنع الصدام والفوضى، فضلاً عن احترام الحريات الفردية في الحياة العامة، كما أن من وظائف الدولة المدنية حماية الشعائر الدينية لمواطنيها وتنظيم ما يترتب عليها من سلوك عقائدي جماعي، ولما كانت الوظيفة الأمنية إحدى وظائفها الأساسية، فمن حقها أيضاً التدخل لوقف كل ما يخل بالأمن العام وتكريس مبدأ «الأمن للجميع» وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان».
وأضاف «إننا في «وعد» ندعو إلى ضرورة تطوير مشروع مدنية الدولة عبر ترجمة القواعد الحقوقية والتشريعية، لئلا يكون مجرد دال من غير مدلول وشعاراً خاوياً من المحتوى. وأن يقرن بالمبادئ العامة للحكم الحديث مثل المواطنة المتساوية وسيادة الشعب وفصل السلطات وحقوق الإنسان والمرأة والعدالة الاجتماعية، وغيرها من المبادئ التي تحكم الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، ونرى أن مشروع مدنية الدولة هو النظام الأنسب الذي وجد حتى الآن لتنظيم التعددية داخل المجتمع الواحد، وإذا كانت للديمقراطية نقائص معروفة، فإن معالجتها تتم بمزيد من الديمقراطية، وذلك باعتبارها النهج الأسلم لتنظيم حياة البشر».
وتابع «إن الدولة المدنية التي ننشدها تتمثل في المبادئ التالية: أولاً: المواطنة، إذ ينطلق مفهوم مبدأ المواطنة من اعتبار الشراكة هي الرابط الرئيس في الوطن من دون غيرها من الروابط الإنسانية الأخرى، مثل الأخوة في الدين أو المذهب أو الرابطة القومية، مصدر حقوق المواطن ومناط واجباته في الدولة. وإن أساس الدولة المدنية يقوم على مفهوم المواطنة الذي يختزل في العصر الحديث جملة مفاهيم وقيم أهمها المساواة بين المواطنين من دون تمييز بحسب الدين أو العرق أو الجنس أو اللغة، وكذلك المساواة في الحقوق والواجبات والحرية والمشاركة في الحياة العامة، لتقوم على هذا المفهوم الدولة بمؤسساتها وتشريعاتها، إذ لا مجال لقيام الدولة المعاصرة الناجحة والناجزة على ممارسة التمييز بين المواطنين».
وأكمل «وثانياً: الديمقراطية، إذ إن قيام الدولة المدنية التي ترتكز فيها علاقة السلطة بالمواطن على أساس المواطنة المتساوية، يقتضي حتماً تحقيق العدالة ومنع التمييز، ولكن العديد من التجارب في المجتمعات جاءت مترافقة مع الدكتاتورية والاستبداد من ذوي السلطة، الأمر الذي استوجب التحوُّط من نشوء هذا الاستبداد أو عودته، وقد توجب تطبيق الديمقراطية، التي هي روح الدولة المدنية، وباعتبارها منهجاً معتمداً لثقافة ونظم ومؤسسات تجسد المبدأ الدستوري العالمي «الشعب مصدر السلطات جميعاً»، بما يدفع بتقدم الدولة والمجتمع وازدهارهما، كما تجسد قيم ومبادئ حقوق الإنسان. فالديمقراطية هي النظام السياسي الذي أنتجته التجربة البشرية بعد معاناة استمرت سنين طويلة، وتمكنت من الوصول إلى تطبيقات مُثلها كالقبول بالآخر كما يقدم نفسه، والمشاركة في إدارة مجتمعه مع حقه في التعبير، وتقبل التعددية السياسية والتنوع الحزبي، وحق كل مكونات المجتمع في ممارسة النشاط السياسي والإعلان عن الأفكار والمطالب، بما يحقق الحرية الفكرية، والحق في نشر المعتقدات والآراء السياسية وإيصالها إلى عموم المواطنين، في ظل سيادة القانون من دون عنف، ومن دون انحياز أو انتماء السلطة لأي طرف يتجه لاستعمال العنف أو القوة ضد الآخر».
ووصل «وثالثاً: الفصل بين السلطات ومصدرها، حيث شكل مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية في الدول، إحدى أبرز نتائج الصراع السياسي في المجتمعات الأوروبية منذ عصر النهضة، إلى أن غدت هذه النظرية وما رافقها مع الزمن من إضافة وتعديل لتصبح نظرية الفصل بين السلطات وتعاونها من خلال التجربة العملية، أساساً هاماً لمفهوم الدولة المدنية بوجهها الديمقراطي الذي استقرت عليه في الغرب، كما أصبحت هذه النظرية وسيلة فعالة في النضال ضد الاستبداد والحكم المطلق والشمولي، الذي يجمع أو يهيمن على السلطات الثلاث، وهي الطريق الذي يوصل المجتمع لدولة ديمقراطية، يملك الشعب فيها فعلياً، عن طريق نوابه المنتخبين، سلطة التشريع والرقابة على عمل السلطة التنفيذية والتي تكون مهماتها تطبيق التشريعات وإنفاذها مع إمكانية تبدل أفرادها في الحلقات العليا دورياً على أن تتولى السلطة القضائية فيها منع السلطات الأخرى، وعلى الأخص السلطة التنفيذية، من التغوُّل على حقوق الأفراد، وكذلك الفصل في النزاعات بين السلطات أو مؤسسات الدولة والأفراد وفقاً لما تقرره القوانين التي تشرعها السلطة التشريعية المنتخبة».
وأفاد «ورابعاً: حقوق المرأة، حيث تشكل الوضعية الاجتماعية والمدنية للمرأة ومساواتها بالرجل ومنع التمييز بينهما واحدة من القضايا الأساسية التي لا يستقيم وجود الدولة المدنية من دون تحقيقها، حيث يعتبر تحقيق المساواة بين المرأة والرجل وإلغاء التمييز بينهما في صميم مكونات الدولة المدنية، فحقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان. وإذا كان التمييز ضد المرأة موجوداً في المراحل التاريخية القديمة بسبب نمط العلاقات الاجتماعية السائدة والثقافة المهيمنة آنذاك، فإنه مرتبط بمرحلة زمنية محددة تجاوزتها تطورات المجتمعات ودرجة التقدم التي وصلت إليها، بما فيها إزالة، أو الحد من، هذا التمييز.
وختم «وخامساً: الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، إذ تشكل المبادئ التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خلاصة القواعد الفلسفية الحديثة التي تقوم عليها الدولة المدنية وأهمها حرية الإنسان ومساواة الأفراد في الكرامة والحقوق، بأن عليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء، وأنّ لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات من دون أي تمييز من أي نوع، والمساواة أمام القانون والتمتع بالحقوق من دون تمييز، فضلاً عن حق كل فرد في حرية التفكير والضمير والدين وحرية الرأي والتعبير عنه».
وقال الأمين العام لـ «وعد» رضي الموسوي إن «جمعية وعد، وترجمة لرؤيتها في الدولة المدنية التي تنشدها والتي قرر مؤتمرها العام السابع في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 تأصيل الموقف إزاءها، تتقدم بهذه الرؤية العملية التي من شأن الأخذ بها تهيئة الأجواء لمصالحة وطنية ترتكز على روح ميثاق العمل الوطني لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وبما يسهم في حل سياسي شامل ودائم، والذي يستوجب توجه الخطاب نحو العودة إلى روح ميثاق العمل الوطني الذي يبشر بالملكية الدستورية على غرار الديمقراطيات العريقة».
وأضاف «واعتبار مبادرة ولي العهد، ذات البنود السبعة، أرضية ترتكز عليها الحوارات والتفاهمات، كإنجاز يبنى عليه ليؤسس لخارطة طريق من أجل حل الأزمة السياسية، ومتضمناً تقييم وثائق ومبادرات قوى المعارضة بمناقشتها على طاولة الحوار انطلاقاً من الميثاق ومبادرة سمو ولي العهد باعتبارهما وثيقتين لاتزالان مستحقتي النفاذ، لتحقيق التوافق على مرئيات مشتركة من شأنها تعبيد الطريق للحوار وتعزز عناصر النجاح له».
ودعا الموسوي كذلك إلى «تمهيد طريق الحوار بمبادرة من الجانب الرسمي تتمثل في عملية الانفراج الأمني والسياسي، والبدء بإطلاق سراح الأطفال والنساء وطلبة المدارس والجامعات والمصابين بأمراض مزمنة وكبار السن، وصولاً إلى إطلاق سراح سجناء الرأي والضمير، تنفيذاً لتوصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق».
وأكد على «التوافق على مشروع للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية (قدمت وعد مقترحاً بذلك في 2005، وكذلك في حوار التوافق الوطني الذي انتظم في يوليو/ تموز 2011».
وشدد على «التوافق على بحث تداعيات الوضع الاقتصادي وانعكاسه على الحياة المعيشية للمواطن وما افرزه من أزمات اجتماعية، ووضع اجراءات جادة لمكافحة الفساد المالي والإداري بما يسهم في تعافي الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية».
وحث على «تشكيل لجنة مشتركة بين الجانب الرسمي والمعارضة ومؤسسات المجتمع المدني المتوافق عليها بين الجانبين، لفحص ومراجعة مدى تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الإنسان العالمي، بما فيها مدى مواءمة التشريعات المعمول بها مع المبادئ الدستورية والمواثيق الدولية».
وختم الموسوي بتأكيده «التوافق على الاستعانة بالخبرات المحلية وخبراء الفقه الدستوري والقانوني من البحرينيين ومن يتم التوافق عليهم من خبرات خارجية، من أجل وضع وترجمة عناصر ومقومات الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وفق أحدث ما توصل إليه الفكر الإنساني في هذا المجال، ووضع آليات تجسيدها وفق برامج زمنية محددة متوافق عليها، وتكييف النظم والقوانين، بما فيها النظام الانتخابي النسبي والدوائر العادلة، وبما يكفل الدفع بعجلة الحل السياسي والنهوض ببلادنا نحو تحقيق الإصلاح الحقيقي والتنمية المستدامة».
العدد 5013 - السبت 28 مايو 2016م الموافق 21 شعبان 1437هـ
بحراني محايد
أحين وثيقة المنامة ما عطوكم وجه ، تبون أحد يطالع وثيقتكم ؟
هؤلاء ..
تاج راسك
اي نعم