باتت القوات العراقية أمس السبت (28 مايو/ أيار 2016) على مشارف مدينة الفلوجة، أحد أهم معاقل تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)» في العراق، وتستعد لاقتحامها بعد أسبوع من هجوم بدأته بدعم من طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وأدت العمليات العسكرية ضد المتطرفين في العراق وسورية على السواء إلى محاصرة عشرات آلاف المدنيين، فإلى جانب الفلوجة يخوض تنظيم «داعش» اشتباكات ضد الفصائل المعارضة شمال مدينة حلب السورية قرب الحدود التركية، ويواجه هجوماً يقوده الأكراد بدعم أميركي على مواقعه في شمال مدينة الرقة، معقله في سورية.
وفي محافظة الأنبار غرب العراق، وصلت قوات مكافحة الإرهاب العراقية إلى مشارف مدينة الفلوجة للمرة الأولى منذ انطلاق عملية استعادة المدينة بداية الأسبوع الجاري.
وقال قائد عمليات تحرير الفلوجة الفريق عبد الوهاب الساعدي أن «قطعات عسكرية كبيرة من جهاز مكافحة الإرهاب وأفواج طوارئ شرطة الأنبار ومقاتلي العشائر بالحشد (الشعبي) وصلت إلى معسكر طارق ومعسكر المزرعة» جنوب شرق مدينة الفلوجة.
وأكد أن «تلك القوات ستقوم باقتحام المدينة خلال الساعات القليلة المقبلة لتحريرها من داعش».
وبدأت القوات العراقية، بمساندة الحشد الشعبي، ومقاتلين من عشائر الأنبار، الإثنين هجوماً واسع النطاق لاستعادة مدينة الفلوجة بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وتخضع الفلوجة التي تعد مع الموصل أبرز معاقل المتطرفين في العراق، لسيطرة تنظيم «داعش» منذ يناير/ كانون الثاني 2014.
وفي حال تمكنت القوات العراقية من استعادة الفلوجة، لن يبقى سوى عدد من البلدات أقل أهمية منها لطرد المتطرفين من محافظة الأنبار الحدودية بالكامل.
وأثارت المعارك في محيط الفلوجة قلقاً على مصير المدنيين العالقين داخلها والذين يمنعهم المتطرفون من الخروج.
وقال مدير المجلس النرويجي، للاجئين في العراق نصر مفلحي أمس (السبت) إن الوضع في الفلوجة «يزداد خطورة كل يوم» بالنسبة إلى المدنيين الذين يضطر بعضهم إلى الفرار من حي إلى آخر رغم عدم «وجود أي منفذ آمن».
ويسيطر ما بين 500 وألف مقاتل متطرف على الفلوجة حيث لا يزال يعيش خمسون ألف مدني، نجح مئات منهم فقط في مغادرة المدينة الجمعة بمساعدة القوات العراقية.
غضب تركي
والوضع الإنساني الصعب لا يقتصر على الفلوجة، إذ يمنع تنظيم «داعش» سكان بلدات ريف الرقة الشمالي في شمال سورية من مغادرتها أيضاً.
وتواصل طائرات التحالف الدولي بقيادة أميركية قصف مواقع المتطرفين في ريف الرقة الشمالي، دعماً لهجوم بدأته الثلثاء قوات سورية الديمقراطية التي تضم بشكل أساسي وحدات حماية الشعب الكردية وفصائل عربية.
وتدعم أيضاً قوات من المهمات الخاصة الأميركية المقاتلين الأكراد على الأرض في شمال الرقة، الأمر الذي أثار غضب تركيا كونها تصنف وحدات حماية الشعب الكردية بـ «الإرهابية».
ودان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان أمس (السبت) الولايات المتحدة بسبب دعمها للمقاتلين الأكراد، خصوصاً بعدما أظهرت صور لوكالة «فرانس برس» كوماندوس أميركيين يرتدون شارات وحدات حماية الشعب في شمال الرقة.
وقال أردوغان «يجب على هؤلاء الذين هم أصدقاؤنا ومعنا في حلف شمال الأطلسي (...) ألا يرسلوا جنودهم إلى سورية وهم يرتدون شارات وحدات حماية الشعب الكردية».
واتهم أردوغان الولايات المتحدة بـ «عدم الصدق».
حركة مقيدة
وفي ريف حلب الشمالي، تغلق تركيا حدودها أمام عشرات آلاف النازحين الفارين من المعارك والذين ازداد عددهم مع فرار الآلاف من هجوم شنه تنظيم «داعش» مؤخراً ضد الفصائل المعارضة.
وأبدت المفوضية العليا لشئون اللاجئين في جنيف أمس (السبت)، «قلقها البالغ إزاء محنة نحو 165 ألف نازح» موجودين قرب مدينة اعزاز، أبرز معاقل الفصائل المعارضة في محافظة حلب.
ودارت أمس اشتباكات عنيفة وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، بين الفصائل والمتطرفين على الأطراف الشمالية والشرقية لمدينة مارع، ثاني أبرز معقل لمقاتلي المعارضة في محافظة حلب، بعدما تمكن المتطرفون الجمعة من السيطرة على خمس قرى، بينها كفرجبرين وكفر كلبين، وقطع طريق الإمداد الوحيد الذي كان يربط مارع بأعزاز.
ولا يزال نحو 13500 مدني محاصرين داخل مدينة مارع بعد هجوم المتطرفين فضلاً عن ستة آلاف آخرين في كفرجبرين وكفر كلبين، وفق بيان لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية.
وتمكنت نحو «4600 عائلة»، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، من الفرار من هجوم تنظيم «داعش» وتقدمه في القرى المحيطة بمارع ونجحت في الوصول إلى أعزاز والمنطقة الحدودية مع تركيا. وبحسب الأمم المتحدة فإن «المدنيين الفارين عالقون في مرمى النيران المتبادلة ويواجهون صعوبات للحصول على الخدمات الطبية والغذاء والمياه». وتضم منطقة أعزاز الحدودية عشرات آلاف النازحين منذ أشهر عدة. وتبقي تركيا حدودها مقفلة أمامهم رغم مناشدات المنظمات الحقوقية والدولية، ما أدى إلى تكدس هؤلاء في مخيمات عشوائية وسط ظروف معيشية مزرية.
وأوضح الناشط المعارض ومدير وكالة «شهبا برس» المحلية للأنباء، مأمون الخطيب الموجود في أعزاز لـ «فرانس برس» أن النازحين قرب الحدود يعيشون «معاناة كبيرة» متحدثاً عن «أناس موجودين في الشوارع وآخرين بين الأشجار، ووضع سيء للغاية للمخيمات» التي تم إخلاء اثنين منها الجمعة جراء قربهما من مواقع الاشتباكات.
وأشار الخطيب إلى أن إمكان تحرك النازحين «صعب جداً مع إقفال أنقرة لحدودها ووصول المعارك إلى نقاط قريبة»، مضيفاً «لا تغيير في وضع النازحين هناك ما لم يحدث تغيير في الوضع العسكري».
العدد 5013 - السبت 28 مايو 2016م الموافق 21 شعبان 1437هـ